مئوية سيد عويس.. تذكُّر هُتاف الصامتين

18 مايو 2014
سيد عويس مُكرّماً على مشروعي "إغاثة الشتاء" و"قطار الرحمة"
+ الخط -
"روح العمل الجماعي تغيب تماماً عن الوسط الثقافي والعلمي والعملي في مصر، حيث نعاني من نزعة العمل الفردي، وهو ما تسبب في تأخر العلوم الاجتماعية في مصر". هذا ما قالته الدكتورة هدى بدران، رئيسة الاتحاد العام لنساء مصر خلال ندوة عقدت مؤخراً في "المجلس الأعلى للثقافة" في القاهرة، بمناسبة مئوية ولادة عالم الاجتماع المصري سيد عويس (1913 ـ 1988)، بحضور ابنه الدكتور مسعد عويس.

واعتبرت بدران أن تخصيص الدولة ميزانية أقل للأبحاث الاجتماعية يؤثر على معدل الثقافة داخل أقسام علم الاجتماع في الجامعات المصرية ولا يسمح بالإبداع. فنقص البيانات التي تُقدم لباحثي علم الاجتماع تتسبب في حدوث نتائج مضللة وتأخر عملية التنبؤ بالظواهر الاجتماعية، وهو ما تأكد بعد أن تفاجأ علماء الاجتماع بثورات الربيع العربي التي كان من المفترض أن يتنبأوا بها قبل حدوثها. كما أن أسلمة النظريات الاجتماعية وما يُطرح من مصطلحات شائعة، كالاقتصاد الإسلامي، وعلم الاجتماع الإسلامي والخدمة الاجتماعية الإسلامية، يشكل خطراً كبيراً بتعبير بدران.

أما الدكتور مسعد عويس، ابن المفكر وعالم الاجتماع سيد عويس، فقال إن والده اهتم بدراسة علم اجتماع المهمّشين واستقى أبحاثه من عوالمهم. وكان حي بولاق بأهاليه و"جمعية الخدمات الاجتماعية" فيه يعد نموذجاً مصغراً لتكريس سيد عويس جهده لهموم الناس ومشاكلهم المعاشة.

وأضاف عويس أن والده حلّل ما يكتبه الناس على الميكروباص، وأن كتابه الشهير "هتاف الصامتين" سلط الضوء على هموم الطبقة المهملة والمهمّشة من جانب الحكومة، الطبقة التي كانت تعبّر عن مشاكلها وأحلامها سواء بجملة على ميكروباص أو بأغنية أو بغضب ثائر.

وأشار عويس أن كتابات والده انتصرت للمرأة، واعتبر النخبة السياسية والثقافية هي التي تمارس تمييزاً ضدها وليس رجل الشارع العادي، مشيراً إلى تكريم والده من جانب الرئيس الراحل محمد نجيب بعدما اقترح فكرتي إغاثة الشتاء وقطار الرحمة.

"سافر وعش تجربة جديدة دون وجل، فالتجارب الإنسانية الواعية قناديل في دربنا الطويل الذي قد لا يكون مفروشاً بالورود"، هذا ما خاطب به الراحل سيد عويس ابنه مسعد معبّراً عن إيمانه بالتجربة الذاتية واعتقاده بأن لها أهمية المدرسة والجامعة والكتاب.

يذكر أن سيد عويس قام بجمع الرسائل التي وجهها العامة إلى صندوق داخل مسجد الإمام الشافعي وقام بعملية تحليل مضمونها، كاشفاً بذلك الكثير عن آمال البسطاء وتوجهاتهم وآرائهم في "الدين الشعبي"، كما يطلقون عليه، وأصدرها ضمن كتاب بعنوان "رسائل إلى الإمام الشافعي".

أما الروائي والقاص يعقوب الشاروني فقال إن أبحاث سيد عويس كانت منبعاً مهماً لكتاباته الإبداعية على مدار سنوات. وأشار إلى أن الأبحاث التي تصدرها "جمعية الخدمات الاجتماعية" التي أسسها عويس عام 1974 ومؤسسة "سيد عويس للبحوث والدراسات"، تلهم الكتاب والمبدعين ممن يكتبون ضمن الاتجاه الواقعي. كما أقرّ بأن عشرات القصص التي كتبها عقب قراءة أبحاث تحليلية لسيد عويس عن مناطق عشوائية، حرّضته على النزول إليها واستكشافها.

يعتبر سيد عويس عميد علماء الاجتماع في الوطن العربي، وقد أمضى حياته في البحث عن الظواهر الاجتماعية والعادات السلوكية والموروثات القديمة التي تتحكم في المجتمع العربي بصورة عامة، والمجتمع المصري خصوصاً، من خلال الوعي الجمعي، وتتحكم في ردود أفعاله، وفي القرارات المصيرية التي يتخذها التاس في حياتهم.

هدى بدران متحدثةً في النّدوة


كان سيد عويس ضميراً واعياً للمجتمع المصري في همومه الذاتية وتطلعاته المستقبلية، حيث حمل بأمانة ثقل هذا التاريخ الذي ولع به وعايشه بشفافية وصدق، وحلّل ظواهره وسماته العامة وأبدع في نظرياته، تاركاً الكثير من الكتب والدراسات والمداخلات التي لمست جذور المجتمع بالنقد والتحليل والإرشاد النفسي والتوجيه التربوي.

المساهمون