لماذا هذه المؤتمرات الفاشلة بشأن سورية؟
مهما تمت العودة إلى الوراء في ما يخص الأزمة السورية، فإنه يصعب تعداد المؤتمرات التي انعقدت بخصوصها. في أفضل الأحوال، يمكن ذكر أولها، وهو مؤتمر أنطاليا في تركيا، وآخر مؤتمر يتم التحضير له. ثمة مؤتمرات كانت خاصة بالمعارضة السورية وحدها، وأخرى بين المعارضة والنظام، وأخرى عقدت بناء على طلب من حلفاء للنظام أو للمعارضة، ناهيك عن مؤتمرات مصغرة محلية عسكرية أو مدنية في الخارج، أو في الداخل للطرفين.
كانت المؤتمرات الأولى للمعارضة مجمعة على جملة أمور، أهمها الإصلاح السياسي الذي تطور إلى تنحي بشار الأسد ونظامه عن الحكم. وفيما بعد، لم يعد للمعارضة بشكل عام توجه محدد، عدا مطلب تنحي الأسد، حيث أن مطالب بعض القوى العسكرية على الأرض، والتي تتضمن برامج سياسية أيضاً، تعلقت بإقامة دولة خلافة أو إسلامية. وبغض النظر عن عدم تعامل المجتمع الدولي مع هذه القوى، عسكرياً أو سياسياً، واعتباره الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الممثل السياسي الوحيد للمعارضة، فإن ما قالته هذه القوى العسكرية لم يتم التنازل عنه بعد. إضافة إلى هذا، لا يوجد إلى الآن إجماع للمعارضة السياسية على كلمة واحدة تتعلق بمصير سورية.
لعل القول إن المؤتمرات التي عقدها النظام السوري في الداخل، له ولحلفائه، أو مع حلفائه في الخارج وحدها التي كانت مجمعةً، طوال فترة الصراع في سورية، على جملة قضايا محددة، وفي مقدمتها، عدم قبول إزاحة الرئيس بشار الأسد عن السلطة، وقبول مفاوضات لا تؤدي إلى أي نتيجة. ولم تؤد هذه المؤتمرات إلى نتائج لحل الأزمة، على الرغم من هذا الإجماع لديها، كما مؤتمرات المعارضة السورية بكل توجهاتها العسكرية والسياسية والإغاثية والمدنية.
انعدام القواسم المشتركة للحوار، وترقب أي فصيل الانتصار وحسم الأمور في أي وقت، حتى ضمن فترة الإعداد للحوار، بالإضافة إلى العوامل الخارجية المباشرة وما تريده من سورية المستقبل، وتسليح الفريقين وتأثيرها على دفع عجلة الحوار، والتي يتبين أنه لم يتم الإقرار بعد بتحولها إلى جدية، أثرت وتؤثر على مسار أي مؤتمر وحوار سيعقد، وتجعله أمراً صعب التحقيق، ساهمت كل هذه العوامل في انعقاد مؤتمرات منتهية الصلاحية قبل انعقادها.
يضاف إلى هذا ضبابية الرؤية الأميركية في ما يخص الوضع السوري، حيث كانت كل الحسابات الأميركية تنتهي إلى مساعدات عسكرية روسية لجيش النظام في أقصى حد، من دون أن يكون هناك خيار مشاركة روسية في العمليات العسكرية بشكل مباشر. التردد الأميركي حيال الوضع السوري والاكتفاء بالتصريحات الإعلامية المطالبة برحيل الأسد، وعدم شرعيته، والتهديد بأنه لن يكون له دور في مستقبل سورية لم تكن أموراً كافية لإزاحة الأسد عن السلطة، خصوصاً أن الكلام لو كان ينفع لنفعت أصوات الملايين التي خرجت تطالب بإسقاطه، وما كانت هناك حاجة لكلام أميركي.
