ليلى مقدم : 500 مليون دولار لتحسين حياة المصريين

17 نوفمبر 2014
ليلى مقدم ممثل بنك التنمية الأفريقي في مصر(العربي الجديد)
+ الخط -
أشارت الممثلة المقيمة لبنك التنمية الأفريقي في مصر، ليلى مقدم، أن البنك عازم على دعم مصر، للخروج من دائرة الأزمات الاقتصادية. وتقول في مقابلة مع "العربي الجديد" إن تمويلات البنك ستحسّن حياة المصريين.
وهنا نص المقابلة:

*تمر البلاد بمرحلة استثنائية نتيجة تأزم الوضع الاقتصادي، ما هي خطة بنك التنمية الأفريقي في مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة وسط مساعي حكومية لانتشال البلاد من الأزمات الحالية واستعادة الاستثمارات الأجنبية؟

تشهد مصر تحولات اقتصادية كبيرة، وتواجه تحديات متعددة تتعلق بتنفيذ خطط إصلاح منظومة الدعم، وهيكلة الضرائب، بالإضافة إلى جذب حزمة من الاستثمارات. وتشجع هذه العوامل بنك التنمية الأفريقي على لعب دور مؤثر في القطاعات التي تحتاج استثمارات ضخمة.

*ما هي هذه القطاعات؟ وهل ستؤثر مباشرة على حياة المواطنين؟

يأتي في مقدمة القطاعات التي سيدعمها البنك الأفريقي، مشاريع في توليد الكهرباء عبر محطات الطاقة التقليدية، مثل الغاز الطبيعي والمازوت، ومحطات الطاقة المتجددة التي تعتمد على أشعة الشمس والرياح. بالموازاة مع ذلك، يدعم البنك مشاريع أنظمة المياه والري، وقطاع التمويل، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وهذه المشاريع ستساهم في تحسين حياة المصريين، وتأمين خدمات عامة ذات جودة للمواطنين.

*كم تبلغ قيمة الاستثمارات التي سيضخها البنك في السوق المصرية خلال العام المقبل؟

سيوجه البنك خلال العام المقبل حوالى 500 مليون دولار أميركي نحو السوق المصرية على شكل قروض، وستطال هذه القروض مشاريع القطاعات التي ذكرتها، أي المتعلقة بالكهرباء والمياه والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وهو رقم كبير، مقارنة بحجم الاستثمارات السنوية التي يوجهها بنك التنمية الأفريقي إلى بلدان القارة السمراء.

*هل وضعتم قائمة مشاريع محددة داخل هذه القطاعات لتوجيه التمويلات المستهدفة نحوها؟

كلا، فالوقت مازال مبكراً للحديث عن مشاريع بعينها داخل القطاعات. ولكن يجري بنك التنمية الأفريقي حالياً مشاورات ومباحثات مع الحكومة المصرية، حول المشاريع الأكثر احتياجاً للتمويل، وفقاً لأجندة الدولة. وتهدف المشاورات إلى تحديد نصيب تمويل البنك منها، فضلاً عن تحديد الآجال الزمنية المطلوبة لتنفيذ المشاريع.
يحتاج الأمر على ما أعتقد إلى مجهودات ودقة كبيرة في اختيار المشاريع داخل القطاع الواحد، لأن مصر في حاجة إلى ضخ استثمارات كبيرة. لذلك لا بد من توظيف التمويلات المتاحة حتى الآن في المشاريع الأكثر تأثيراً في تحسين حياة المواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

*تطمح الحكومة إلى أن يضخ القطاع الخاص استثمارات تقدر بنحو 31.6 مليار دولار أميركي خلال العام المالي 2014- 2015. فهل سيخصص بنك التنمية الأفريقي حصة من الـ500 مليون دولار للشركات الخاصة؟

