ليون يلعب آخر أوراقه الليبيّة: حوار بجنيف الأسبوع المقبل

11 يناير 2015
ليون حذر من تغيّر لغة المجتمع الدولي (الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن مساعي رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون، تتقدّم، بعدما نجح في دفع أطراف الأزمة الليبية نحو الحوار مجدّداً، إذ أعلنت البعثة، أمس، أن الفرقاء الليبيين وافقوا على استئناف الحوار الأسبوع المقبل في جنيف السويسرية.
وقالت البعثة، على موقعها الإلكتروني، إنّ الحوار سيركز حول ما تبقى من إدارة المرحلة الانتقالية، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تحظى بدعم واسع، وتحضير بيئة مستقرة، تمكّن من إقرار دستور دائم للبلاد، ووضع ترتيبات أمنية تهدف إلى إنهاء الاقتتال الداخلي.
واقترح الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، على أطراف النزاع تجميد أعمال القتال لتهيئة بيئة مناسبة للحوار.

ورغم إعلان بعثة الأمم المتحدة بليبيا عن قبول جميع الأطراف الليبية عقد حوار بينها في جنيف، غير أنّ عضو مجلس النواب المنحل، سهام سرقيوه، أفادت بأن المجلس يعقد اجتماعاً الاثنين المقبل لمناقشة موعد انعقاد الحوار.
وأضافت أن اللجنة التي ستمثل البرلمان ستتكون من 12 عضواً، موزعين بالتساوي على جنوب وشرق وغرب ليبيا، وأن أعضاء الجنوب بالمجلس اختاروا ممثليهم، في انتظار اختيار أعضاء الشرق والغرب الليبي لممثليهم.
وفي السياق، قالت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، إن هناك أعضاء في المؤتمر الوطني يطالبون بعقد جلسات الحوار في الجزائر، وهو ما قد يعني رفض الطرف الآخر لذلك، إذ إن الجزائر كانت قد رفضت التدخل العسكري الخارجي في الشأن الليبي حتى ولو كان عربياً، وهو ما اعتبره بعض أعضاء مجلس النواب المنحل انحيازاً من الجزائر للمؤتمر الوطني العام.
وبحسب المصادر، التي فضّلت عد نشر أسمائها، فمن المتوقع ألا تكون جلسات الحوار في جنيف تقابلية، إذ ستقوم بعثة الأمم المتحدة بليبيا، برئاسة برناردينو ليون، بنقل وجهات نظر كل فريق إلى الآخر في غرف مغلقة.

وكان ليون قد التقى رئيس المؤتمر الوطني العام، نوري أبو سهمين، في طرابلس، وحاول أن يجمع بين أطراف الأزمة الليبية المتحاربة شرق وغرب ليبيا عسكرياً، والمختلفة حول شرعية برلمانين وحكومتين منبثقتين عنهما. وقال ليون، لقناة "سي إن إن" الأميركية، إنه يعمل على تقريب وجهات النظر وعقد حوار ينتهي بحكومة وحدة وطنية كأولوية، ومن ثم الاتفاق على آليات الاستقرار التي ينبغي أن تشمل وقف إطلاق النار وسحب المسلحين من جميع الأماكن العامة، خصوصاً الأماكن الاستراتيجية. وهذا الامر ينبغي أن يكون للمجتمع الدولي دور فيه مع الليبيين، إضافة إلى وجوب إحياء العملية الدستورية، ليكون الدستور جزءاً من الحوار الذي قد يُشكّل عامل اتفاق بين كل الأطراف المتنازعة.

وبعث ليون برسالة لطرفي الصراع، من خلال تصريحه للقناة الأميركية، مفادها بأن لغة المجتمع الدولي قد تنتقل من السياسي التفاوضي، إلى حلول أخرى لم يفصح عنها ليون، لكنه لمّح إلى أنها لن تكون ذات طابع تفاوضي بقدر ما ستكون لها ملامح تدابير أو عقوبات، مع إقراره بأنها ستكون طويلة الأمد.

