ليس اليورو مشكلة اليونان

16 فبراير 2015
اليونان تواجه أزمة في تسديد ديونها (أرشيف/getty)
+ الخط -


ظلت اليونان، منذ العام 1832 هانئة بعملتها الوطنية "دراخما"، وفي العام 2002 أجيب طلبها الانضمام إلى حزام العملة الأوروبية اليورو، فقد لبّت شَرطيْ الانضمام الرئيسين، وهما ألا يزيد العجز العام على ناقص 3% من الدخل المحلي الإجمالي، وأن يكون عبء الدين العام أقل من 60% من هذا الدخل.

ومع أزمة الديون، ركز اليونانيون على اليورو، ورأوه سبب مأزقهم، وهو الذي استقبلوه ببهجة لافتة (64% أيدوا الانضمام لحزامه)، لكن المأزق، في حقيقة أسبابه، يعود إلى رزايا توطنت في طبيعة الأداء الاقتصادي وأوصلت البلاد إلى محنتها.

تماماً مثلما يحدث في الدول النامية التي يوقف نموّها الفساد والبيروقراطية والتهرب الضريبي وارتفاع معدلات الاستهلاك والإنفاق عن مستوى الدخل، فقد مرت اليونان بمراحل اقتصادية زاهية، وظفر شعبها بأحد أعلى مستويات المعيشة في العالم، وظل هذا المستوى عالياً حتى العام 2012 (29 على قائمة الأمم) بشفاعة صناعات السفن والنقل البحري والأطعمة والتبغ والمنسوجات والكيماويات والمشتقات البترولية والطاقة المتجددة وغيرها.

لكن سوء الأداء، أوقع اليونان التي شهدت معجزة اقتصادية بعد التدمير الذي طالها في الحرب العالمية الثانية؛ في أزمة ديون خانقة، أعيت الاتحاد الأوروبي الذي خف لنجدتها ولم ينجح، حتى بعد أن ضخ إليها قرضاً إنقاذياً عاجلاً (45 مليار دولار) على أن تتبعه قروض أخرى تصل إلى 110 مليارات في حال اعتمدت اليونان تدابير تقشف.

وبخلاف ما قيل إن من يهُن يسهل الهوان عليه؛ رفض اليونانيون خطة التقشف التي وضعها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، فهؤلاء كانوا يريدون، بمعاييرهم الحسابية، إعادة الوضع المالي العام في اليونان، إلى حال العجز بنسبة 15.4% من إجمالي الدخل المحلي، والدين العام إلى 126.6% منه، علماً بأن ذلك سيجعل اليونان ذات أكبر عجز في دول الاتحاد الأوروبي.

لكن تدابير التقشف، لم تسهل على اليونانيين الذين قابلوها بغضب عارم، ووقعت اضطرابات هددت استقرار البلاد، لكن الوضع ازداد سوءاً، فاستمر ارتفاع الديون بمعدلات سريعة. ومع حلول موعد الانتخابات العامة، اقتنص الحكم تحالف اليسار الراديكالي "سيريزا" المعارض للتقشف، والذي بدأ حركته في اتجاه كسر جليد الأزمة بأقل الأكلاف.

وربما أحس الحكم الجديد، أن شطب رزايا الأداء وأشخاصه، سيكون كافياً لتخطي الأزمة!

المساهمون