ما يجب أن يتم السؤال عنه هو إلى متى سيتم عقد مؤتمرات فاشلة بخصوص الأزمة في سورية، وما الذي يمكن أن يجعلها تأخذ مساراً حقيقياً؟ لا شك في أن قوة الإرادة الدولية، والمتمثلة بأميركا وحلفائها، كانت قادرة فيما سبق على عقد هذا المؤتمر وإنجاحه، أو إسقاط الأسد عسكرياً بتدخل عسكري، لم يكن بالضرورة أن يكون برياً، لكن وجود إيران وحزب الله، اليوم، على أرض المعركة، سيجعل من الصعب الوصول إلى حل سياسي، فإيران لا تقبل مفاوضاتٍ لا تكون هي الرابحة فيها، كما أن لديها القدرة الكبيرة على التمييع السياسي. كما أن روسيا التي زجت بنفسها في الصراع ليس لديها قرار بالسلام، حيث هناك سلاح كاف ليحارب به جيش الأسد وموالوه سنوات، وإن يخسر هؤلاء كثيراً من الجغرافية السورية. ولو افترضنا تخلي إيران وحزب الله عن الأسد، مجازاً، في حربٍ ترى فيها إيران أحلامها تتحول إلى حقيقة، فإن هذا الأمر أيضاً لا يعني وقف الحرب.
لا خطأ كبيراً، لو تم التوجه اليوم إلى بناء شكل جديد لسورية، لتكون هناك محادثات جديّة بشأن السلام، بحسب أولئك، علماً أن الأسد نفسه لا يزال يرفض فكرة التقسيم، لكن نسيانه جبهة الرقة وأقساماً كبيرة من دير الزور، وقبوله وجوداً شكلياً لنظامه في المناطق الكردية في سورية، يجعلان من الممكن أن تصبح فكرة تقسيم البلاد ممكنة. ويمكن القول إن سعي الأسد، ومعه روسيا وإيران وحزب الله، إلى الحصول على أكبر جغرافية ممكنة من سورية تحت سيطرتهم، ليس إلا من باب جعله مفاوضاً قوياً، يفرض شروطه، وليس من باب الإيمان الحقيقي بإعادة سورية إلى ما كانت عليه، فلو كانت هناك القدرة على شيء مماثل، لتمت استعادة الضواحي القريبة من القصر الرئاسي، والتي هي خارج سيطرة النظام أو أجزاء من ريف دمشق على مسافةٍ لا تتعدّى كيلومترات قليلة عن مكان وجود الأسد في دمشق.
إذا قبل الأسد فكرة بناء شكل جديد لسورية، فإن المعارضة التي لم يجعلها حلفاؤها تستفيد من طائرة واحدة في المطارات التي سيطرت عليها، ولم تؤمن لها سلاحاً نوعياً، سترفض هذا المبدأ جملة وتفصيلاً. ولكن، هناك حلفاء للمعارضة يريدون لهذه الحرب أن تستمر، وأن تبقى الأطراف العسكرية التي ترتبط بالقرار السياسي على قيد الحياة، بأن تتوفر فقط على أسلحةٍ غير كافية وفعالة لحسم حرب كبيرة كالتي تجري، الأمر الذي يجعل المتابع يعتقد بأن هؤلاء الحلفاء يعملون على وجود سورية بشكل آخر غير التي كانت عليها، ومساحتها 185 كم مربع، وستكون هناك معارضة تقبل بفكرة تقسيم البلد، وسينضم لها آخرون ممن يتمسكون الآن بوحدة سورية، حينما يجدون أنفسهم مستثنين من أي حل وأي شرعية دولية.
