كشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى كواليس انسحاب مصر مما يسمى بـ"الناتو العربي" لمواجهة إيران، وتعطيل إطلاقه، قائلة إن "مصر منذ البداية أبلغت كلاً من السعودية والإمارات، وهما الدولتان اللتان كانتا تسعيان بقوة لإطلاق ذلك التحالف العسكري لردع إيران، بأن الأخيرة لا تمثل لها عدواً من الدرجة الأولى، وأنها غير معنية بإثارة عداوة مع طرف إقليمي". وأضافت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد مشاورات ومفاوضات مطوّلة بين قيادة الدولتين، والقيادة المصرية، قبلت القاهرة المشاركة على مضض، نظير حزمة من المساعدات والالتزامات الاقتصادية، قبل أن يعود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويبلغ قيادة الدولتين بالرفض النهائي للمشاركة". وأشارت إلى أن "السيسي تلقى رداً قوياً رافضاً من داخل المؤسسة العسكرية، لأن يكون الجيش المصري تحت قيادة عربية، التي اشترطت أنه إذا كان من اللازم المشاركة في التحالف، فينبغي أن تكون القيادة مصرية". وقالت المصادر إن "قيادة المؤسسة العسكرية أبلغت السيسي أنه ليس من المنطقي أن يكون الجندي المصري تحت قيادة جيوش لم تخُض حرباً واحدة في الإقليم، وثقلها العسكري لا يمثل نصف ثقل الجيش المصري".
بدوره، أفاد مصدر رفيع المستوى لـ"العربي الجديد"، بأن "رد القوات المسلحة المصرية جاء بعدما أبلغتها القيادة السياسية بتمسك السعودية بقيادة التحالف العسكري الذي كان مزمعاً انطلاقه". وأضاف أن "القيادة المصرية بالأساس لها تحفّظات كبيرة على توجهات ومساعي بعض الشركاء الخليجيين، تحديداً بما يخصّ إيران، ورغبتهم في ضم مصر لتبني نفس موقفهم تجاه طهران، وهو ما ترفضه القاهرة إلى حد بعيد".
وكشف المصدر عن سبب آخر وصفه بغير المعلن بشأن انسحاب مصر من تحالف "الناتو العربي"، وهو قيام طرف خليجي (رفض تسميته) بإفشال المساعي المصرية لتشكيل قوة عربية مشتركة، تحت مظلة الجامعة العربية، متابعاً "حتى في ما يخص التحالف العربي في حربه على الحوثيين في اليمن، مصر ليست مشاركةً عملياً به، ومشاركة القاهرة فقط تتمثل في 4 قطع بحرية عند مضيق باب المندب، بهدف تأمين المجرى الملاحي الذي يرتبط بشكل مباشر بحركة الملاحة في قناة السويس". ووصف المصدر العلاقة بين القاهرة والرياض بأنها ليست شراكة وليست تحالفاً، ولكنها عبارة عن تفاهمات وتوافقات تفرضها القضايا الإقليمية ذات الأبعاد المشتركة، مؤكداً أن "الجانب السعودي نفسه يدرك ذلك أيضاً بشكل جيد".
يشار إلى أن الولايات المتحدة قد أجرت في 22 فبراير/ شباط الماضي مشاورات حول تشكيل تحالف استراتيجي شرق أوسطي، بمشاركة 6 دول خليجية، بالإضافة إلى الأردن ومصر. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية عقب المشاورات أن التحالف يحمل طابعاً دفاعياً، ويسعى إلى تحقيق أهداف مشتركة للدول الأعضاء، ومواجهة التهديدات الأمنية والإقليمية للاستقرار والازدهار. ويشمل التحالف، السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، قطر، عمان، إلى جانب الأردن ومصر، ويهدف إلى إقامة قوة عسكرية عربية للتصدي لإيران، وقد تم تقديم طلب تدشين هذا التحالف العربي إبان ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إلا أن الأخير أراد الاستمرار في المفاوضات مع إيران حول الاتفاق النووي، وتجاهل المصالح المشتركة للسعودية وإسرائيل لمواجهة إيران. وأعيد طرحه من جديد على يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أثناء انعقاد القمة العربية الإسلامية، التي جرت في السعودية، في 21 مايو/ أيار 2017.