ليكن درساً مفيداً

11 يونيو 2017
قطر تملك البدائل لإشباع أسواقها بالمنتجات (فرانس برس)
+ الخط -





لا خوف على قطر والقطريين والمقيمين، من الحصار، بسبب ارتفاع الدخول، وإنتاج الدولة النفطي والغازي وصناعتها البتروكيماوية. هذا إن لم نأت على صادراتها وما تملك من أصول ومنشآت في الخارج، أو ما لديها من مصارف وسيولة بالداخل وصندوق سيادي في الخارج. إذ ببساطة، ستتهافت أكبر الدول الصناعية لإشباع السوق القطرية بما تحتاج، ومن هم في قطر، بكل مستلزماتهم.

ومع وجود السوق الكويتية والعمانية المفتوحتين ومبادرات أصدقاء الدوحة الآخرين، من المستحيل الضغط على القطريين، لثنيهم عن مواقفهم أو قبولهم مرغمين بشروط من ينفذون الحصار، بعدما سدوا على قطر المنفذ البري الوحيد "معبر سلوى" وحاصروها بحراً وجواً، في خطوة يقال فيها وحولها الكثير، نظراً لكونها سابقة، طاولت مصالح الشعب ولقمة عيشه.

ورأينا وقرأنا الكثير، عن قوة اقتصاد قطر واستثماراتها في الخارج وارتباط اقتصاديات كبرى بإنتاجها الغازي والنفطي، ومتانة العلاقات الاقتصادية للدوحة مع دول كثيرة، تأتت من المصالح المتبادلة حيناً، ومن نهج قطر الديمقراطي بقية الأحايين، والذي أعلنته الدوحة كحالة مخالفة لمحيطها، ما عرّى ربما بعض التعاطي الخليجي، وكان السبب الحقيقي لمحاصرتها.

إذ لا جديد بما قيل حول "حماس" والإخوان المسلمين وقناة الجزيرة، سوى زيارة الرئيس الأميركي وقممه في الرياض، وما أريد له أن يكون صواعق تفجّر تراكمات واختلافات، تعدت وجهات النظر، لتصل ربما بواقع التصعيد، إلى مرحلة "نكون أو لا نكون".

قصارى القول: أليس من الغرابة على اقتصاد يزيد حجمه على 170 مليار دولار، أن يُمسَك أهله من لقمة عيشهم، ليتم ثني قيادته عن قرارات تعتبر سيادية؟

وأيضاً، أليس من المستغرب أن اقتصاد الدولة الأولى في تصدير الغاز المسال في العالم، والذي حقق فائضاً تجارياً بلغ 2.7 مليار دولار في شهر واحد، كإبريل/نيسان الفائت، لا يعرف القائمون عليه، طريقاً لتنويع مصادر الاقتصاد، وخاصة أنهم لدغوا من الجحر ذاته سابقاً في عام 2014، وقت سحبت بعض الدول الخليجية تمثيلها الدبلوماسي من قطر، وارتفعت وقتذاك أسعار بعض السلع والمنتجات المستوردة من تلك الدول، وبمقدمتها السعودية، أضعافاً مضاعفة.

ترى لو أعلنت قطر اليوم، عن مناقصات للشركات التركية كمثال، عن بناء مزارع دجاج وأغنام وتسمين أبقار، تؤمن لسوقها اللحوم ومشتقات الحليب التي استوردتها من تركيا أمس، ومناقصات أخرى عن تحلية المياه وتوطين صناعات غذائية مختلفة، لتستورد المواد الأولية من السودان، أيضاً على سبيل المثال، فكيف سيكون المشهد لجهة تأمين أبسط مستلزمات السوق القطرية، وطبعاً تبقي على الاستيراد لتحقيق التنافسية على صعيد تحسين الجودة وكسر الأسعار.

أما إن قال قائل، إن مناخ دولة قطر الحار وعدم إنتاجها مواد أولية، يجعل من هذه الحلول مجرد طروحات مثالية، فسيكون الرد ببساطة، أن قطر تطوّع المناخ لمصلحتها، بدليل ما فعلت وستفعل، استعدادا لمونديال كأس العالم عام 2022، فضلاً عن أن ارتفاع تكاليف توطين الزراعة والصناعة ومهما بلغت، تبقى أقل من الاستيراد، والأهم أنها تحصّن الدول بحالات استثنائية، كالتي تعيشها قطر اليوم.

وأما إن سأل آخر، وهل التوقيت الآن مناسب، للبناء والتوطين واستيراد الآلات ومستلزمات الإنتاج، فسيكون الجواب، طبعاً مناسب، لا بل إنه مناسب جداً، فإضافة إلى تأمين مستلزمات السوق وتنويع مصادر الاقتصاد، سيحمل القيام بهذا الأمر رسالة سياسية لمن يهمه الأمر، بأن قطر وخلال الظروف الطارئة، قادرة أن تبني للمستقبل.



المساهمون