قد يتساءل سائل ما الذي يمكن أن يقوله المُرشَّحان، الليبرالي إيمانويل ماكرون، واليمينية المتطرفة مارين لوبان، ولم يقولاه من قبل، طيلة الحملة الأولى التي ابتدأت مبكرًا. ربما ليس الشيء الكثير، وإنما التذكير بأشياء يريدان أن تكون في ذهن الناخب وهو يُدلي بورقته يوم 7 مايو/أيار، أو تجنّب كلمة أو جملة مؤسفة يمكن أن تشوّش على الناخب، وتلطخ بعض الشيء برنامج المرشح الانتخابي. وقبل أن تتضح ملامح الرؤى في المناظرة التي ستجرى بين المرشحَين يوم الثالث من مايو/أيار المقبل، يواصل كلا الطرفين، وعن بعد، تهشيم خصمه، وإظهار هشاشة برنامجه.
تسعة أيام فقط تفصلنا عن يوم الحسم. وهو حسم يتعدى الإطار الوطني الفرنسي، ويتعداه إلى أبعاد إقليمية ودولية، الأمر الذي يجعل العالم ينظر إلى هذه الانتخابات وينتظر الفائز فيها.
اختارت مارين لوبان، أمس، مدينة نيس باعتبارها خزّانا لأصوات اليمين المتطرف، ففي انتخابات الأقاليم الأخيرة، كادت مرشحة "الجبهة الوطنية" في حينه، ماريون ماريشال لوبان، أن تفوز بإدارتها، لولا تحالف اليسار الاشتراكي مع مرشح "الجمهوريون"، كريستيان إيستروزي، باسم "الجبهة الجمهورية". ولعل هذا "الدَّيْن" هو الذي جعل إيستروزي اليوم أول من بادر من "الجمهوريون"، إلى جانب زميله في الحزب كزافيي برتراند، للدعوة إلى التصويت لصالح إيمانويل ماكرون. ذلك ما جرّ عليه انتقادات غير مسبوقة من زميله والنائب عن نيس، إيريك سيوتي، وهو ما يهدد مستقبل حزب "الجمهوريون" بالانفجار.
وقد ابتدأت مارين لوبان بتوجيه سهامها لماكرون، بلغة عنيفة، فرأت فيه: "مهووسًا بإشعال الحرائق، يريد أن يقدّم نفسه باعتباره إطفائيًّا"، وسط تجمّع لـ4000 من أنصارها، أطلق بعضهم شتائم وكلمات نابية بحقّ ماكرون.
ولم تكتف لوبان بانتقاد خصمها، الذي طالبته بدخول "مدرسة تُعلّم حب الوطن"، بل وجّهت أيضًا سهام النقد لمن يتهمها بكراهية الأجانب، قائلة: "أنا أحبّ كل الفرنسيين، ولا يهمني لون بشرتكم ولا ميولكم الجنسية. ما يهمني هو سعادتكم وأمنكم وسكينتكم".
اقــرأ أيضاً
وعابت لوبان على ماكرون خطابه المتسامح بخصوص المهاجرين "حين قال إنهم ورقة رابحة لفرنسا"، وعقّبت: "إنه رجل يفضل محفظة الأوراق المالية على وطنه". وحذرت من أنه في حال فوز ماكرون، فإن فرنسا ستعرف "الطائفية وتخريب قانون الشغل وأيضًا اللامساواة في ولوج المصالح العمومية... ما يريده ماكرون ليس فرنسا، بل هو يريد أرضًا واسعة. ليس أمّة، بل شركة متعددة الثقافات، حيث يسود قانون الأقوى. كل شيء يباع ويشترى، ولا وجود سوى لعلاقات المال. كل شيء سيصبح سلعة متاجرة. الرجال، والنساء، وبطونهن".
وفي محاولة لإغواء ناخبين جدد، وعدت بخلق 50 ألف وظيفة في وزارة الدفاع، و6000 وظيفة شغل في الجمارك، و15 ألف وظيفة في قطاعي الشرطة والدرك. وبتطبيق صارم لقوانين مكافحة الإرهاب، لأن "ما يوجد الآن من قوانين كافٍ".
ولم يتأخر ردّ إيمانويل ماكرون، الذي حظي بدعم متجدد من مانويل فالس، ومن الرئيس فرانسوا هولاند، الذي دعا، يومه الجمعة 28 إبريل/نيسان، إلى "طرد الرياح السيئة، رياح القومية"، في تناغم مع مقولة شهيرة لماكرون، ليلة 23 إبريل/نيسان، أشْهَرَ فيها "سلاح الوطنية ضد القومية"، ومن عمدة باريس السابق، برتراند دولانوي، الذي قارَن بين تهديد مارين لوبان ووصول النازية للسلطة في ألمانيا في ثلاثينات القرن الماضي. ففي لقاء تلفزيوني في القناة الأولى، مساء أمس الخميس 27 إبريل/نيسان، استعرض ماكرون قوته كاشفًا عن "شرعيته"، والنتيجة المضمونة له، قائلًا إن نتيجته "في الدورة الأولى، كانت أعلى مما حققه جاك شيراك سنة 2002"، وهو ما رأى فيه البعضُ نفوراً من المقارنة بحالة شيراك.
