مؤتمر اقتصاديي الشرق الأوسط: التنوع ضرورة لامتصاص صدمات النفط

25 مارس 2016
من الجلسة الافتتاحة لمؤتمر منظمة اقتصاديي الشرق الأوسط(العربي الجديد)
+ الخط -
تعرّض اقتصاد المنطقة العربية، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، لصدمات خارجية عديدة وفي مقدمتها تهاوي أسعار النفط العالمية، ما دفع الحكومات والخبراء إلى البحث عن آليات جديدة لمواجهة هذه الصدمات.

وفي هذا السياق، أكد المشاركون في المؤتمر السنوي الخامس عشر لمنظمة اقتصاديي الشرق الأوسط الذي اختتم فعالياته، أمس الخميس، في العاصمة القطرية الدوحة، على ضرورة تنويع الاقتصاد لامتصاص الصدمات الخارجية التي أثّرت سلباً على الموازنات والاحتياطيات النقدية لدول الخليج.

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، جودة عبد الخالق، في المؤتمر الذي استضافه معهد الدوحة للدراسات العليا، إن منطقتنا تتعرض إلى صدمة خارجية مصدرها السوق النفطية العالمية، مشددا على أن دول المنطقة ستظل تتعرض إلى صدمات خارجية طالما رهنت اقتصاداتها بإيرادات النفط.

كما اعتبر أن حكومات دول المنطقة عليها إنهاء جمود سياساتها الاقتصادية، والتوجه نحو وضع سياسات مرنة قادرة على التكيّف مع الصدمات المشابهة لصدمة انخفاض أسعار النفط الحالية.


وأكد عبد الخالق أن المرونة في السياسات الاقتصادية تقتضي من دول الخليج إعادة النظر في ربط عملاتها بالدولار الأميركي وفق سعر ثابت، لأنها تخسر بذلك ما يوفره سعر عملة مرن من قدرة على التحكّم في استقرار الاقتصاد. واقترح عبد الخالق أن تفكر هذه الدول في ربط عملاتها بسلة عملات بدلا من الدولار فقط.

ودعا أيضا إلى تعزيز إيرادات الموازنة من مصادر غير متقلّبة، مثلما هي حال إيرادات النفط التي تجعل الاقتصاد رهينة الصدمات الخارجية للسوق العالمي، مشيرا إلى أن وضع سياسة ضرائب قد يكون موردا مستقرا لإيرادات الموازنات.

وفي المقابل، طالب عبد الخالق بتقليص الدعم الحكومي، موضحا أن العديد من بنود الإنفاق في الموازنات الحكومية يمكن إلغاؤها بسهولة.

وشدد على ضرورة أن تضع دول المنطقة، وخصوصاً دول الخليج، قواعد تنظيمية تتحكّم في حركة رؤوس الأموال في أسواق المال في المنطقة، وأبرزها ما يتعلق بدخول رؤوس أموال من الخارج وخروجها أيضا، لأن الوضع الحالي يهدد الأسواق المالية بتأثيرات كبيرة لأي صدمات خارجية.

واقترح الاستغناء عن العمالة غير الماهرة، والتي ليست الدول في حاجة ماسة إليها، في مقابل التوجه نحو يد عاملة ماهرة، من أجل المساهمة في امتصاص صدمة تهاوي أسعار النفط.

وشهدت أسعار النفط العالمية تراجعاً حاداً بأكثر من 70% منذ شهر يونيو/ حزيران، حيث انخفض سعر البرميل من 115 دولاراً إلى أقل من 40 دولاراً حالياً.

وما ساهم في تهاوي الأسعار عدم اتفاق كبار المنتجين على خفض أو تحديد سقف للإنتاج، ما زاد من تخمة المعروض، وسعت منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) وروسيا إلى وقف نزيف النفط عبر اجتماع عقد في العاصمة القطرية الدوحة الشهر الماضي، والذي توصل إلى اتفاق لتثبيت الإنتاج عند شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، إلا أن تطبيقه ما زال يواجه مصاعب، ما دعا المنتجين إلى الاتفاق على الاجتماع مرة أخرى في الدوحة في 17 أبريل/ نيسان المقبل.

بدوره، أكد عميد كلية الإدارة العامة واقتصاديات التنمية في معهد الدوحة للدراسات العليا ورئيس منظمة اقتصاديي الشرق الأوسط، حسن علي، أن توجهات النقاشات التي شهدها المؤتمر تمحورت حول تنويع الاقتصاد.

وأشار إلى أن الخبراء أكدوا خلال المؤتمر على ضرورة تطوير التعليم في دول المنطقة، من أجل بناء اقتصاد قائم على المعرفة، مع الحاجة إلى تطوير إنتاج المعرفة والابتكارات التكنولوجية، موضحا أن تنويع التعليم هو السبيل نحو تحقيق تنويع الاقتصاد.


ودعا علي إلى دور أكبر للدولة كفاعل في اقتصاد السوق من خلال دور تنظيمي وتوجيهي يوجه فرص الاستثمار نحو القطاعات التي يحتاجها الاقتصاد لتحقيق تنمية مستدامة.

ورأى أن أحد عوامل القوة الكامنة لاقتصادات دول الخليج أصبح يشكل تحديا اليوم بسبب سوء الاستفادة منه، وهذا العامل هو توفر إمكانيات استقطاب عدد غير محدود لليد العاملة، وهو عامل مهم في القدرة على تنويع الاقتصاد.

كذلك، اعتبر أن "هذا العامل أصبح سلبيا بسبب طغيان اليد العاملة غير المؤهلة على تركيبة العمال الأجانب في دول مجلس التعاون الخليجي". وقدّر أن أحد الحلول الممكنة لهذا الوضع يكمن في تحديد حد أدنى للأجور للعمال في دول مجلس التعاون، على أن يكون أجرا متوافقا مع مستويات تكاليف المعيشة في هذه الدول، وهو ما سيقلّص استقدام أعداد كبيرة من العمالة.


اقرأ أيضا: مؤتمر اقتصاديي الشرق الأوسط: التنويع وإنهاء الارتهان للنفط ضرورة
المساهمون