تكتظّ شوارع قطاع غزّة وأزقّة حاراته بمظاهر الفرح التي يبدأ الأطفال برسمها في مختلف المناطق بعد انتهاء إفطارهم الرمضاني، عبر ألعاب مختلفة، إن بالركض أو بـ"الشقاوة" حين يستخدم الأطفال الألعاب النارية وغيرها.
واعتادت شوارع القطاع المزيّنة "على خجل" بحبال الزينة والفوانيس الرمضانية، على "ضجّة" يُحدثُها الأطفال الذين تتعالى أصواتهم بعد أذان المغرب، "مرحب شهر الصوم مرحب"، حاملين في أيديهم الفوانيس الصغيرة، الحديثة، ويدوية الصنع.
العادة السنوية للأطفال لم تتغيّر عن السابق، لكنّ حدّتها خفّت نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها قطاع غزّة المحاصر منذ تسع سنوات، وعدم تمكّن ذوي عدد من الأطفال من توفير الألعاب الرمضانية، التي تمكّنهم من مشاركة باقي أقرانهم من الأطفال.
يخرج الأطفال فور انتهائهم من تناول طعام الإفطار إلى المحلات التجارية لشراء الحلويات و"الشيبس" (شرائح البطاطس) والألعاب، لتبدأ جولة من المشاغبة تستمرّ حتّى حلول صلاة التراويح، فيذهب عدد منهم إلى الصلاة برفقة والده، وعدد آخر يكمل اللعب.
التوأمان كرم وكريم عبد الرازق (12 عاماً)، شُغِلا برفقة أصدقائهما بلعبة كرة "الطابة" الصغيرة، التي يتقاذفها الأطفال في ما بينهم فور بدء اللعبة، لإخراج من تصيبه خارج اللعبة، في منطقة تل الهوا، إلى الجنوب الغربي من مدينة غزة.
يقول كريم: "لا نتمكن غالباً من اللعب في نهار رمضان لأسباب عديدة، أوّلها أنّنا صائمون، كذلك لا نحب إزعاج كبار السنّ وجيراننا الصائمين، لكن بعد المغرب نتجمع أنا وأشقائي وأصدقائي للعب في الأرض الفارغة المقابلة لمنزلنا".
أما شقيقه كرم، الذي بدا أكثر "شقاوة"، فيقول: "أحبّ الألعاب النارية، خصوصاً إشعال سلك الجلي ولفّه بطريقة دائرية تظهر بمشهد جميل"، لافتاً إلى أنه يستخدمها في الأرض الخاوية، رغم تنبيه والديه بعدم استخدامها. ويشير إلى أنه يشارك أصدقاءه بمختلف الألعاب الجماعية.
المشهد في باقي المناطق لم يختلف كثيراً عن منطقة تل الهوا، خصوصاً في المناطق التي تعجّ بالأطفال، كحي الشجاعية، وحي الزيتون، ومنطقة الصبرة والرمال، ومخيمات اللاجئين المنتشرة في القطاع.
في حي الزيتون، الواقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة غزّة، انسجم الطفل صبحي أبو سعدة مع مجموعة أطفال يلعبون كرة القدم في أحد الملاعب الصغيرة، وإلى جانبهم مجموعة أخرى راح أفرادها يلعبون بالمسدسات البلاستيكية، والمائية.
يقول أبو سمير أبو سعدة، والد صبحي، لـ"العربي الجديد": "من حقّ الأطفال اللعب والترفيه عن أنفسهم، يكفيهم حروباً وخوفاً، علينا أن نساعدهم في تخطي الحالة النفسية السيئة التي قد تصيبهم نتيجة الأحداث والممارسات الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين، سواء في غزّة أو أيّ من المدن الفلسطينية".
هذا ولم يتمكن أطفال قطاع غزّة في الموسم السابق من ممارسة "شقاوتهم" الرمضانية المفضّلة بسبب العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في السابع من رمضان الماضي، واستمرّ 51 يوماً، استشهد خلاله نحو 2200 شهيد، بينهم أكثر من 530 طفلاً.
إقرأ أيضاً: إفطار فوق الدمار: عائلة غزّاوية تنتظر ترميم منزلها