أحياء عديدة في العاصمة الليبية، طرابلس، يقيم سكانها في مبانٍ آيلة للسقوط، فعمر أغلبها قد تجاوز التسعين عاماً، وبالرغم من تحذيرات السلطات وطلبات الإخلاء وسقوط بعض المباني فعلياً، ما زال كثير منها آهل بالسكان حتى اليوم.
حددت اللجنة المكلفة بحصر وتوثيق المباني الآيلة للسقوط ببلدية طرابلس هذه الأحياء وهي بالخير، وميدان الشهداء، وشارع عمر المختار، والمسيرة الكبرى، ومنطقة الظهرة، وهي أكثر الأحياء اكتظاظاً بالسكان، كما تمثل وسط العاصمة الرئيسي، ويسكن فيها بحسب كتاب مصلحة الإحصاء والتعداد لعام 2010، نحو 542 ألف نسمة، يرافقون خطر الموت في كلّ لحظة.
إثر سقوط أحد المباني المتهالكة في سبتمبر/ أيلول 2013، قال وزير الإسكان والمرافق، علي الشريف، إنّ المبنى قديم جداً فقد أنشئ عام 1923، مشيراً إلى أنّ هناك العديد من المباني المشابهة معرضة للسقوط في أيّ لحظة.
وبالرغم من تأكيد الوزير أنّ السلطات طلبت إخلاء هذه المباني منذ سنوات، يتساءل السكان أين يذهبون وأين يعيشون. وهو ما اعترف به الوزير بالقول: "لعدم وجود المخزون اللازم للإسكان ما زال هناك كثير من الأسر في هذه المباني".
اقــرأ أيضاً
يؤكد صلاح طريش، وهو من سكان بالخير، أنّ الاهتمام الحكومي يتجدد كلما سقط أحد المباني: "اختفى الإحصاء بعد حادثة 2013، وتجدد إثر حديث الإعلام عن سقوط مبنى بالقرب من برج طرابلس عام 2014، ليختفي مجدداً بعدها". يتابع: "كلنا يعرف أنّها مساكن غير صحية، وبعض أطفالنا ونسائنا يعانون من أمراض جراء الرطوبة المتزايدة وتسرب مياه الأمطار والصرف الصحي، لكن أين نذهب، وأين نسكن؟". يشير إلى أنّ أحدث تلك المباني أنشئ في مطلع سبعينيات القرن الماضي.
بالرغم من إعلان الحكومة منذ عام 2013 عن جهوزيتها لتوفير 1200 وحدة سكنية عاجلة وطارئة، وأنّها بصدد إضافة عدد آخر من الوحدات، لاستيعاب السكان من هذه الأماكن كحلّ مؤقت قبل توفير مساكن لائقة بهم، فإنّ بقاء هؤلاء يشير إلى عدم إيفاء السلطات وعودها.
يدافع عبد الكريم هويدي، من هيئة السلامة الوطنية، عن إجراءات الحكومة بالقول إنّ "أغلب سكان هذه الأحياء جرى تعويضهم منذ سنة 2007، بمبالغ مضاعفة كما طلبوا، ليتمكنوا من شراء سكن بديل، لكنّ أغلبهم تقاضى المبلغ ولم يغادر". يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "سقوط مبانٍ عام 2013 وفي الأعوام التالية وعددها ثلاثة، لم يخلف قتلى كونها خالية من السكان، ويمتلك أهلها بديلاً يعيشون فيه"، مشيراً إلى أنّ بعض السكان رفض التعويض لأنّه يرفض نزع ملكيته التي تعود لأجداده مثلاً، أو مساومةً للسلطات للحصول على تعويض آخر.
لا ينفي هويدي وجود سكان في بعض المباني، لكنّه يؤكد أنّ السلطات سعت قدر جهدها لتجاوز وقوع كوارث، موضحاً أنّ هيئة السلامة زرعت عدداً من الدعامات الحديدية، كأحد الإجراءات الاحترازية، في بعض العمارات الآيلة للسقوط، لتأخير سقوطها، ولتمكين السكان من مغادرتها، لكنّ أيّاً منهم لم يغادر. يتابع: "نعم، كان مشروع تعويض السكان يهدف إلى تملّك رموز النظام السابق وسط المدينة، وقد حدث ذلك بالفعل في حي سوق الثلاثاء إذ أزيل بالكامل بعد تعويض سكانه وتحويله إلى أرض جاهزة لإقامة مشروع تجاري لمصلحة أحد أبناء (الزعيم الراحل) معمر القذافي، لكنّ هذا لا يعتبر سبباً كافياً لمعارضة القرارات بأن يضحي السكان بأرواحهم".