وكي يفوز المرشح، أي مرشح، فعليه أن يكون جامعاً ومُوحِّدا لحساسيات مختلفة، وأحيانا متنافرة. وفي هذا الصدد قال ماكرون إنّ من واجبه "خلق وحدة فرنسا المنكسرة في وجه مارين لوبان"، وإن عليه "أن يجمع معسكر الجمهوريين"، وهو ما جرّه، مرة أخرى، إلى انتقاد من يرفض التصويت لصالحه: "إن عدم التزام موقف يعني اتخاذ قرار مساعدة مارين لوبان، ويعني خروجًا من تاريخ فرنسا. يجب على المرء أن يكون مسؤولًا".
ولأن ماكرون، وزير فرانسوا هولاند، يعرف جيدًا أن حصيلة الأخير لم تكن مُرْضيّة، وإلا لترشَّح هولاند ثانية؛ فقد أعلن أنه ليس "ثمرة من ثمار النظام" السياسي الفرنسي. وأضاف: "أنا جديدٌ في الحياة السياسية... ولستُ وريثًا سياسيًّا، على عكس السيدة لوبان". ووعد ناخبيه بأنه مرشح "حب المستقبل والأمل ضد الإرادة التي تريد أن تعيد فرنسا إلى ماضٍ لم يحدُثْ أبدًا"، وهو ينطلق، في حديثه ذاك، من "اللقاء بأناس غاضبين، يعتقدون بأنني بعيد عنهم"، في إشارة إلى ماضيه كرجل اشتغل، لبعض الوقت، في مصرف روتشيلد.
كما وعد ماكرون، في حال فوزه، بـ"إصلاح عميق لقانون الشغل"، من خلال "الذهاب إلى نهاية الحوار الاجتماعي"، لأنّ "قانون الشغل (المعروف بقانون مريم الخمري) وصل في مرحلة متأخرة من ولاية هولاند"، واصفًا فرنسا بأنها "البلد الأوروبي الكبير الوحيد الذي لم يعرف إيجاد حلّ للبطالة الجماهيرية".
ولم يَغب عن بال الملاحظين أن إيمانويل ماكرون، مع اقترابه من يوم الحسم، يحاول أن يهدئ من لهجة خطابه، منتقيًا كلماته، بحذر الخيميائي، كما يصفه المعجبون بصعوده الصاروخي، ليمنح لنفسه صورة رجل دولة، وهو ما جعله يَرُد على وصف مارين لوبان له بـ"المهووس بإشعال الحرائق"، بأنه يرى "بعض الإنسانية لدى مارين لوبان".
تسعة أيام فقط تفصلنا عن يوم الحسم. وهو حسم يتعدى الإطار الوطني الفرنسي، ويتعداه إلى أبعاد إقليمية ودولية، الأمر الذي يجعل العالم ينظر إلى هذه الانتخابات وينتظر الفائز فيها.
اختارت مارين لوبان، أمس، مدينة نيس باعتبارها خزّانا لأصوات اليمين المتطرف، ففي انتخابات الأقاليم الأخيرة، كادت مرشحة "الجبهة الوطنية" في حينه، ماريون ماريشال لوبان، أن تفوز بإدارتها، لولا تحالف اليسار الاشتراكي مع مرشح "الجمهوريون"، كريستيان إيستروزي، باسم "الجبهة الجمهورية". ولعل هذا "الدَّيْن" هو الذي جعل إيستروزي اليوم أول من بادر من "الجمهوريون"، إلى جانب زميله في الحزب كزافيي برتراند، للدعوة إلى التصويت لصالح إيمانويل ماكرون. ذلك ما جرّ عليه انتقادات غير مسبوقة من زميله والنائب عن نيس، إيريك سيوتي، وهو ما يهدد مستقبل حزب "الجمهوريون" بالانفجار.
وقد ابتدأت مارين لوبان بتوجيه سهامها لماكرون، بلغة عنيفة، فرأت فيه: "مهووسًا بإشعال الحرائق، يريد أن يقدّم نفسه باعتباره إطفائيًّا"، وسط تجمّع لـ4000 من أنصارها، أطلق بعضهم شتائم وكلمات نابية بحقّ ماكرون.
ولم تكتف لوبان بانتقاد خصمها، الذي طالبته بدخول "مدرسة تُعلّم حب الوطن"، بل وجّهت أيضًا سهام النقد لمن يتهمها بكراهية الأجانب، قائلة: "أنا أحبّ كل الفرنسيين، ولا يهمني لون بشرتكم ولا ميولكم الجنسية. ما يهمني هو سعادتكم وأمنكم وسكينتكم".
