وأعلن السراج، مساء أمس، تعديلاً وزارياً طاول حقائب الداخلية والمالية والاقتصاد والرياضة والشباب، وذلك بتكليف علي عبد العزيز العيساوي بمهام وزير الاقتصاد والصناعة خلفاً للوزير السابق ناصر الدرسي، وتكليف فتحي علي باش أغا بقيادة وزارة للداخلية خلفاً للعميد عبد السلام عاشور، بالاضافة إلى تكليف بشير أبوعجيلة محمد القنطري رئيساً للهيئة العامة للشباب والرياضة، خلفاً لزياد قريرة، وفرج عبد الرحمن عمر بومطاري بوزارة للمالية خلفاً لأسامة حماد.
وفور الإعلان عن التعديلات، شنّ عدد من أعضاء مجلسي الدولة والنواب هجوماً حاداً على القرار، معتبرين أنه يدخل في إطار الإجراء الاستباقي للسرّاج، قبل اتفاق المجلسين على إعادة تشكيل المجلس الرئاسي الذي تناط به مهمة تشكيل حكومة جديدة.
ورأى النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة، فوزي العقاب، أن "التعديل الوزاري خادع، وهو كلعبة القبعة والأرنب للساحر"، مشيراً في تدوينة عبر حسابه الرسمي على موقع "فيسبوك"، إلى أن "الأزمة في المجلس الرئاسي لا في الحكومة، سواء في هيكلته وآلية اتخاذ قراره، أو لأنه عائق أمام إنهاء الانقسام السياسي، فيما الحكومة مسؤولة عن عجزها في القيام بمهامها، وهي ليست مسؤولة عن الانقسام السياسي".
من جهته، اعتبر رئيس لجنة الحوار المنبثقة عن مجلس النواب، عبد السلام نصية، أن إعلان السرّاج يمثل "محاولةً لقطع الطريق أمام جهود إيجاد سلطة تنفيذية موحدة"، لافتاً إلى أن "المرحلة الصعبة الحالية تتطلب من الحكومة أن تكون لكل الليبيين، وأن تبسط سيطرتها على كل البلاد". ومعلقاً على شكل التعديل الجديد، رأى نصية أن "حكومةً على رقعة جغرافية معينة، هي استمرار لتكريس الانقسام"، في إشارة إلى أن الوزراء الجدد ينتمون لغرب ليبيا حصراً.
وكان نصية والعقاب قد التقيا مطلع الأسبوع الماضي رئيس البعثة الأممية غسان سلامة، لإطلاعه على استئناف جهود المجلسين لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية، من خلال تقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، يناط بها توحيد المؤسسات قبل الوصول إلى مرحلة الانتخابات.
وبحسب رأي خليفة الحداد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة المرقب الليبية، فإن كلا الطرفين لا يزالان في صراع، فالسراج أراد من خلال تعيين شخصيات مثل باشاغا والعيساوي، وهما شخصيتان سياسيتان قويتان، حشد موالين جدد له، ليشكل اصطفافاً جديداً ضد معارضيه في مجلسي الدولة والنواب.
وفي حديث لــ"العربي الجديد"، لفت الحداد إلى الثقل الكبير الذي يمثله باشاغا في مصراتة التي يتحدر منها، والتي يمثل طيفاً سياسياً وعسكرياً واسعاً فيها، أما العيساوي فهو دبلوماسي سابق، ويمتلك علاقات متينة مرتبطة بسفراء وشخصيات سياسية بارزة خارج ليبيا، لا سيما في الولايات المتحدة.
وأوضح الخبير الليبي أن "مجلسي النواب والدولة مثلا طرفي الأزمة في البلاد، وفشلت البعثة الأممية في حملهما على توافق حول الاتفاق السياسي"، متسائلاً في هذا الإطار "ما الذي جمعهما الآن بالذات، وجعلهما يتفقان على إسقاط الرئاسي بحجة أنه يمثل حجر عثرة أمام توحيد المؤسسات المفضية للانتخابات؟"، مؤكداً أن ثمة صراعاً في كواليس الأزمة الليبية يحدث منذ فترة وتسرب منه اتفاق إسقاط السراج، وهو ما يبدو أن الأخير قد نجح أو سينجح في إفشاله".
وأعرب الحداد عن اعتقاده بأن "هذا الصراع وسرعة وتيرته مرتبطان بعلاقة استباق لانعقاد مؤتمر باليرمو الذي سيقرر شكل المرحلة المقبلة من قبل الأطراف الدولية، والذي يسعى مجلسا الدولة والنواب إلى تغييب السراج عنه بعد إسقاطه".
في المقابل، وبحسب الحداد، فإن خطة السراج تبدو محكمة من خلال تعيين شخصية قوية كباشاغا المرتبط بعلاقات وطيدة بالتشكيلات المسلحة في طرابلس، ما يسهل عملية إخلائها منها وفرض الترتيبات الأمنية، كما أنه سعى من خلال تعيين العيساوي، للتواصل مع الخارج بالاشتراك مع زميله السابق محمد سيالة، وزير الخارجية، الذي لا يزال خارج البلاد في جولة على عواصم الدول الكبرى.