ليلة سقوط بطل العالم..فاز بالاستحواذ وهربت فرنسا ببطاقة النهائي

08 يوليو 2016
ألمانيا خرجت بهدفين نظيفين (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -
في ليلة ما، ذهبت إلى مطعم ليلي وكنت مع امرأة، تحدثنا كثيراً وقتها، ضحكنا وتبادلنا الحديث وطلبت لها أكثر من مشروب حتى الخامسة صباحاً، ليأتي رجل غريب ويأخذها ثم تذهب معه بعيداً عن المكان ولا تعود، هذا التصرف لم يزعجني أبداً لأنني حصلت على الاستحواذ الأكبر طوال تلك الليلة"!

فاجأ جورجي سامباولي، عندما كان مدرب شيلي، جميع الصحافيين بعد مباراة شيلي وأوروغواي ضمن تصفيات أميركا اللاتينية، والتي انتهت بفوز المنافس بالثلاثة، رغم أن فريقه كان الطرف الأفضل وحصل على الحيازة بنسبة تصل إلى 73 %، بهذه التصريحات الغريبة، ليربط بين قصته مع الفتاة الجميلة وعلاقته بكرة القدم، مؤكداً أن الهزيمة بهذه الطريقة لم تجرحه كثيراً، مثلها مثل المرأة التي ظلت معه لفترة طويلة ثم ذهبت إلى رجل آخر!

سقوط البطل
أعادت مباراة ألمانيا وفرنسا تصريحات سامباولي إلى الواجهة، فالفريق الألماني سيطر تماما على الشوط الأول، ونجح في كسر سرعة أصحاب الأرض، وأجبرهم على العودة إلى مناطقهم الدفاعية، ولم يكتف بذلك بل هاجم بضراوة وأضاع لاعبوه أكثر من فرصة مؤكدة، وبعد أن اعتقد الجميع أن الشوط الأول في طريقه لتقدم المانشافت أو التعادل، ارتكب القائد شفاينشتايغر خطأ ساذجاً ليحصل الفرنسيون على ضربة جزاء حولها غريزمان في الشباك قبل لحظات من الاستراحة.

سقط بطل العالم دون سوابق، وفشل الألمان في الجمع بين المونديال واليورو، رغم أنهم سيطروا تماما على المباراة، ووصلت نسبة الاستحواذ إلى أكثر من 68 %، مع إضاعة مهاجميه أكثر من فرصة مؤكدة بالشوط الثاني، ليسجل أنطوان هدفا آخر ويؤكد تواجد بلاده في النهائي الكبير أمام البرتغال.

لم تحصل ألمانيا على بطاقة المرور في النهاية، وتركتها فرنسا رفقة الحيازة والسيطرة مع صفر هدف طوال التسعين دقيقة، رغم أن يواكيم لوف بدأ القمة بتكتيك حاسم للغاية، عندما قرأ أفكار ديشامب وحاصره بثلاثة لاعبين وسط في المنتصف، شفايني في الخلف وأمامه كل من كروس على اليسار وكان على اليمين، مع أوزيل ودراكسلر في الرواق خلف المهاجم الوحيد توماس موللر.

المبادرة سلاح
تنافس الطرفان في الشوط الأول على انتزاع المبادرة الهجومية، ولعب ديشامب بنفس تكتيك مباراة أيسلندا، بوضع بوغبا وماتويدي في العمق، مع الضرب في الهجوم بثلاثي ناري، باييت وغريزمان وسيسوكو خلف جيرو، لكن لوف تعامل مع هذا الضغط بذكاء، وأشرك ثلاثيا قويا في منطقة الارتكاز، ليكسر سريعا من نسق المنافس، ويجبره على الدفاع فقط مع محاولة الرد بالمرتدة.

3 أمام 2، كان هذا عنوان الشوط الأول باختصار، شفايني خلف كروس وكان في حصار حقيقي للثنائي بوغبا وماتويدي، ومع صعود الظهيرين كيميتش وهيكتور إلى الأمام دخل أوزيل ودراكسلر في العمق، ليسيطر الألمان تماما على منطقة المناورات بنحو 5 لاعبين دفعة واحدة، مما أدى إلى فصل بوغبا تماما عن البقية، وإجبار كل من باييت وغريزمان على العودة إلى مناطقهم، لمقابلة أظهرة المانشافت، وهو المطلوب إثباته!

