وتقول المصادر لـ"العربي الجديد"، إن "النظام في سورية منهك عسكرياً، بسبب تعرضه لسلسلة من الهزائم العسكرية المتتالية على جبهات عدة. وعلى ضوء هذا المعطى، فإن الدول الغربية ستسعى للتوجه نحو صيغة حلّ سياسي في سورية، بالاعتماد على مقررات مؤتمر جنيف 1، التي دعت إلى تشكيل حكومة انتقالية، في أفق التخلص من نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد".
وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي السوري المقيم في باريس رامي الخليفة العلي لـ"العربي الجديد"، إنه "هناك شعوراً غربياً، بأن النظام السوري يتهاوى بعد فقدانه السيطرة على محافظة إدلب، وتقدم داعش في تدمر وريف حمص الشرقي، وهذا هو الوقت المناسب للبحث عن حل سياسي". ويتابع "يأمل الغرب في أن تدفع هذه التطورات الميدانية الجديدة، النظام السوري وإيران إلى القبول بتسوية سياسية تعتمد مقررات جنيف 1، لكن الأمل يبدو ضعيفاً في الوقت الراهن".
وترى الباحثة الفرنسية آنييس لوفالوا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "باريس وواشنطن مقتنعتان بأن ضغطاً ايرانياً على الأسد، يُمكن أن يدفع بالأخير إلى قبول صيغة سياسية تعتمد قرارات جنيف 1. وتحاول باريس وواشنطن ربط التقدم في هذا الموضوع بمفاوضات الاتفاق النهائي حول الملف النووي الإيراني، المتوقع قبل نهاية الشهر المقبل".
واعتبرت أن "لا حلّ في سورية وأيضاً في العراق، لوقف تقدم داعش، سوى بفتح خط مفاوضات مباشرة مع إيران، الحليف الاستراتيجي للنظام السوري والحكومة العراقية". وأضافت أن "الضربات الجوية ضد داعش أثبتت محدوديتها وعدم فاعليتها لصد تقدمه، ومشكلة مؤتمر باريس العويصة، هي أن التحالف الدولي حتى الآن، غير مستعد للدخول في حرب حقيقية ضد التنظيم".
اقرأ أيضاً: "داعش" يدخل تدمر ومعركة أريحا تقترب
وشددت أن "الحرب الحقيقية تعني بالأساس إرسال قوات دولية للقتال على الأرض، لأنه الحلّ الوحيد الكفيل لتحقيق نتائج ملموسة. وهذا ما أثبتته العملية العسكرية الأخيرة للقوات الأميركية الخاصة، التي تمكنت من قتل القيادي البارز في داعش أبو سياف".
غير أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لا ترغب في حرب برية ضد "داعش"، قد تكبّدها خسائر كبيرة في الأرواح وتضعها في موقف حرج أمام الرأي العام في بلدانها. وعلمت "العربي الجديد"، أن "المؤتمر سيبحث أيضاً الشقّ السياسي في العراق، بغية الاصرار على ضرورة التوصل إلى صيغة اتفاق مصالحة وطنية، بين مختلف المكونات السياسية العراقية لتشكيل جبهة وطنية موحّدة ضد داعش".
ويقول المحلل السياسي العراقي المقيم في باريس جواد بشارة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الغرب وعلى رأسه فرنسا والولايات المتحدة، توصّل إلى قناعة أساسية، مفادها أن العراق ذاهب في اتجاه الانهيار والتفتت الشامل، إذا بقيت الأمور على ما هي عليه، بالنظر إلى الخلل الكبير في التوازنات السياسية وضعف الحكومة العراقية. ولا يمكن للعراق الآن أن يتخلّص من داعش ويجليه من أراضيه، إذا لم تتم إعادة هيكلة بنيوية في المؤسسة السياسية".
ويضيف بشارة "سيسعى الغرب في هذا المؤتمر إلى ايجاد صيغة دولية للضغط على كل الفرقاء السياسيين في العراق، شيعة وسنة وأكراداً، وحملهم على تجاوز اختلافاتهم وتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية، لأنها الفرصة الأخيرة قبل أن يتفتت العراق، ويدخل في جحيم حرب أهلية، ستكون كارثة كبيرة على المنطقة برمتها".
واعتبر مراقبون دوليون في باريس، أن "المؤتمر يعتبر رد فعل سريع على سقوط مدينة الرمادي الاستراتيجية في العراق، واقتراب قوات داعش من العاصمة بغداد، فضلاً عن سيطرة التنظيم على مدينة تدمر الأثرية السورية. وهو الأمر الذي أظهر بشكل واضح فشل خيار الضربات الجوية ضد التنظيم، وبرهن عن عجز ذريع للقوات العراقية في صدّ تقدمها، على الرغم الدعم العسكري الدولي ووجود المئات من عناصر القوات الغربية الخاصة لموآزرة وتأهيل القوات العراقية".
وترى مصادر دبلوماسية مطلعة في باريس، أن "أقصى ما يمكن إقراره في مؤتمر باريس هو ارسال المزيد من الضباط لتدريب وتأهيل القوات العراقية، والقيام بعمليات محدودة على الأرض تنفذها القوات الخاصة لضرب رؤوس التنظيم، وأيضاً الضغط على حكومة حيدر العبادي، ووراءها ايران، لتسليح العشائر".
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، قد أعلن أن "باريس ستحتضن المؤتمر، الذي ستتم فيه إعادة النظر في الاستراتيجية الحربية ضد التنظيم، الذي فاجئ الجميع بتقدمه، في الوقت الذي كان فيه الغربيون يعولون على تراجعه بالاعتماد على الغارات الجوية التي ينفذها التحالف بشكل شبه يومي منذ آب/ أغسطس الماضي على مواقع التنظيم في العراق بشكل خاص".
وأكد فابيوس أن "وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينمر، سيكونون من بين الحاضرين في هذا المؤتمر، الذي يشارك فيه وزراء خارجية 24 دولة من بلدان التحالف الدولي".
اقرأ أيضاً: سجناء تدمر... جحيم النظام وعبودية "داعش"