بالطبع، سيكون القطاع الخاص أحد الأطراف المهمة في تنفيذ خطة "التنمية الأفريقي" في مصر خلال عام 2015.
وسيوجه الدعم بالخصوص نحو مجال الطاقة؛ لأن الحكومة تتبنى خطة الاعتماد على القطاع الخاص في بناء محطات الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح.
وللإشارة لعب "التنمية الأفريقي" دوراً مهما خلال العام الحالي، بتعزيزه التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية، عبر بوابة القطاع الخاص. تم هذا الدور من خلال منح البنك التجاري الدولي لمصر مبلغ 50 مليون دولار أميركي. وتم تسليم هذا المبلغ على شكل "خطابات ضمان" (إقرار بتسديد الديون والمستحقات في الوقت المحدد) للصفقات التجارية المُصدرة من المصارف الأفريقية لمدة 3 سنوات. ويتضمن الاتفاق قيام "التنمية الأفريقي" بضمان 50% من قيمة الاعتمادات المعززة من قبل "التجاري الدولي" والمُصدرة من المصارف الأفريقية، ويرفع هذا الإجراء من إجمالي قيمة التعاملات إلى 100 مليون دولار أميركي سنوياً.

*ذكرتم أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة ستحظى بنصيب من خطط "التنمية الأفريقي". فما هي أبرز ملامح رؤية البنك لمعالجة هذا الملف الحساس، في ظل وصول معدلات البطالة إلى 14% والفقر إلى 27%؟

نُدرك جيداً أن مصر بحاجة إلى توفير فرص عمل عديدة لمواكبة نمو التعداد السكاني سنوياً. ومن هذا المنطلق، كانت المشاريع الصغيرة والمتوسطة البوابة الأكثر فعالية لمساعدة المواطنين والاقتصاد بشكل عام. تتسم هذه المشاريع بكونها كثيفة العمالة وتخاطب حاجات المواطنين بصورة مباشرة. وقد خصص بنك التنمية الأفريقي بالفعل 400 مليون دولار أميركي على مدار ستة أعوام منذ عام 2009 حتى العام الحالي، لدعم هذا النوع من المشاريع. وتعادل قيمة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة حوالى 20% من إجمالي قيمة التمويلات التي وفرها البنك خلال تلك الفترة، والتي بلغت 2 مليار دولار أميركي.

*وما هي الآلية التي يعتمدها بنك التنمية الأفريقي في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟ وكيف يمكن للمواطن الإفادة من هذا التمويل مباشرة؟

يفضل البنك التوجه نحو التمويلات من خلال مؤسسات التمويل المحلية، لاستغلال معرفتها الجيدة بالمشاريع والمناطق الأكثر حاجة للاستثمارات. فضلاً عن وضع برامج تناسب المواطنين، ووضع آليات مدروسة لتحصيل القروض الممنوحة بفائدة منخفضة. وكمثال على ذلك، منح صندوق التنمية الأفريقي تمويلات بقيمة 200 مليون دولار أميركي للبنك الأهلي المصري، بغرض توجيهها نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة الماضية.

*رغم الحديث عن تقديم مساعدات مالية لمصر، إلا أن هناك انتقادت وُجِهت "للتنمية الأفريقي" تعاتبه على تركيز مساعداته نحو دول شمال أفريقيا مثل تونس والمغرب، على حساب مصر خلال العامين الماضيين. فما تعليقك على ذلك؟

لا يمكن صياغة مثل هذه الأمور الحساسة بهذه الصورة البسيطة، لأن مصر وتونس والمغرب دول كبيرة لها ثقلها في القارة الأفريقية. ومن مصلحة البنك دعم هذه الدول، لأن أي تطورات تنموية ستحدث بها ستنعكس على الدول الأفريقية بأسرها.

*ولكن هناك شواهد على تقليص الدعم المقدم من "التنمية الأفريقي" لمصر، أبرزها تراجع البنك عن تمويل مطار شرم الشيخ الدولي بقيمة 416 مليون دولار أميركي خلال عامي 2012- 2013 رغم وصول المفاوضات حينها إلى مراحل متقدمة؟

شهدت مصر تحولات سياسية كبيرة خلال العامين الماضيين؛ ما دفع البنك إلى تحليل الأوضاع جيداً، حتى يتمكن من ضخ التمويلات في المشاريع الأكثر احتياجاً وتأثيراً في الدفع بعجلة التنمية. وامتدت هذه السياسة حتى العام الحالي، وهو ما يتجلى في عدم وصول حجم المساعدات المالية إلى مستويات كبيرة. ويعتزم بنك التنمية الأفريقي الآن إعادة النظر في بعض المشاريع التي كان يمكن تمويلها خلال الفترة الماضية.