هاجمت ألمانيا بتكتيك 2-3-5؛ بواتينغ وهوفيديس في الدفاع فقط، مع خط وسط متنوع وعميق، رفقة ثنائي من الأظهرة في أعلى الملعب الفرنسي، ليفوز لوف بمنطقتي العمق والرواق، مع صناعة خطورة أكبر عن طريق دخول أوزيل في العمق، من أجل تقدم إيمري كان إلى منطقة الجزاء دون رقابة، رفقة كيميتش أمام باتريس إيفرا، ليهرب حامل لقب المونديال في أكثر من كرة لكن يقظة الدفاع الفرنسي وجسارة لوريس كانا في الموعد.

خسارة رغم السيطرة
من الممكن أن تضمن الاستحواذ لكنك لا تحقق الفوز، ومن الوارد أن تسيطر بشكل جزئي ولا تصل إلى الهدف، هذا ما حدث بوضوح مع يواكيم لوف، فالفريق الألماني استحوذ بشكل شبه كلي، وسيطر على معظم تفاصيل اللقاء، لكنه تحول إلى جانب متأخر بسبب هفوة لا تغتفر أثناء ركنية، وبمجرد تخلفه في النتيجة، لم يفقد استحواذه لكنه خسر بوضوح سيطرته على تفاصيل القمة، لذلك رغم أنه أضاع فرصا مؤكدة في الشوط الثاني، إلا أنه لم يكن بنفس ثبات الجزء الأول من المباراة.

سددت ألمانيا كرة يتيمة على المرمى في الشوط الثاني، مع السماح لغريزمان بالحرية الكاملة أمام مرمى نوير، وافتقد الفريق للسرعة في منطقة الارتكاز الخلفي، فشفايني بطيء للغاية في تحركاته وقراراته، كذلك تراجع إيمري كان كثيرا وخرج من أجواء المباراة رغم لعبه، ليجبر أوزيل على العودة كثيرا إلى الخلف من أجل استلام الكرات خلال الفترة الحاسمة من المباراة، كلها عوامل أفقدت الألمان الانسجام المطلوب من أجل الفوز.

موللر هو الآخر لاعب رائع ولا خلاف عليه، لكنه ضعيف بعض الشيء في البطولة ككل، وسلبي للغاية في خانة المهاجم الصريح، فاللاعب يعشق دائما الهروب إلى الفراغات، وكونه يلعب في المركز 9، فإنه مطالب بفتح الفراغات لغيره وهذا أمر صعب للغاية بالنسبة لمهارته الضعيفة بالكرة، لذلك ابتعد توماس كثيرا عن زملائه، ولم يشترك في أي لعبة منظمة طوال التسعين دقيقة، إنها واحدة من أسوأ مبارياته على الإطلاق.

لوف تحت المجهر
أثبت يواكيم لوف قوته خلال السنوات السابقة بوصوله مع المانشافت إلى النهائيات الأخيرة، مع فوزه بكأس العالم في 2014، لكنه من المدربين الذين يسقطون كثيرا حينما يتأخرون في النتيجة، حدث ذلك أمام إسبانيا في 2010، ثم إيطاليا في 2012، وأخيرا ضد فرنسا بالمباراة الأخيرة، ليضع حوله علامات استفهام عديدة في ما يخص هذه النقطة السلبية على مستوى قلب النتيجة وإجراء التغييرات.

أشرك المدرب لاعبه غوتزه مكان إيمري كان، ليضيف لاعبا آخر في الهجوم مع فقدان قوة المنتصف، لأنه أجبر كروس على العودة كثيرا لمساندة شفايني، العجوز الذي استمر حتى الدقيقة 79 بدون أي فائدة، ليشرك الشاب ساني في آخر 10 دقائق فقط، ويتجاهل تماما لاعب ارتكاز شابا ومميزا بقيمة جوليان فيجيل، نجم دورتموند خلال الموسم الماضي، وهمزة الوصل التي كانت ستضيف الكثير في حالة البدء بها على مقربة من توني كروس منذ بداية المباراة.

دفع البطل أيضا ثمن اختياراته قبل البطولة، من خلال استبعاد أكثر من مهاجم واستدعاء ماريو غوميز فقط، ليخسر الهجوم كثيرا بعد إصابة المهاجم الخبير، كل هذه الأمور السابقة مع التغييرات المتأخرة ونقص الاعتماد على بعض الشبان الصغار، أدت إلى سقوط ألمانيا بالضربة القاضية الفنية في مارسيليا؛ خروج مرير رغم الاستحواذ!

المساهمون