قالت مصادر حكومية وبرلمانية عراقية، إن مسؤولين حاليين وسابقين شغلوا مناصب عليا في الدولة حصلوا على أراض في أماكن مميزة من العاصمة بغداد، وعلى عقارات تابعة للدولة تمت مصادرتها من رموز النظام السابق، بأثمان بخسة، بينما يجري بيعها بأرقام فلكية وتحقيق مكاسب كبيرة من ورائها.
وأكد مسؤول بارز في وزارة العدل، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن أكثر من 200 شخصية بمرتبة وزير ووكيل وزير وقائد فرقة وآمر لواء وشاغلي مناصب أخرى، حصلوا خلال العام الماضي 2018، على أراض في أماكن مميزة من العاصمة العراقية، وعلى عقارات تابعة للدولة تمت مصادرتها من رموز النظام السابق.
وقال المسؤول إن "عدد المسؤولين يفوق الألف شخصية خلال السنوات الخمس الماضية، غالبيتها استولت على أراض في مناطق الكاظمية والأعظمية والجادرية وبغداد الجديدة والكرادة والحارثية والمنصور والقادسية".
وأشار إلى وجود سباق بين المسؤولين على المباني والأراضي الموجودة في أحياء الكاظمية وزيونة والمنصور واليرموك حالياً، بسبب ارتفاع أسعار العقارات في هذه المناطق التي يتجاوز سعر المتر الواحد فيها الألفي دولار.
ووفق مصادر مطلعة فإن وزراء ونوابا ومسؤولين سابقين وحاليين تملكوا هذه الأراضي مقابل 10 ألاف دينار عراقي للمتر الواحد (أقل من 8 دولارات)، موضحة أن ملفات التمليك موجودة في التسجيل العقاري، ويمكن لأية لجنة رقابية الاطلاع عليها.
واستبعدت المصادر قيام البرلمان بأي إجراء للحد من هذه الظاهرة التي تزداد بشكل كبير مع تتالي الحكومات والبرلمانات، بسبب وجود عدد كبير من النواب الذين حصلوا على مبان وأراض بهذه الطريقة.
وفي السياق ذاته، رفضت عضو البرلمان العراقي، عالية نصيف، في تصريحات صحافية قبل أيام، قيام المفتش العام في إحدى الوزارات باستقطاع 400 متر من ملعب للأطفال، واتخاذها كأرض سكنية، مؤكدة في بيان، أن هذا الأمر غير شرعي، وتم وفق المحسوبيات والوساطات من قبل مفتش عام آخر.
وأضافت: "من المؤسف أن أنانية البعض جعلته يستسهل الكثير من الأمور، ومن بينها الاستحواذ على أكثر من ثلث أرض مخصصة كملعب للأطفال، إذ قام أحد المفتشين العموميين باستبدال قطعة أرض في منطقة كرادة مريم (وسط بغداد)، اتضح عدم صلاحيتها للسكن، بأرض بديلة مساحتها 400 متر مخصصة كملعب للأطفال في منطقة بغداد الجديدة، شرقي بغداد".
وشرحت نصيف أن مفتشاً عاماً آخر ساعد المفتش المخالف على القيام بهذه العملية من باب "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، وتم الاقتطاع بذريعة أن ملعب الأطفال يسبب الضوضاء، مضيفة أن "العذر أقبح من الذنب".
وكانت المحكمة الاتحادية العراقية قد ردت في مايو/ أيار الماضي، طعناً بعدم دستورية تمليك الأراضي بأسعار رمزية، مبينة أن هذا الطعن لا يرتكز على أي سند دستوري.
وفي السياق، رأى المحامي عبد السلام العبيدي أن القضاء يجب أن يكون إلى جانب الحق ويحافظ على أموال الدولة، مؤكداً في حديث مع "العربي الجديد"، أن الجميع يعلم أن بعض المسؤولين العراقيين يحصلون على العقارات في بغداد من دون مقابل يذكر.
وقال العبيدي إن "الكارثة تتمثل في أن المسؤولين يحصلون على الأرض كاملة بمبلغ يقل عن السعر الحقيقي لمتر واحد فيها"، مضيفا أن "الكثير من المناطق الراقية أصبحت زوراً ملكاً للمسؤولين والأحزاب".
ويشكو سكان بعض مناطق بغداد من تعرضهم لضغوط تهدف لإرغامهم على مغادرة منازلهم، بحجة انتماء أسرهم لحزب البعث المنحل في العراق.
وقال محمد سعدي، الذي كان يسكن حي زيونة، شرقي بغداد، إنه أرغم هو وأسرته على بيع منزلهم بسعر منخفض جداً، بعد تلقيهم تهديدات بضرورة مغادرة المنطقة خلال شهر، لأن والده كان ضابطاً في الحرس الجمهوري في عهد صدام حسين، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن منزله بيع لأحد البرلمانيين السابقين الذي تحول إلى قائد بارز في مليشيا مسلحة.