وعابت لوبان على ماكرون خطابه المتسامح بخصوص المهاجرين "حين قال إنهم ورقة رابحة لفرنسا"، وعقّبت: "إنه رجل يفضل محفظة الأوراق المالية على وطنه". وحذرت من أنه في حال فوز ماكرون، فإن فرنسا ستعرف "الطائفية وتخريب قانون الشغل وأيضًا اللامساواة في ولوج المصالح العمومية... ما يريده ماكرون ليس فرنسا، بل هو يريد أرضًا واسعة. ليس أمّة، بل شركة متعددة الثقافات، حيث يسود قانون الأقوى. كل شيء يباع ويشترى، ولا وجود سوى لعلاقات المال. كل شيء سيصبح سلعة متاجرة. الرجال، والنساء، وبطونهن".
وفي محاولة لإغواء ناخبين جدد، وعدت بخلق 50 ألف وظيفة في وزارة الدفاع، و6000 وظيفة شغل في الجمارك، و15 ألف وظيفة في قطاعي الشرطة والدرك. وبتطبيق صارم لقوانين مكافحة الإرهاب، لأن "ما يوجد الآن من قوانين كافٍ".
ولم يتأخر ردّ إيمانويل ماكرون، الذي حظي بدعم متجدد من مانويل فالس، ومن الرئيس فرانسوا هولاند، الذي دعا، يومه الجمعة 28 إبريل/نيسان، إلى "طرد الرياح السيئة، رياح القومية"، في تناغم مع مقولة شهيرة لماكرون، ليلة 23 إبريل/نيسان، أشْهَرَ فيها "سلاح الوطنية ضد القومية"، ومن عمدة باريس السابق، برتراند دولانوي، الذي قارَن بين تهديد مارين لوبان ووصول النازية للسلطة في ألمانيا في ثلاثينات القرن الماضي. ففي لقاء تلفزيوني في القناة الأولى، مساء أمس الخميس 27 إبريل/نيسان، استعرض ماكرون قوته كاشفًا عن "شرعيته"، والنتيجة المضمونة له، قائلًا إن نتيجته "في الدورة الأولى، كانت أعلى مما حققه جاك شيراك سنة 2002"، وهو ما رأى فيه البعضُ نفوراً من المقارنة بحالة شيراك.
وكي يفوز المرشح، أي مرشح، فعليه أن يكون جامعاً ومُوحِّدا لحساسيات مختلفة، وأحيانا متنافرة. وفي هذا الصدد قال ماكرون إنّ من واجبه "خلق وحدة فرنسا المنكسرة في وجه مارين لوبان"، وإن عليه "أن يجمع معسكر الجمهوريين"، وهو ما جرّه، مرة أخرى، إلى انتقاد من يرفض التصويت لصالحه: "إن عدم التزام موقف يعني اتخاذ قرار مساعدة مارين لوبان، ويعني خروجًا من تاريخ فرنسا. يجب على المرء أن يكون مسؤولًا".
ولأن ماكرون، وزير فرانسوا هولاند، يعرف جيدًا أن حصيلة الأخير لم تكن مُرْضيّة، وإلا لترشَّح هولاند ثانية؛ فقد أعلن أنه ليس "ثمرة من ثمار النظام" السياسي الفرنسي. وأضاف: "أنا جديدٌ في الحياة السياسية... ولستُ وريثًا سياسيًّا، على عكس السيدة لوبان". ووعد ناخبيه بأنه مرشح "حب المستقبل والأمل ضد الإرادة التي تريد أن تعيد فرنسا إلى ماضٍ لم يحدُثْ أبدًا"، وهو ينطلق، في حديثه ذاك، من "اللقاء بأناس غاضبين، يعتقدون بأنني بعيد عنهم"، في إشارة إلى ماضيه كرجل اشتغل، لبعض الوقت، في مصرف روتشيلد.
كما وعد ماكرون، في حال فوزه، بـ"إصلاح عميق لقانون الشغل"، من خلال "الذهاب إلى نهاية الحوار الاجتماعي"، لأنّ "قانون الشغل (المعروف بقانون مريم الخمري) وصل في مرحلة متأخرة من ولاية هولاند"، واصفًا فرنسا بأنها "البلد الأوروبي الكبير الوحيد الذي لم يعرف إيجاد حلّ للبطالة الجماهيرية".
ولم يَغب عن بال الملاحظين أن إيمانويل ماكرون، مع اقترابه من يوم الحسم، يحاول أن يهدئ من لهجة خطابه، منتقيًا كلماته، بحذر الخيميائي، كما يصفه المعجبون بصعوده الصاروخي، ليمنح لنفسه صورة رجل دولة، وهو ما جعله يَرُد على وصف مارين لوبان له بـ"المهووس بإشعال الحرائق"، بأنه يرى "بعض الإنسانية لدى مارين لوبان".