هي مفاوضات لا سبيل لها لأن تنجح، وأحد شروطها ألا يكون الآخر موجوداً بعد المفاوضات، وحين يتم قبول فكرة وجود شكل إداري جديد لسورية، كالفيدرالية مثلاً، سينتهي الشرط المستحيل في هذه الحوارات، وسيكون هناك قاسم مشترك جديد، يمكن العمل عليه وتطويره من جميع الأطراف، لا سيما أميركا على لسان وزير خارجيتها، وما صرحت به عن الخطة (ب)، لو فشلت المفاوضات، وما قاله نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، عن رغبة بلاده بوصول السوريين إلى إنشاء جمهورية فيدرالية.
كانت المؤتمرات الأولى للمعارضة مجمعة على جملة أمور، أهمها الإصلاح السياسي الذي تطور إلى تنحي بشار الأسد ونظامه عن الحكم. وفيما بعد، لم يعد للمعارضة بشكل عام توجه محدد، عدا مطلب تنحي الأسد، حيث أن مطالب بعض القوى العسكرية على الأرض، والتي تتضمن برامج سياسية أيضاً، تعلقت بإقامة دولة خلافة أو إسلامية. وبغض النظر عن عدم تعامل المجتمع الدولي مع هذه القوى، عسكرياً أو سياسياً، واعتباره الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الممثل السياسي الوحيد للمعارضة، فإن ما قالته هذه القوى العسكرية لم يتم التنازل عنه بعد. إضافة إلى هذا، لا يوجد إلى الآن إجماع للمعارضة السياسية على كلمة واحدة تتعلق بمصير سورية.
لعل القول إن المؤتمرات التي عقدها النظام السوري في الداخل، له ولحلفائه، أو مع حلفائه في الخارج وحدها التي كانت مجمعةً، طوال فترة الصراع في سورية، على جملة قضايا محددة، وفي مقدمتها، عدم قبول إزاحة الرئيس بشار الأسد عن السلطة، وقبول مفاوضات لا تؤدي إلى أي نتيجة. ولم تؤد هذه المؤتمرات إلى نتائج لحل الأزمة، على الرغم من هذا الإجماع لديها، كما مؤتمرات المعارضة السورية بكل توجهاتها العسكرية والسياسية والإغاثية والمدنية.
انعدام القواسم المشتركة للحوار، وترقب أي فصيل الانتصار وحسم الأمور في أي وقت، حتى ضمن فترة الإعداد للحوار، بالإضافة إلى العوامل الخارجية المباشرة وما تريده من سورية المستقبل، وتسليح الفريقين وتأثيرها على دفع عجلة الحوار، والتي يتبين أنه لم يتم الإقرار بعد بتحولها إلى جدية، أثرت وتؤثر على مسار أي مؤتمر وحوار سيعقد، وتجعله أمراً صعب التحقيق، ساهمت كل هذه العوامل في انعقاد مؤتمرات منتهية الصلاحية قبل انعقادها.
يضاف إلى هذا ضبابية الرؤية الأميركية في ما يخص الوضع السوري، حيث كانت كل الحسابات الأميركية تنتهي إلى مساعدات عسكرية روسية لجيش النظام في أقصى حد، من دون أن يكون هناك خيار مشاركة روسية في العمليات العسكرية بشكل مباشر. التردد الأميركي حيال الوضع السوري والاكتفاء بالتصريحات الإعلامية المطالبة برحيل الأسد، وعدم شرعيته، والتهديد بأنه لن يكون له دور في مستقبل سورية لم تكن أموراً كافية لإزاحة الأسد عن السلطة، خصوصاً أن الكلام لو كان ينفع لنفعت أصوات الملايين التي خرجت تطالب بإسقاطه، وما كانت هناك حاجة لكلام أميركي.
