لوحات تتحدى الإعاقة وتصرّ على الحياة

30 يناير 2017
تمّ تنظيم المعرَض برعاية المجلس الثقافي البريطاني (العربي الجديد)
+ الخط -


حسام خضير (35 عاماً)، والذي يعاني من ضمور في العضلات، يضع الريشة في فمه، ويخط لوحاته الملونة المتقنة. خضير، الذي حوّل منزله وأسرته في مدينة رام الله إلى معرض للوحات التي يرسمها، اكتشف موهبته عبر مساعدته لبنات أخواته في الرسم ضمن أنشطتهن المدرسية.

ومع الوقت، توقفت يده اليُمنى عن الحركة تلتها اليسرى، فبات يتدرب على الرسم بفمه، حتى بات يتقن هذه الطريقة في الرسم بتميُّز حدّ الإبهار، هو الذي تحول من الرسم على الورق، إلى الرسم على القماش والخشب، وحتى الجدران أيضاً، وبفمهِ الذي يستخدمه للكتابة، والاتصال، وتصفح الإنترنت.


وخضير هو واحد من الفنانين الذي شاركوا في معرض حمل عنوان "تحديات ونجاحات"، ضم لوحات لفنانين محترفين وموهوبين من فلسطين وبريطانيا، ونظمه المجلس الثقافي البريطاني بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية، وعدة مؤسسات حكومية وأهلية في فلسطين، واحتضته قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني بمدنية البيرة، مُؤخَّراً.


الأعمال الفنية التعبيرية المقدمة في المعرض هي نتاج ورش عمل وإقامات فنية، إذ كان المجلس الثقافي البريطاني كلف الفنانة البريطانية من ذوات الإعاقة، راشيل جادسدن، بإدارة برنامج لبناء القدرات، وتنمية المهارات الفنية مع التركيز على الرسم، وتحديد ما يعرف بخريطة الجسد وتلوينها.


وقدم هذا البرنامج على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية ورش عمل متعددة، ودورات فنية لمجموعة تضم مائة من الأشخاص ذوي الإعاقة، اشتملت على عدد من الفنانين المحترفين، والرياضيين، ومجموعات ومجتمعات محلية تعاني من الصدمة في مدن فلسطينية مختلفة.


وقالت الفنانة البريطانية، ريتشل جادسدن، إن "منح الأشخاص ذوي الإعاقة فرصة للإبداع بمثابة منح ذوي الإعاقة والمجتمعات التي هم جزء منها فرصة قد تغير حياتهم، بحيث تمنح عملية إنتاج فن عظيم، صوتاً لأولئك الذين لا صوت لهم، وعليه، يؤدي تبنّي هذه الفكرة والعمل عليها إلى التغيير الاجتماعي والثقافي".


بعض اللوحات المعروضة سبق أن عرضت في مهرجان "إنارة شعلة تراث ريو" الأولمبي لذوي الإعاقة، والذي انعقد في أيلول/ سبتمبر من العام 2016 في ستوك ماندفيل في بريطانيا، كما شمل معرض "تحديات ونجاحات" قطعاً فنيّة أخرى تمّ عرضها في مشاريع ومعارض لتبادل الثقافات في أرجاء المملكة المتحدة.


وأشار مدير المجلس الثقافي البريطاني في رام الله، برندن مكشاري، إلى أنّ هذا المعرض يأتي بمناسبة الاحتفال بمرور خمس سنوات من العمل على برنامج الفنون لذوي الإعاقة، والجمع بين المؤسَّسات والفنّانين المستقلّين في فلسطين، من أجل تبادل الأفكار وقصص النجاح، واستطلاع الإمكانيَّات للعمل المشترك على برنامج ذي نطاق أوسع مستقبلاً.


وأضاف: "الفنانون من ذوي الإعاقة هم مهنيّون متميّزون يمكنهم المساهمة بفعالية عالية في الحياة الثقافية والقطاعات الإبداعية في كل من فلسطين والمملكة المتحدة، ما يدعم بقوة مبدأي التعددية والدمج في مجتمعاتنا".


ومن يتجوَّل في المعرض الذي تلا افتتاحه بيوم سلسلة ندوات حول الفن وذوي الإعاقة، يلاحظ التباين في المستويات، فمنها الاحترافي وخاصة تلك اللوحة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، واللوحة التي تجاورها، وهي لمسنّة فلسطينية تحكي تجاعيدها حكاية بلد، ومنها لوحات لمبتدئين أو هواة، لكنّها بمجملها تجسّد حكايات إرادة، وتحد، وإصرار على الحياة.


وفي القاعة ذاتها، عرضت مقاطع من مشروع الصور المتحركة الذي نفذه المجلس الثقافي البريطاني بالتعاون مع الفنانين جاري روزبزره ويان كاسبر، وبالشراكة مع مدرسة الاتصال التام في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والذي جرى من خلاله تدريب مجموعة من الطلاب الصمّ على إتقانِ مهارات الرسوم المتحرّكة باستخدام أدوات مختلفة من أجل تأهيلهم لعقد تدريبات لأقرانهم من ذوي الإعاقة، ولمجموعات من غير ذوي الإعاقة، وتوظيف هذه المهاراة في نواح مختلفة كالتعليم والفنون والعلاج غير تقليدي.




المساهمون