ماذا وراء إعادة إغلاق حفتر لموانئ النفط الليبية؟

14 يوليو 2020
خلال تحرك لوقف إغلاق الموانئ (Getty)
+ الخط -

بعد 24 ساعة من إعلان المؤسسة الليبية للنفط، رفع القوة القاهرة في كامل ليبيا، وشروع ناقلة نفط في تحميل المحروقات من ميناء السدرة (600 كيلومتر شرق طرابلس)، إذا بمليشيات اللواء الانقلابي خليفة حفتر، تعيد غلق الموانئ النفطية وتضع شروطا لفتحها.

ويعكس هذا التضارب في قرار فتح أو غلق الموانئ النفطية، الصراع الدولي والداخلي الذي يجعل مليشيات حفتر غير ثابتة على قرار واحد.

فمن جهة تضغط الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الأوروبيون على حفتر وعقيلة صالح، رئيس مجلس نواب طبرق، من أجل فتح الحقول والموانئ النفطية باعتبارها دولا مستوردة للنفط.

ومن جهة أخرى تضغط دولة أو دول مصدرة للنفط، "حليفة" لحفتر، من أجل الإبقاء على الموانئ والحقول النفطية مغلقة، خاصة وأن عودة ليبيا للتصدير، الجمعة، أدى إلى انخفاض سعر برميل النفط، حيث تتولى دول بعينها تغطية الفاقد النفطي من حصة ليبيا في السوق الدولية، وتميل المؤسسة الوطنية للنفط لهذا التحليل.

السفارة الأميركية التي لعبت دورا واضحا في إعادة فتح النفط ليوم واحد فقط، عبرت بعبارات شديدة اللهجة عن "انزعاجها من التدخل الأجنبي ضد الاقتصاد الليبي".
واعتبرت السفارة في بيان لها الأحد، أن "غارات مرتزقة فاغنر (الروسية) على مرافق المؤسسة الوطنية للنفط، وكذلك الرسائل المتضاربة المصوغة في عواصم أجنبية (لم تذكرها) والتي نقلتها ما تسمّى بالقوات المسلحة العربية الليبية (مليشيات حفتر) في 11 يوليو/ تموز، أضرّت بجميع الليبيين".
لكن المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، كانت أكثر وضوحا، عندما اتهمت بشكل صريح الإمارات العربية المتحدة بإعطاء تعليمات لمليشيات حفتر بإغلاق النفط.
وشدد مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة، على ضرورة أن "تكون هناك عواقب لأفعال الدول المقوضة لقواعد النظام الدولي والتي تدمر ليبيا".
بينما تقول قناة فبراير الليبية (خاصة)، أن تراجع حفتر، السبت، عن فتح النفط جاء رضوخا لضغوط إماراتية لفرض شروط، أبرزها تعيين فرحات بن قدارة، محافظا للبنك المركزي، وإقالة المحافظ الحالي الصادق الكبير.

ويمكن أن يرتبط تراجع حفتر عن فتح الموانئ النفطية، بإصرار الحكومة الشرعية على تحرير مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) وقاعدة الجفرة الجوية (650 كلم جنوب شرق طرابلس).

في حين يأمل الجنرال الانقلابي في استعمال ورقة النفط للمساومة من أجل ضمان عدم وقوع أي هجوم على سرت والجفرة، ما سيجعل منطقة الهلال النفطي مكشوفة أمام الجيش الحكومي.

كما يأتي إغلاق حفتر لموانئ وحقول النفط، بالتزامن مع لقاء المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني وليامز، لعقيلة صالح، الجمعة، وترحيبهما بإعلان المؤسسة الوطنية للنفط رفع القوة القاهرة وإعادة فتح النفط، وتأكيدهما على ضرورة عدم وضع أي عراقيل أمام تدفق النفط، وضرورة إنفاق إيراداته بشفافية ومهنية.

وقد تأتي إعادة غلق النفط، في إطار الصراع بين حفتر وصالح، في ظل صعود أسهم الأخير دوليا، وإصرار الأول على أنه مازال الرجل القوي في الشرق الليبي.
ووضعت مليشيات حفتر عدة شروط لفتح موانئ النفط، منها إيداع عوائد النفط بدولة أجنبية، ووضع آلية شفافة للإنفاق بضمانات دولية، ومراجعة حسابات مصرف ليبيا المركزي في طرابلس لمعرفة كيف وأين أنفقت عوائد النفط طيلة السنوات الماضية.
ورغم أن البنك المركزي الليبي في طرابلس رحب، في بيان مؤرخ في 7 يوليو/تموز الجاري، بأي مراجعة دولية مستقلة لحساباته، إلا أن ذلك لا يبدو مقنعا لمليشيات حفتر.

اللافت أن بيان البنك المركزي جاء بعد يوم من اجتماع فريق العمل المعني بالشؤون الاقتصادية التابع للجنة المتابعة الدولية حول ليبيا، والذي ضم كلا من البعثة الأممية إلى ليبيا والسفارة الأميركية لدى طرابلس، ووفدي مصر والاتحاد الأوروبي، وحضره ممثلون عن فرنسا والإمارات وألمانيا وتركيا وبريطانيا وإيطاليا وسويسرا وهولندا والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، بينما لم يحضر ممثلون عن روسيا هذا الاجتماع.

وجرى الاجتماع بحضور رئيس مؤسسة النفط، حيث تم التأكيد على الدعم الكامل لقرار المؤسسة لرفع القوة القاهرة في كامل البلاد. لكن هذا الضغط الدولي لم يكن كافيا سوى ليوم واحد لإجبار الجنرال الانقلابي على وقف تدمير عصب الاقتصاد الليبي وتجويع الشعب.

واعترف حفتر ضمنيا، بحسب البيان الذي وقعه المتحدث باسم مليشياته أحمد المسماري، بأن السماح لناقلة نفط واحدة بتحميل كمية مخزنة من النفط جاء بضغط دولي، ووصف ذلك بأنه "في إطار التعاون مع المجتمع الدولي والدول الصديقة والشقيقة".

 الضغط الدولي لم يكن كافيا سوى ليوم واحد لإجبار الجنرال الانقلابي على وقف تدمير عصب الاقتصاد الليبي وتجويع الشعب

فبينما رحبت سفارات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكندا.. برفع القوة القاهرة، لم تعلن دول أخرى داعمة لحفتر موقفا صريحا من اسئتناف تصدير النفط الليبي.
وتمثل إعادة غلق الموانئ النفطية نكسة لطموحات الشعب الليبي وإخفاقا للجهود الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية أمام تعنت حفتر، لكن هل ستصمت واشنطن أمام ازدراء الإمارات وحفتر ومرتزقة فاغنر لرؤيتها في حل الأزمة الليبية؟ أكيد أن الأيام القليلة القادمة ستوضح لنا طبيعة الخطوات التي ستتخذها في هذا الشأن. 

(الأناضول)

المساهمون