لن يهوى بحر بيروت

16 ديسمبر 2015
العمل في سوق الحميدية أفضل بكثير (العربي الجديد)
+ الخط -

قبل أن تشتد الأزمة في سورية، اتخذ قراره بالمجيء إلى لبنان. في بلاده، كان يبيع المياه والعصائر والمشروبات الغازية في سوق الحميدية. لكن عندما نزح إلى لبنان تغيّرت حياته. صار يبيع المناديل الورقية وهو جالس في كرسيّه المتحرك.

وليد البدوي (34 عاماً)، لا يستطيع السير على قدميه مذ كان طفلاً بسبب إصابته بشلل الأطفال. بواسطة كرسيه المتحرك، يتنقل من مكان إلى آخر. وحين كبر، لم يجد مهنة يستطيع العمل بها، فقرر بيع العصائر وهو جالس في كرسيه. بعدها، حرمته الحرب من البقاء في سورية، وصار مضطراً إلى البحث عن عمل بديل في العاصمة بيروت، بعدما افترق عن أهله الذين نزحوا إلى منطقة البقاع. لم يجد غير بيع المناديل لكسب الرزق. كانت هذه وسيلته الوحيدة للعيش، علماً أن معظم المارة ينظرون إليه على أنه متسوّل.

يقول البدوي: "أعاني مذ كنت صغيراً من شلل الأطفال. ولم يتسن لي متابعة تعليمي أو تعلم مهنة. كنت أبيع العصائر في سوق الحميدية قبل أن آتي إلى لبنان. وفي البلد الجديد، أعمل من الساعة السابعة صباحاً وحتى العاشرة ليلاً. صحيح أن أشقائي يعملون، لكنني أرفص أخذ المال من أحد". يضيف: "أنشأت مجموعة للمطالبة بحقوق الأشخاص المعوقين بالتعاون مع إحدى الجمعيات، وخصوصاً أن فرص حصولهم على عمل ضئيلة". يضيف: "نعمل على دمج الأشخاص المعوقين، وتغيير نظرة الناس إليهم"، مشيراً إلى أنه طلب من عدد من المنتسبين تشكيل مجموعات في المناطق التي يسكنون فيها، للمطالبة بالاهتمام بهم.

يشير البدوي إلى أنه لا يرغب في البقاء في لبنان بعد انتهاء الحرب في سورية. بل إنه يتمنى انتهاء كل شيء في أسرع وقت ممكن، لأن العمل في سوق الحميدية أفضل بكثير من العمل في بيروت. يقول إن "الناس هنا يعتبرون الشخص المعوّق متسولاً. عندما أنزل إلى الشارع لبيع المناديل أو غيرها، لا أقصد التسوّل، بل العمل وعدم الاضطرار إلى طلب المال من أحد". يضايقه أنه كثيراً ما يسمع كلاماً جارحاً وغير لائق من المارة. يردف: "يقول بعضهم إننا كاذبون، وغيرها من العبارات". لكن معاناته وغيره كبيرة. تكفي قساوة الطقس الذي قد يكون حاراً جداً أحياناً أو بارداً جداً في أحيان أخرى. يضيف: "أتمنى العودة إلى سورية حتى أشعر بأن كرامتي محمية".
يقول البدوي أنه ينوي كتابة مسلسل عن الأشخاص المعوقين، بسبب المعاناة التي حلت بهم بعد النزوح، حتى أنه قد يعرض هذه الفكرة على الجمعية التي يعمل معها.

اقرأ أيضاً: من بائع أقلام إلى صاحب مطعم
المساهمون