اقــرأ أيضاً
يردّ طريش: "ما زالت ملفاتنا في مصرف الادخار العقاري محفوظة في الأدراج برفقة قرار صرف التعويضات، لكنّي أتحدى أيّ مسؤول أن يثبت أنّنا تسلمنا ديناراً واحداً"، مشيراً إلى أنّ التعويضات دفعت لسكان مبانٍ قديمة في أحياء أخرى تصلح لإنشاء مشاريع تجارية وسياحية مكانها. يتابع: "عشرات الجهات المختصة زارتنا منذ عام 2002 ضمن مشاريع سيف الإسلام القذافي التنموية، وصدرت قرارات بالتعويض لكنّها لم تصرف لكلّ الأحياء القديمة"، لافتاً إلى أنّهم راجعوا وزارة الإسكان وتأكدوا من توافر قاعدة بيانات كاملة لديها حول مساكنهم وأحيائهم المتهالكة لكنّ السلطات متوقفة عن تنفيذ قراراتها: "آخرها حكومة الوفاق التي وعدت ولم تفِ، وقالت لنا مؤخراً إنّها تنتظر الميزانيات، وبالرغم من توافرها لم تصرف لنا شيئاً".
من جانبه، يؤكد، نجمي حسن، من وزارة الإسكان والمرافق، في حكومة الوفاق، على حق سكان هذه الأحياء بالعيش في مساكن لائقة، لكنّه يشير إلى تراكم مشاكل الوزارة بسبب توسع الأزمة. يوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "أزمة النازحين من مناطق تعيش أزمات أمنية كانت تحتاج إلى معالجة عاجلة جداً، إذ يقدر عددهم بنصف مليون نازح دخلوا إلى طرابلس، وأعداد أخرى في مدن أخرى يعيش بعضهم في خيام وبقايا منازل". يلفت إلى أنّ بعض الأسر سكنت في البيوت الجاهزة والمتنقلة التي تعود إلى الشركات الأجنبية التي غادرت البلاد، ويقول: "مباني الأحياء القديمة جرى حصرها بالتعاقد مع شركات بهدف صيانة وترميم بعضها لتلافي المشكلة، لكنّ الشركات لم تتمكن أو لم توافق على العودة إلى البلاد بسبب الأزمة الأمنية وما تواجه العاصمة من مشاكل"، مؤكداً أنّ بعض سكان هذه الأحياء تلقوا بالفعل تعويضات في السابق لكنّهم لم يغادروا.
حددت اللجنة المكلفة بحصر وتوثيق المباني الآيلة للسقوط ببلدية طرابلس هذه الأحياء وهي بالخير، وميدان الشهداء، وشارع عمر المختار، والمسيرة الكبرى، ومنطقة الظهرة، وهي أكثر الأحياء اكتظاظاً بالسكان، كما تمثل وسط العاصمة الرئيسي، ويسكن فيها بحسب كتاب مصلحة الإحصاء والتعداد لعام 2010، نحو 542 ألف نسمة، يرافقون خطر الموت في كلّ لحظة.
إثر سقوط أحد المباني المتهالكة في سبتمبر/ أيلول 2013، قال وزير الإسكان والمرافق، علي الشريف، إنّ المبنى قديم جداً فقد أنشئ عام 1923، مشيراً إلى أنّ هناك العديد من المباني المشابهة معرضة للسقوط في أيّ لحظة.
وبالرغم من تأكيد الوزير أنّ السلطات طلبت إخلاء هذه المباني منذ سنوات، يتساءل السكان أين يذهبون وأين يعيشون. وهو ما اعترف به الوزير بالقول: "لعدم وجود المخزون اللازم للإسكان ما زال هناك كثير من الأسر في هذه المباني".
يؤكد صلاح طريش، وهو من سكان بالخير، أنّ الاهتمام الحكومي يتجدد كلما سقط أحد المباني: "اختفى الإحصاء بعد حادثة 2013، وتجدد إثر حديث الإعلام عن سقوط مبنى بالقرب من برج طرابلس عام 2014، ليختفي مجدداً بعدها". يتابع: "كلنا يعرف أنّها مساكن غير صحية، وبعض أطفالنا ونسائنا يعانون من أمراض جراء الرطوبة المتزايدة وتسرب مياه الأمطار والصرف الصحي، لكن أين نذهب، وأين نسكن؟". يشير إلى أنّ أحدث تلك المباني أنشئ في مطلع سبعينيات القرن الماضي.
