تكرر الحديث أخيراً عن استقالة وزراء في حكومة الاعتدال الإيرانية برئاسة حسن روحاني، تلاه نفي صريح لما وصفته الحكومة نفسها بالإشاعات التي تهدف لتضليل الداخل. وبرز اسم وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، من بين هؤلاء الوزراء، ليعلن ظريف، أمس الإثنين، أن كل الأحاديث عن استقالته، لأسباب تتعلق بضغوط مرتبطة بالانسحاب من الاتفاق النووي، غير دقيقة. وجاء ذلك مباشرة بعد مشاركته في جلسة برلمانية للرد على انتقادات النواب حول السياسة الخارجية الإيرانية وآلية تعاطيها مع الانسحاب الأميركي من الاتفاق، وتأخر أوروبا في تقديم الضمانات، وكلها ملفات ضاغطة تستخدم لتوريط الحكومة داخلياً.
وتزامنت الضغوط مع إرسال ثمانية وزراء في حكومة روحاني رسالة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، مطالبين فيها بتسريع صك لوائح مجموعة العمل المالي لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال "فاتف"، وبالضغط باتجاه الانضمام لاتفاقيتي مكافحة تمويل الإرهاب و"باليرمو" لمكافحة الجريمة المنظمة، العالقتين في مجمع التشخيص، الذي من المفترض أن يبت في الخلاف الحاصل بين البرلمان ولجنة صيانة الدستور حولهما، وهو ما نقلته مواقع مقربة من المحافظين. ورغم صحة ذلك، لكن مصادر محافظة أيضاً أكملت ما جرى بالقول إن الوزراء هددوا بتقديم استقالات جماعية بحال لم يتحقق مطلبهم، خصوصاً مع اقتراب موعد نهاية المهلة التي منحتها تلك المجموعة الدولية لإيران لتشطب اسمها من على القائمة السوداء، وهو ما نفته مصادر قريبة من الحكومة المعتدلة.
جاء ذلك كله بعد تأكيدات بأن خامنئي نفسه كان قد طلب من نواب في البرلمان إيقاف جلسات الاستجواب المكررة لوزراء روحاني، والتي انتهت بإطاحة بعضهم، ما يزيد من الضغط الداخلي على الرئيس، انطلاقاً مما حلّ بالاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات وصولاً لعدم قدرة حكومته على حل المشكلات المحلية التي ربطتها بملفات خارجية. صحيح أن ارتفاع وتيرة التراشق بين المعتدلين والمحافظين أمر مبرر، لكن ازدياد المسافة بين المعتدلين وحلفائهم الإصلاحيين يجعل المأزق أكثر تعقيداً. فروحاني الذي يُعرّف نفسه بأنه على خط الوسط أصبح متهماً بالميل أكثر نحو اليمين لأنه يجاريه أحياناً، وبإغفال أن تحالفه مع الإصلاحيين هو ما أوصل المعتدلين للرئاسة وللحكومة ولمقاعد البرلمان أيضاً. كل هذا يصب ضمن إطار حملة للضغط على روحاني وتياره في الداخل لأغراض انتخابية. فالتيارات تستعد لخوض السباق التشريعي العام المقبل، ما يُعرّض الحكومة المعتدلة لضغوط محلية ولمحاولات انتزاع أوراق قوتها أمام الشارع بالاستفادة من ملفات عالقة، داخلياً وخارجياً.