ليبيا: تراجع الدعم الإقليمي لحفتر وأنقرة تدخل على خط الأزمة

10 ديسمبر 2019
هدوء في محاور القتال جنوب طرابلس (دانيال بيرهولاك/Getty)
+ الخط -

يسود الهدوء الحذر، اليوم الثلاثاء، كافة محاور القتال في جنوب العاصمة الليبية طرابلس، بعد فشل محاولة جديدة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر إحراز تقدم في الأحياء الجنوبية للعاصمة، في وقت أكد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداد حكومته لإرسال قوات إلى ليبيا إذا طلبت حكومة الوفاق ذلك.

وأكد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، التابع للجيش الليبي بقيادة حكومة الوفاق، عبد المالك المدني، في تصريحات إعلامية، اختفاء الطيران الإماراتي المسير منذ نحو أسبوع عن أرض المعركة.

وكان مراقبون للشأن الليبي أكدوا، لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، وجود مؤشرات تؤكد تراجع الدعم العسكري الإقليمي لقوات حفتر، منها رجوعه للتعويل على استخدام المدفعية الثقيلة والطيران المروحي لإحداث خرق في دفاعات قوات الجيش، ما يعني اختفاء نسيباً للطيران المسير الذي كان يعتمد عليه طيلة الأشهر الماضية وقناصات مرتزقة "الفاغنر".

ورداً على التصريحات التي أدلى بها قادة قوات "الوفاق" عن وصول دفاعات جوّية متقدمة مكّنت قوات الجيش من إسقاط طائرة حربية لقوات حفتر وأسر قائدها، السبت الماضي، أكد المدني أن إسقاط الطائرة تم بسواعد ليبية.

وبدأت قوات حفتر تعتمد على الطيران المحلي من طراز "الميغ" والمروحيات لاستهداف مواقع قوات الجيش في جنوب العاصمة طرابلس، والذي يبدو أنه ينطلق من قاعدة الوطية الواقعة جنوب غرب طرابلس بنحو 140 كيلومتر.

وعن إمكانية استعانة الحكومة بدعم تركي عسكري وفق الاتفاق الموقع بينهما، أكد المدني أن قوات الجيش تمتلك قدرات قتالية عالية تمكنها من طرد قوات حفتر، لكنه شدد على ضرورة التدخل لمنع الطيران المسير الأجنبي من القصف الذي طاول أحياء مدنية وأودى بحياة مدنيين أبرياء.



أنقرة على خط الأزمة الليبية

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الإثنين، في مقابلة تلفزيونية، إن بلاده مستعدة لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا إذا طلبت ذلك الحكومة الليبية في طرابلس، مشدداً على أنه سيبحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين موضوع دعم موسكو لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأكد أردوغان أن الاتفاقية الموقعة مع الحكومة الليبية المعترف بها دولياً تحافظ على حقوق الدولتين وقد تم إرسال نصها للأمم المتحدة.

ويعطي الاتفاق الموقع مع تركيا الحق للحكومة الليبية بطلب الدعم العسكري التركي، بحسب المحلل العسكري الأمني الليبي محيي الدين زكري.

وأشار زكري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قوات الجيش الليبي تفتقر للتدريب في بعض الجوانب خصوصاً في تنفيذ العمليات الخاصة داخل الأحياء المدنية"، مشيراً إلى أن "قوات حفتر تعتمد على التحصن داخل الأحياء المدنية وهو ما يشكل أحد العوائق أمام قوات الجيش للتقدم".

ويرى زكري أن "أفضل ما يمكن الاستفادة منه في الاتفاق هو الحصول على دعم لوجستي، مثل الأسلحة النوعية أو التدريب على تنفيذ عمليات خاصة أو استخدام الدفاعات الجوية".

وبحسب المحلل العسكري، فإن غياب الطيران الأجنبي الداعم لحفتر اضطره لاستخدام طيرانه القديم ما جعله هدفاً سهلاً لدفاعات الجيش الجوية، مؤكداً أن ما حافظ على وجود قوات حفتر في مواقعها هو الدعم الجوي الأجنبي طيلة الأشهر الماضية.

وحول تصريحات أردوغان عن استعداد حكومته لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، يرى الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، أن التصريحات تشير إلى وجود متغيرات دولية ويمكن قراءتها بأنها رسائل مباشرة لداعمي حفتر الإقليميين.

وتابع البرق، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "تأكيد أردوغان على عدم شرعية حفتر يعني أن هناك متغيرات دولية بشأن الملف الليبي وأن أنقرة باتت لها اليد الطولى في إدارة هذا الملف"، مشيراً إلى أن "الانخراط التركي في الملف الليبي من شأنه أن يحدث توازناً إقليمياً ودولياً فيه ويقلل من تأثير داعمي حفتر على المعركة في جنوب طرابلس".


ويرجح البرق أن "دخول تركيا على خط الأزمة الليبية سيعيد حسابات الكثير من الدول التي تتشاور حول الملف الليبي في كواليس الإعداد لقمة برلين"، مرجحاً أيضاً أن "تنتج قمة برلين خارطة طريق سياسية جديدة يمكن أن تفضي إلى حل نهائي".

لكن البرق في الوقت ذاته حذّر من خطورة عزم حفتر على شن حملة عسكرية جديدة، مؤكداً أن "الخطوة الانتحارية التي يعتزم حفتر تنفيذها قريباً ستكون آثارها سلبية على الحل السياسي في كل الأحوال ويمكن أن تفضي إلى نقل الحرب إلى ساحات جديدة إذا ما تقهقرت قوات حفتر وفقدت مواقعها الحالية".