*هل ذلك يعني أن البنك سيعيد التفكير في تمويل مطار شرم الشيخ الدولي؟
نعم سنقوم بفتح خط المفاوضات والمناقشات مع الحكومة المصرية. ولكن لن يتحمل بنك التنمية الأفريقي هذه المرة تمويل تكلفة إنشاء المطار بالكامل، نظراً لضخامة المشروع. لذا ستدور المناقشات مع وزارة النقل الجوي المصرية ومؤسسات تمويلية دولية أخرى، حول أسلوب هيكلة التمويل المطلوب وحجم المساهمة التي يمكن أن يقدمها "التنمية الأفريقي" لهذا المشروع بالذات.

*ما هو تقييمكم للخطوات التي تقوم بها الحكومة المصرية حاليا بخصوص الإصلاحات الاقتصادية ً؟

قطعت الحكومة شوطاً جيداً في القيام بالإصلاحات الصعبة التي تأخرت طويلاً. وعلى رأس هذه الإصلاحات الأساسية، يأتي برنامج إلغاء الدعم عن الطاقة تدريجياً، لتخفيف الأعباء الملقاة على الموازنة العامة، بالموازاة مع إجراء إصلاحات ضريبية تتعلق بـ"ضريبة الدخل"، بغرض زيادة إيرادات الدولة. تحدثنا مع الحكومة المصرية حول طبيعة الإصلاحات التي تمضي في تنفيذها، لأنها تتطلب توفير بيئة استثمارية وتشريعية جاذبة للمشاريع والمستثمرين.

*هل يعتزم "البنك الأفريقي" لعب دور في تمويل مشاريع محور قناة السويس؟
ما زال الحديث عن مشاريع المحور سابقاً لأوانه؛ لأن الحكومة تعكف حالياً على تنفيذ المرحلة الأولى المتعلقة بشق تفريعة جديدة للقناة الحالية، وبناء ستة أنفاق في محافظتي الإسماعيلية وبورسعيد. ويترقب البنك الانتهاء من هذه المرحلة والإعلان عن المخطط العام لمشاريع محور قناة السويس. وسنبحث حينها مدى إمكانية المساهمة في تمويل أيّ من هذه المشاريع.

*تحتل قضية التمكين الاقتصادي للمرأة مكانة رئيسية ضمن السياسات المعلنة لبنك التنمية الأفريقي، فما هي الخطوات التي اتخذها البنك لتدعيم وضع المرأة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها القارة عامةً؟

سلك بنك التنمية الأفريقي مسارين رئيسيين في التعامل مع ملف التمكين الاقتصادي للمرأة: الأول يتمثل في إطلاق حملات توعية في مجتمعات شمال أفريقيا لتوضيح أن انخراط النساء والرجال معاً في العمل ينعكس على تحسن دخل الأسرة بوجهٍ خاص، والمجتمع عموماً. لأن أي إنتاج تضيفه المرأة سيؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم تحقيق نمو اقتصادي شامل يستفيد منه كل المجتمع.
أما المسار الثاني، فيرتكز على خلق فرص عمل للسيدات من خلال تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعد بوابة رئيسية لدخول المرأة إلى سوق العمل. بل إن انخراط الفتيات في التعليم بقوة خلال السنوات العشر الماضية أتاح أمامهن فرصة حقيقية للانتقال من المشاريع التقليدية متناهية الصغر إلى مشاريع ريادة الأعمال، وتحديداً في المجال التكنولوجي. هذه المشاريع ستساهم بطبيعة الحال في تمكين المرأة، وفي زيادة مساهمتها في الاقتصادات الوطنية، إضافة إلى أن عمل المرأة يساعد الأسر في زيادة مداخيلها.
المساهمون