ما يجب أن يتم السؤال عنه هو إلى متى سيتم عقد مؤتمرات فاشلة بخصوص الأزمة في سورية، وما الذي يمكن أن يجعلها تأخذ مساراً حقيقياً؟ لا شك في أن قوة الإرادة الدولية، والمتمثلة بأميركا وحلفائها، كانت قادرة فيما سبق على عقد هذا المؤتمر وإنجاحه، أو إسقاط الأسد عسكرياً بتدخل عسكري، لم يكن بالضرورة أن يكون برياً، لكن وجود إيران وحزب الله، اليوم، على أرض المعركة، سيجعل من الصعب الوصول إلى حل سياسي، فإيران لا تقبل مفاوضاتٍ لا تكون هي الرابحة فيها، كما أن لديها القدرة الكبيرة على التمييع السياسي. كما أن روسيا التي زجت بنفسها في الصراع ليس لديها قرار بالسلام، حيث هناك سلاح كاف ليحارب به جيش الأسد وموالوه سنوات، وإن يخسر هؤلاء كثيراً من الجغرافية السورية. ولو افترضنا تخلي إيران وحزب الله عن الأسد، مجازاً، في حربٍ ترى فيها إيران أحلامها تتحول إلى حقيقة، فإن هذا الأمر أيضاً لا يعني وقف الحرب.
لا خطأ كبيراً، لو تم التوجه اليوم إلى بناء شكل جديد لسورية، لتكون هناك محادثات جديّة بشأن السلام، بحسب أولئك، علماً أن الأسد نفسه لا يزال يرفض فكرة التقسيم، لكن نسيانه جبهة الرقة وأقساماً كبيرة من دير الزور، وقبوله وجوداً شكلياً لنظامه في المناطق الكردية في سورية، يجعلان من الممكن أن تصبح فكرة تقسيم البلاد ممكنة. ويمكن القول إن سعي الأسد، ومعه روسيا وإيران وحزب الله، إلى الحصول على أكبر جغرافية ممكنة من سورية تحت سيطرتهم، ليس إلا من باب جعله مفاوضاً قوياً، يفرض شروطه، وليس من باب الإيمان الحقيقي بإعادة سورية إلى ما كانت عليه، فلو كانت هناك القدرة على شيء مماثل، لتمت استعادة الضواحي القريبة من القصر الرئاسي، والتي هي خارج سيطرة النظام أو أجزاء من ريف دمشق على مسافةٍ لا تتعدّى كيلومترات قليلة عن مكان وجود الأسد في دمشق.
إذا قبل الأسد فكرة بناء شكل جديد لسورية، فإن المعارضة التي لم يجعلها حلفاؤها تستفيد من طائرة واحدة في المطارات التي سيطرت عليها، ولم تؤمن لها سلاحاً نوعياً، سترفض هذا المبدأ جملة وتفصيلاً. ولكن، هناك حلفاء للمعارضة يريدون لهذه الحرب أن تستمر، وأن تبقى الأطراف العسكرية التي ترتبط بالقرار السياسي على قيد الحياة، بأن تتوفر فقط على أسلحةٍ غير كافية وفعالة لحسم حرب كبيرة كالتي تجري، الأمر الذي يجعل المتابع يعتقد بأن هؤلاء الحلفاء يعملون على وجود سورية بشكل آخر غير التي كانت عليها، ومساحتها 185 كم مربع، وستكون هناك معارضة تقبل بفكرة تقسيم البلد، وسينضم لها آخرون ممن يتمسكون الآن بوحدة سورية، حينما يجدون أنفسهم مستثنين من أي حل وأي شرعية دولية.
هي مفاوضات لا سبيل لها لأن تنجح، وأحد شروطها ألا يكون الآخر موجوداً بعد المفاوضات، وحين يتم قبول فكرة وجود شكل إداري جديد لسورية، كالفيدرالية مثلاً، سينتهي الشرط المستحيل في هذه الحوارات، وسيكون هناك قاسم مشترك جديد، يمكن العمل عليه وتطويره من جميع الأطراف، لا سيما أميركا على لسان وزير خارجيتها، وما صرحت به عن الخطة (ب)، لو فشلت المفاوضات، وما قاله نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، عن رغبة بلاده بوصول السوريين إلى إنشاء جمهورية فيدرالية.