لو خلقَني اللهُ شجرة

08 يناير 2017
أحمد دراق السباعي / سورية
+ الخط -

لو خلقَني اللهُ شجرة
لاعتذرتُ لأقاربي العصافيرِ والنملِ
وجمعْتُ أوراقي وغادرتُ هذا الحيّ 
فأنا لا أُريدُ أنْ أزاحمَ أحداً 
ثمّ إنّ ضوءَ الشارعِ هذا يُؤرّقُني
ألا يكفي أنّني أنامُ واقفاً
من قالَ إنّني بحاجةٍ لضوءٍ يُزعجُ الحبَّ الذي يَنضجُ على فروعي
لو خلقَني اللهُ شجرة
لتمهّلتُ في كلِّ ربيعٍ وأنا أفردُ أغصاني
لأمنحَ نفسيَ فرصةَ مراقبةِ نافذةٍ تُطِلُّ عليَّ
ولنْ أكونَ مهتماً بما تقولُه الأشجارُ الأخرى
حولَ طقوسِنا وعاداتِنا في الربيع
سأتمهّلُ حتى أرى فتاةَ الحيِّ تكبرُ أكثر
ففي يومٍ ما ستجلسُ قربي، عندَها سأُلقي بظلِّي عليها
وأحتضنُها دونَ أنْ تعرفَ أنّني أنا من أبعدَ النملَ عن ساقِها
لو خلقَني اللهُ شجرة
لما رضيتُ بالوقوفِ هنا دائماً
لحاولتُ المشيَ نحوَ مكانٍ هادئٍ
بعيداً عن موسيقى الشققِ الفارغةِ وصراخِ السكارى
ولَصعدْتُ جبلاً كي أكونَ أقربَ للسماءِ
ثمّ عندَها سأمنعُ الوقتَ من تحقيقِ غايتِه
في جعلِنا أسوأَ حالاً
صحيحٌ أنّني لا أُمانعُ أن أصيرَ طاولةً أو علبةً
لكنّني أرفضُ تماماً أنْ أُطلَّ على كوابيسِ الآخرين
لو خلقَني اللهُ شجرة
لتعلّمتُ الكلامَ
فقط كي أقولَ لأقاربي العصافيرِ والنملِ
كم أحبُهم وأطلبَ منهم أنْ يقولوا
تصبحينَ على خيرٍ
للفتاةِ التي تركتُها في الحيِّ دونَ أنْ أقولَ لها وداعاً
لأنّها قد نَضَجَت الآنَ
لكنّ نافذتَها لا تُطلُّ على شجرةٍ تحتضنها دون أن تعرف.


* شاعر فلسطيني مقيم في موسكو

المساهمون