ليالي رمضان غزة... .. ألعاب خطرة بيد الأطفال

22 مايو 2018
يكسر ضجيج الأطفال الروتين اليومي (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -


وسط نافورة من الشرار المتطاير من الألعاب النارية، يقف الطفل عيسى أبو نحل (11 عاماً) وإلى جانبه مجموعة من الأطفال "الأشقياء"، يلهون ويمرحون فور انتهائهم من تناول فطورهم الرمضاني، حيث يشارك كلٌ على طريقته الخاصة، في صناعة "الضجيج السنوي" المفضل لهم.

ويتجمع الأطفال في غزة كعادتهم السنوية أمام بيوتهم وعلى مفترقات الشوارع بعد تناول وجبة الإفطار، للهو واللعب، لكن ألعابهم الرمضانية والتي تتواصل حتى صلاة التراويح وما بعدها تبدو مختلفة، إذ تغلب عليها الألعاب النارية، والمفرقعات، والأصابع النارية المشتعلة، والتي تحدِث شراراً يشبه النجوم.

وتضيء شوارع وأزقة قطاع غزة المظلمة من شماله حتى جنوبه، بفعل الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، بتلك الألعاب، إذ يحمل أحدهم أشرطة من "سلك الجلي"، وهو نشارة معدنية، المشتعلة، ويشعل آخر المفرقعات مختلفة الأحجام، بينما يلعب آخرون ألعاباً طفولية مختلفة.

ويكسر ضجيج الأطفال في ليالي رمضان الروتين اليومي، الذي اعتادوا عليه، إذ يبدو المرح والفرح واضحاً على ملامحهم الصغيرة - حتى وإن كان لمدة محدودة - تنحصر بين صلاتي المغرب والعشاء، ويتجاوزها بعض الأطفال "المشاغبين" حتى انتهاء صلاة التراويح.

ويقول الطفل أبو نحل، بعد أن انتهى من إشعال شريط سلك الجلي، والذي بدأ بتحريكه بطريقة دائرة صنعت شكلاً نارياً بدا وكأنه دائرة هندسية مزينة بالشرار والنجوم، إنه اعتاد وجيرانه الأطفال على اللعب بهذه الألعاب بعد انتهاء الفطور، مضيفاً: "أنتظر انتهاء الإفطار بفارغ الصبر لممارسة هذه الألعاب التي لا يمكننا اللعب بها سوى في ليالي رمضان".

أطفال غزة في ليالي رمضان(عبد الحكيم أبو رياش) 

أما عن خطورة تلك الألعاب النارية، فيوضح أبو نحل، لـ "العربي الجديد"، أن والدته تحذّره كثيراً من استخدامها، لكنه يحاول الحرص. مضيفاً: "ألعب مع أصدقائي في الساحة الكبيرة المقابلة لبيوتنا، ولا نقترب من السيارات أو البيوت، خشية إشعال الحرائق".

أما صديقه عبد الرازق بركات (10 سنوات) وهو من منطقة تل الهوا جنوبي مدينة غزة، فقد اكتفى بمراقبة لعب أصدقائه، موضحاً أنه يحب مشاركتهم في لعب الكرة، وأنه ما زال يخاف من اللعب بالألعاب النارية، أو أصوات المفرقعات، على الرغم من تفاعل أصدقائه معها. ويضيف: "في كثير من الأيام، لا أتمكن من مشاهدة التلفاز، وبرامج الكاميرا الخفية، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، فأنزل من البيت لمشاهدة ومشاركة أصدقائي في اللعب".

ويكتظ منتزه برشلونة في منطقة الأبراج، جنوبي مدينة غزة، بعشرات الأطفال، يلعبون على الأراجيح المجانية، ويحملون الفوانيس الملونة. وتقول الطفلة شهد ضاهر (9 سنوات)، والتي جاءت برفقة شقيقها الكبير يوسف، إنها تسعد كثيراً باللعب مع صديقاتها على النجيل الأخضر، وقد أحضرن الفوانيس الملونة بألوان زاهية".
أطفال كثر يتجنبونها خوفاً(عبد الحكيم أبور ياش) 


ويبين الشاب يوسف ضاهر (22 عاماً) أن الأهالي يحاولون منع الأطفال من استخدام الألعاب النارية، خصوصا داخل المنتزهات، مضيفاً: "شقيقتي الصغيرة شهد وكذلك رهف تخافان كثيراً من أصوات تلك المفرقعات، لذلك أحاول نصح الأطفال باللعب بالألعاب الآمنة، تجنباً للخطر".

إلى الشرق من مدينة غزة، وفي حي الشجاعية تحديداً، ينشط الأطفال بشكل كبير ليلاً، إذ تقف مجموعة من الأطفال على مفترقات الشوارع، يمارسون ألعابهم الرمضانية. ويقول الطفل سعد أبو دحروج (12 عاماً) إنه يستمتع بإشعال الألعاب النارية، خاصة عندما يجتمع مع أصدقائه.

متعة لأطفال غزة في ليالي رمضان(عبد الحكيم أبو رياش) 


ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن ندرة المنتزهات العامة في غزة تدفعهم إلى اللعب داخل مظلة البيت أو في الشارع، مضيفاً: "نحاول الترفيه عن أنفسنا بعد يوم طويل من الصيام، ولكن نتوقف عن اللعب عند أذان العشاء، كي نذهب إلى صلاة التراويح في المسجد المجاور".

نسبة من الأهالي والجيران لا يفضلون هذا النوع من الألعاب التي يعتبرونها "خطرة ومزعجة"، إذ تسببت في نسبة من الإصابات بين الأطفال، كذلك ساهمت في إحداث بعض الحرائق، لكنهم يبررون السماح لأطفالهم بلعبها، بانعدام مساحات اللعب في غزة، لكنهم يطالبون أطفالهم بالحذر دائماً.
دلالات