وأشار المبعوث الدولي إلى أن وقت الفرص القائمة لا يتعدى الأسابيع، وهو ما يعني، بحسب مراقبين، أن ليون لم يعد لديه ما يقدّمه للأزمة الليبية، واستقرت محاولاته الراهنة حول تشكيل حكومة وفاق وطني، وسحب القوات المسلّحة للطرفين من كافة المرافق العامة والمدن الليبية.

ويرى المراقبون أن أفق الحل السياسي في ليبيا لا يزال بعيداً، إذ إن كل الأطراف المتصارعة على الساحة الليبية سياسياً وعسكرياً، لم تقم بإجراءات عملية لتخفيض التوتر في مناطق الصراع في بنغازي، وحول ميناء السدرة، وفي محيط قاعدة الوطية، غربي ليبيا.

كما أن بعض أطراف الصراع ترى أن وجودها أصبح مرهوناً بالحرب الدائرة، وأن أي خطوة للوراء، تعني نهايتها السياسية، ولهذا لا بد من انتصار أحد الأطراف، في ظل تورّط عدة فرقاء في جرائم حرب وضدّ الإنسانية، خصوصاً بعد الأزمة الإنسانية التي تعانيها مدن شرق ليبيا، والتي وصلت حد صعوبة الحصول على ماء الشرب، وانقطاع الكهرباء المستمر، والاتصالات، وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

دعوات للتظاهر ضدّ حفتر

وبدأت تتفاعل ظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تنتشر دعوات للتظاهر في مدينة بنغازي، شرقي ليبيا، ضد محاولات اللواء المتقاعد خليفة حفتر السيطرة على بنغازي، ورفض ظاهرة الصحوات من المدنيين الذين حملوا السلاح وقاتلوا مع قوات حفتر.

مروّجو الدعوة حدّدوا يوم الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني الحالي، موعداً لانطلاق تظاهراتهم في بنغازي، على الرغم من صعوبة التظاهر في بيئة تُستعمل فيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، إضافة للقصف الجوي على الأحياء السكنية.

كما أن أصواتاً شبابية بدأت تعلو في مدينة المرج، أهم المعاقل المؤيدة لحفتر، وإحدى أهم مدن شرق ليبيا تمويلاً لعملية "الكرامة" على بنغازي بالمقاتلين العسكريين والمدنيين، ترفض عملية "الكرامة"، كما ظهر في تظاهرة نظمها عشرات المحتجين في المدينة، وحمّلوا خلالها هذه العملية سوء الأوضاع الإنسانية في موسم شتوي شديد البرودة في ليبيا هذا العام.

ويرى بعض المحللين أن مبادرة ليون لن توقف الحرب الدائرة في ليبيا، ولا التقارب الخليجي سيفعل، ولا دبلوماسية القاهرة، بل ضغط الشارع في شرق ليبيا وغربها على كلا الطرفين، لدفعهما للجلوس إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الحرب، في ظل دخول شرق ليبيا في أزمة إنسانية لم يكن يتوقعها في أسوأ الظروف، إلا أنها طرحت على الكثير من مؤيدي حفتر أسئلة تتعلق بنهاية حرب وجدوا أنفسهم في وسطها بل ووقودها.

كما أن الغرب الأميركي أو الأوروبي، بعد إعلانه الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، لم يعد لديه الكثير من الحلول أو الخطط لليبيا، وعبّر عن عجزه من خلال فشل ليون في التوصل لحل سياسي حتى الآن، خصوصاً إذا ما علمنا أن مسؤولاً رفيعاً في وزارة الخارجية الأميركية قال لمحافظ ليبيا المركزي، الصديق الكبير، أثناء زيارته للعاصمة واشنطن، إن الولايات المتحدة ليست لديها حلول أو خطط لليبيا.

المساهمون