وقد أعلنت جميع الأطراف عزمها المشاركة في مفاوضات جنيف غداً، وعلى رأسها وفد المعارضة المنبثق عن "الهيئة العليا للمفاوضات"، برئاسة نصر الحريري، وفقاً لمصادر إعلامية، وسيكون بالتركيبة ذاتها التي كانت ممثّلة للمعارضة السورية في جنيف الماضي. كما يشارك وفد النظام السوري، بحضور الأطراف الدولية الفاعلة.
وقد اتضحت صورة المفاوضات التي سيخوضها المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، بعد إعلان المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أليساندرا فيلوتشي، أمس الثلاثاء، بأن "دي ميستورا، سيزور العاصمة التركية أنقرة، قبل الجولة المقبلة من محادثات جنيف". وأضافت في المؤتمر الصحافي اليومي أن "جميع الأطراف التي شاركت في الجولة السابقة من مباحثات جنيف، ستشارك في الجولة التالية التي من المتوقع أن تستمر حتى الأول من أبريل/ نيسان المقبل".
ونوّهت إلى أن "الجولة المقبلة ستبحث، كما تم الاتفاق في الجولة السابقة، موضوعات الحكومة الانتقالية، والتحضيرات لصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات، ومكافحة الإرهاب". وأوضحت فيلوتشي أن "رمزي عز الدين رمزي، مساعد دي ميستورا، هو من سيدشن الجولة المقبلة من محادثات جنيف، وسيعقد في اليوم الأول منها لقاءات ثنائية مع الأطراف المشاركة"، مع العلم بأن دي ميستورا، الذي يقوم بجولة مكوكية، بين روسيا وإيران والسعودية وتركيا، مُنع من دخول سورية، بسبب تصريحاتٍ قال فيها، إنه "لا يمكن وضع دستور جديد لسورية بوجود النظام الحالي".
وسبق أن كشف نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، يوم الإثنين، بأن "السلال الأربع تُشكّل أساس العملية التفاوضية بين أطراف الأزمة، وهي تشكيل حكومة غير طائفية خلال 6 أشهر، وصياغة دستور جديد للبلاد، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً بإشراف أممي، ومكافحة الإرهاب".
في سياق تحضيرات المعارضة، عقدت الهيئة السياسية في الائتلاف اجتماعاً، يوم الإثنين، في إسطنبول تم خلاله بحث الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف وتقييم اجتماع الهيئة العليا بالرياض، وفقاً لما أفاد مصدر في المعارضة لـ"العربي الجديد". وأوضح أن "وفد المعارضة إلى جنيف لن يطرأ عليه أي تغيير"، مشيراً إلى أن "مقر إقامة الوفد في جنيف سيكون في فندق لو رويال".
من جانبه، قال عضو "هيئة المفاوضات العليا"، أحمد العسراوي، إن "بحث المحاور الأربعة المقررة في جنيف بشكل متواز أمر معقّد، وقد يثير مخاوف لدى وفد المعارضة لأنه يعطي الطرف الثاني إمكانية الابتعاد عن الجدية بالمفاوضات، ومن هنا نرى أن البحث التراتبي لهذه المحاور هو الأنسب، فيتم أولاً بحث عملية الحكم ـ الانتقال السياسي أو هيئة الحكم الانتقالي، ثم الدستور ـ أو الإعلان الدستوري المؤقت، وصولاً إلى الانتخابات، التي تحتاج لقانون انتخابات وقانون أحزاب، ثم يأتي البند المضاف وهو مكافحة الإرهاب".
وحول البند المتعلق بالإرهاب، رأى العسرواي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "عموم الشعب السوري يريد مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، والبند لم يتم الاتفاق على بحثه بعد، وهو يحتاج إلى إيضاح بشأن المفردات والمعاني". واعتبر أنه "في حال صحت المعلومات عن مشاركة جبهة تحرير الشام، فأعتقد أنه سيؤثر سلباً على مفاوضات جنيف، وفي هذا السياق يمكنني التذكير بأن خيارنا في هيئة التنسيق هو الحل السياسي التفاوضي، وأن كل مكونات الهيئة العليا قابلة بهذا الخيار، وبأننا لا نستطيع فرض خيارنا كحل وحيد على الفصائل العسكرية المشاركة معنا مع استمرار الحل الأمني العسكري الذي يختاره النظام".
وحول إشكالية الوفد الواحد التي يطالب بها النظام وداعموه في حين يصرون على تواجد دعوات لمجموعات مثل "منصة موسكو" و"منصة القاهرة"، أفاد العسراوي بأنه "لست منحازاً للهيئة العليا للمفاوضات، لكنني أود التوضيح بأنها تشكلت بناءً على رؤية دولية بعد انعقاد اجتماعي فيينا لمجموعة العمل الدولية لدعم سورية، سنبقى نعمل للوفد الواحد لأنه ضرورة موضوعية لنجاح العملية السياسية التفاوضية".
من جانبه، أعرب نائب رئيس هيئة التفاوض العليا، يحيى القضماني، عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك" عن أسفه لـ"عدم طرح دي مستورا التفاصيل المهمة لجنيف 4 التي يجب أن تُبنى عليها جولة المفاوضات المقبلة، وإنما قدّم في إحاطته لمجلس الأمن صورة وردية، وكأننا وافقنا على السلال الأربع من دون أي تحفظات وأن النظام وافق على الانتقال السياسي، لأنه تم ذكر الانتقال السياسي عدة مرات ولم يبد أي رفض لذلك". وأضاف أنه "يجب أن يعرف السوريون أنه لا يوجد شريك لنا في هذه المفاوضات، والنظام لا يريد حلاً سياسياً ولا يملك إرادة كإرادتنا. ونحن تعاملنا مع المفاوضات بمهنية عالية وبدبلوماسية فعّالة".
وليس من المتوقع حدوث انفراج دراماتيكي في الجولة المقبلة لمفاوضات جنيف، إذ يصرّ النظام السوري على اعتبار حكومة وحدة وطنية بمثابة هيئة حكم انتقالي، وأنّ مناقشة مصير بشار الأسد "أعلى من التفاوض"، لكنّه يبدي انفتاحاً على إمكانية كتابة دستور جديد، يسمح للأسد بالترشح مرة أخرى إلى منصب الرئيس.