مأساة ثلاثة سوريين قابعين في مطار إثيوبي طيلة أسبوعين

بيروت

مريم مجدولين اللحام

avata
مريم مجدولين اللحام
30 يناير 2019
B2CF74D0-E208-4312-ADB3-D3E9B707E825
+ الخط -

لا تقتصر الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه على الصامدين في الداخل، بل يتضرر كثيرون في الشتات، حيث يلاحقهم الخوف على المداخل حول العالم، مؤيدين ومعارضين، بعد أن صارت الهويّة السورية سبباً للإهانة المستترة خلف شماعة قوانين تأشيرات الدخول.


عمر الحلاق شاب سوري عاش في لبنان لمدة سبع سنوات، وهو أسير مطار في إثيوبيا منذ السادس عشر من الشهر الجاري، بعد رفض السلطات اللبنانية عودته إلى بيروت عقب عودته من رحلة إلى السودان لعقد قرانه، رغم امتلاكه إقامة صالحة حتى شهر يوليو/تموز 2019، ورُحل قسراً إلى السودان في رحلة ترانزيت عبر أديس أبابا دون الانتباه إلى أنه لا يملك تأشيرة تخوّله الوصول إلى وجهته النهائية في إهمال من قبل الطيران الأثيوبي والأمن العام اللبناني.

تواصل "العربي الجديد"، مع عمر الحلاق (23 سنة) عبر تطبيق "واتساب" من مطار أديس أبابا، بعد أن قضى نحو أسبوعين محتجزاً هناك دون حاجياته. ظل خلالها يرتدي نفس الثياب، ويأكل البسكويت والعصير، ولا يستطيع الاستحمام، ويفترش الأرض الباردة كي ينام بضعة ساعات إلى أن تأتي شرطة المطار لإيقاظه واثنين سوريين آخرَيْن عالقيْن في المطار كلّما حطّت طائرة.

وروى عمر ما حدث معه قائلاً: "أقمت في لبنان منذ أغسطس/آب 2012. أثناء إقامتي خطبت فتاة سورية لجأت إلى كندا عن طريق الأمم المتحدة، وبعدها قررنا الزواج، إلا أن السلطات اللبنانية رفضت إعطاءها تأشيرة للعودة إلى لبنان، كما لو أن هنالك قراراً ضمنياً برفض استقبال أي سوري كان في لبنان وخرج منه. تحتم علينا السفر إلى السودان للزواج قبل أن نرسل أوراقنا إلى كندا للم الشمل".
وأضاف: "لدي ورقة من الداخلية اللبنانية تثبت أنه لا أحكام قضائية ضدي؛ صادرة في ديسمبر/كانون الأول 2018، وقمت بترجمتها بناء على طلب السفارة الكندية تحضيراً لإجراء المعاملات الرسمية".


وأكمل "لم تكن الحكومة السودانية قد أصدرت قراراً رسمياً يقضي بفرض تأشيرة دخول على المسافرين السوريين القادمين إليها، فكان سفري ودخولي إلى السودان سهلاً، ولم أعلق في الترانزيت. تزوجنا ومكثنا حتى انقضاء شهر الفيزا، وبعدها عادت زوجتي إلى كندا سالمة، وتوجهت عائدا إلى لبنان، لأفاجأ بمنع دخولي دون إبلاغي بسبب المنع، متجاهلين سريان إقامتي، فبقيت محتجزاً في غرفة الأمن العام يوماَ كاملاً قيد إعادتي إلى السودان".



وأضاف: "خلال تواجدي في مطار بيروت أخبرت أهلي، وطلبت استدعاء كفيلي، إلا أن السلطات رفضت التواصل معه رغم تواجده في المطار مع أخي، وتم تخييري بين الترحيل القسري إلى سورية، أو العودة إلى المكان الذي قدمت منه، وهو السودان، فاخترت طبعاً السودان خوفاً من التجنيد الإجباري".
وختم الحلاق أن موضوعه ليس سياسياً، وأن تهمته الأساسية هي أنه سوري. "هذه نتيجة يتحمل مسؤوليتها النظام في دمشق، وقد سئمت الناس قصصهم، وصارت روايات انتهاكهم لحقوق البشر لا تثير شفقة أحد لكثرتها".

وقال كفيل الشاب السوري، سميح الكوسى، من منطقة عكار اللبنانية، لـ"العربي الجديد"، إنه لم يتنازل عن كفالته لعمر الحلّاق، وأشاد بحُسن سلوكه.

وبالتواصل مع مكتب الطيران الأثيوبي، شرح لـ"العربي الجديد"، أنه تم ترحيل الحلاق بطلب من الأمن العام اللبناني بسبب وجود منع دخول لسبب "أمني".
وقال رئيس مكتب الشؤون الإعلامية في الأمن العام اللبناني، العميد نبيل الحنون، إنه لا يعلم أي شيء عن الموضوع، وإنه علينا إرسال كتاب ليأتي التوضيح إن كان واجباً بعد ذلك.


استطاع الشاب السوري تأمين تأشيرة دخول إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، له ولشخصين سوريين عالقين في المطار معه، كانا متجهين إلى السودان قبل صدور قرار وجوب الفيزا، إلا أن السلطات الإثيوبية رفضت تسليم الثلاثة جوازات سفرهم، أو السماح لهم بالاتجاه نحو أربيل كونها ليست من الدول المعترف بها إفريقياً، رغم وجود رحلات من مطار أديس إلى أربيل، ولكن ليس على الخطوط الإثيوبية.

وقال عدّاي العبد (33 سنة)، وهو سوريّ أقام في لبنان كلاجئ لعدة سنوات، إنه وجد فرصة عملٍ ثابتة في مالاوي، فانتقل إليها، ولمّا اختلف مع صاحب العمل، قرر ترك البلاد متّجهاً نحو السودان قبل وجوب وجود تأشيرة لدخولها.
وشرح أن الخطوط الأثيوبية قبلت أن تنقله إلى السودان دون التنبه لعدم وجود فيزا، "حاولوا أيضا إعادتنا جميعاً بالقوة إلى سورية عبر السودان، وأتى عناصر الأمن حاملين جوازات سفرنا التي قالوا إننا لن نحصل عليها، وبطاقات طيران وجهتها الأولى السودان والأخيرة سورية، لكننا رفضنا الذهاب. لا نريد العودة، كما أن ثالثنا رجل أعمال مطلوب أمنياً منذ عشرين عاماً ويخاف الإفصاح للإعلام عن هويته".

ذات صلة

الصورة
خلال إعداد دبس العنب (العربي الجديد)

مجتمع

يعد دبس العنب، الذي تعرف منطقة راشيا الوادي شرقي لبنان بإنتاجه، قيمة غذائية وصحية لخلوه من المواد الحافظة، وإضفائه طعماً حلواً على المأكولات.
الصورة
ركام المبنى المستهدف بالغارة الإسرائيلية (محمد سلمان)

مجتمع

دمرت غارة إسرائيلية استهدفت عدداً من قادة حزب الله مبنى سكنياً في ضاحية بيروت الجنوبية، ما أوقع شهداء وجرحى بينهم أطفال ونساء.
الصورة
تظاهرة أمام السفارة اللبنانية في واشنطن 20 سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر ناشطون أمام السفارة اللبنانية في واشنطن ضد الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان واحتجاجاً على الموقف الأميركي.
الصورة
مخيم نزوح في مدينة القضارف - شرق السودان - 14 يوليو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

في تحذير جديد، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنّ الجوع والنزوح وتفشي الأمراض، وسط حرب السودان المتواصلة، تشكّل "مزيجاً قاتلاً".
المساهمون