بالرغم من إعلان الحكومة منذ عام 2013 عن جهوزيتها لتوفير 1200 وحدة سكنية عاجلة وطارئة، وأنّها بصدد إضافة عدد آخر من الوحدات، لاستيعاب السكان من هذه الأماكن كحلّ مؤقت قبل توفير مساكن لائقة بهم، فإنّ بقاء هؤلاء يشير إلى عدم إيفاء السلطات وعودها.
يدافع عبد الكريم هويدي، من هيئة السلامة الوطنية، عن إجراءات الحكومة بالقول إنّ "أغلب سكان هذه الأحياء جرى تعويضهم منذ سنة 2007، بمبالغ مضاعفة كما طلبوا، ليتمكنوا من شراء سكن بديل، لكنّ أغلبهم تقاضى المبلغ ولم يغادر". يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "سقوط مبانٍ عام 2013 وفي الأعوام التالية وعددها ثلاثة، لم يخلف قتلى كونها خالية من السكان، ويمتلك أهلها بديلاً يعيشون فيه"، مشيراً إلى أنّ بعض السكان رفض التعويض لأنّه يرفض نزع ملكيته التي تعود لأجداده مثلاً، أو مساومةً للسلطات للحصول على تعويض آخر.
لا ينفي هويدي وجود سكان في بعض المباني، لكنّه يؤكد أنّ السلطات سعت قدر جهدها لتجاوز وقوع كوارث، موضحاً أنّ هيئة السلامة زرعت عدداً من الدعامات الحديدية، كأحد الإجراءات الاحترازية، في بعض العمارات الآيلة للسقوط، لتأخير سقوطها، ولتمكين السكان من مغادرتها، لكنّ أيّاً منهم لم يغادر. يتابع: "نعم، كان مشروع تعويض السكان يهدف إلى تملّك رموز النظام السابق وسط المدينة، وقد حدث ذلك بالفعل في حي سوق الثلاثاء إذ أزيل بالكامل بعد تعويض سكانه وتحويله إلى أرض جاهزة لإقامة مشروع تجاري لمصلحة أحد أبناء (الزعيم الراحل) معمر القذافي، لكنّ هذا لا يعتبر سبباً كافياً لمعارضة القرارات بأن يضحي السكان بأرواحهم".
يردّ طريش: "ما زالت ملفاتنا في مصرف الادخار العقاري محفوظة في الأدراج برفقة قرار صرف التعويضات، لكنّي أتحدى أيّ مسؤول أن يثبت أنّنا تسلمنا ديناراً واحداً"، مشيراً إلى أنّ التعويضات دفعت لسكان مبانٍ قديمة في أحياء أخرى تصلح لإنشاء مشاريع تجارية وسياحية مكانها. يتابع: "عشرات الجهات المختصة زارتنا منذ عام 2002 ضمن مشاريع سيف الإسلام القذافي التنموية، وصدرت قرارات بالتعويض لكنّها لم تصرف لكلّ الأحياء القديمة"، لافتاً إلى أنّهم راجعوا وزارة الإسكان وتأكدوا من توافر قاعدة بيانات كاملة لديها حول مساكنهم وأحيائهم المتهالكة لكنّ السلطات متوقفة عن تنفيذ قراراتها: "آخرها حكومة الوفاق التي وعدت ولم تفِ، وقالت لنا مؤخراً إنّها تنتظر الميزانيات، وبالرغم من توافرها لم تصرف لنا شيئاً".
من جانبه، يؤكد، نجمي حسن، من وزارة الإسكان والمرافق، في حكومة الوفاق، على حق سكان هذه الأحياء بالعيش في مساكن لائقة، لكنّه يشير إلى تراكم مشاكل الوزارة بسبب توسع الأزمة. يوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "أزمة النازحين من مناطق تعيش أزمات أمنية كانت تحتاج إلى معالجة عاجلة جداً، إذ يقدر عددهم بنصف مليون نازح دخلوا إلى طرابلس، وأعداد أخرى في مدن أخرى يعيش بعضهم في خيام وبقايا منازل". يلفت إلى أنّ بعض الأسر سكنت في البيوت الجاهزة والمتنقلة التي تعود إلى الشركات الأجنبية التي غادرت البلاد، ويقول: "مباني الأحياء القديمة جرى حصرها بالتعاقد مع شركات بهدف صيانة وترميم بعضها لتلافي المشكلة، لكنّ الشركات لم تتمكن أو لم توافق على العودة إلى البلاد بسبب الأزمة الأمنية وما تواجه العاصمة من مشاكل"، مؤكداً أنّ بعض سكان هذه الأحياء تلقوا بالفعل تعويضات في السابق لكنّهم لم يغادروا.