وأوضح المصدر، الذي تحدث إلى "العربي الجديد"، أن "هاشم بشر، المقرب من الإمارات والذي يتولى منصب المستشار الأمني للسراج، كان وسيطا في تلك الجهود التي ساعدت على إنجاحها دول معنية بالشأن الليبي، من بينها مصر والأردن وروسيا. وسيعلن كل من القطراني والمجبري عن عودتهما قريبا للعمل".
وكان المجبري والقطراني قد أعلنا، في يوليو/ تموز الماضي، عن استقالتهما من المجلس.
المصدر رجّح أن انخراط الإمارات في جهود التقريب بين حفتر والسراج، ونجاحها النسبي حتى الآن، يكشف عن عدة مسارات تعمل عليها أبوظبي، كدعمها لخطط عسكرية لحفتر ترغب في الاقتراب من العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى تبنيها لبعض المليشيات القوية داخل العاصمة نفسها، وأبرز قادتها هثيم التاجوري، قائد مليشيات "ثوار طرابلس"، المعروف بأنه من أبرز رفاق هاشم بشر، الشخصية السياسية والأمنية المقربة من السراج والإمارات.
وأشار المصدر أيضا إلى أن "الإمارات التي غابت عن أضواء التصريحات والظهور الرسمي لفترة، كانت تعمل على تمتين وجودها على الأرض في طرابلس، ونجحت في تضييق الخناق على حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، لتنتهي بالفعل إلى إحداث تقارب بين السراج وحفتر"، حسب قوله.
وتعليقا على معلومات المصدر، قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية خليفة الحداد، إن "السراج يعيش فوضى عارمة داخل مجلسه، كما يعيش حفتر فوضى داخل معسكره، وكلاهما مرغم على قبول أي جهود قد تأتي لإنقاذ أوضاعهما"، مشيرا إلى أن "الخلافات باتت قوية داخل المجلس الرئاسي"، واستشهد بقرار السراج تعيين وزير جديد للصحة الأسبوع الماضي، والذي أعلن نائب المجلس الرئاسي أحمد امعيتيق، مساء أمس الأحد، عن إلغائه واعتبره "منافيا لقوانين ولوائح المجلس صراحة".
وقال الحداد، لــ"العربي الجديد"، إن "أبوظبي كما دعمت فصيلا مسلحا في طرابلس تسبب في إفشال خطة الترتيبات الأمنية بشهادة وزير الداخلية، تسعى الآن لإحداث شلل في المجلس الرئاسي. فلا يمكن أن تتوازن كفة قراراته بوجود مؤيدي حفتر ومعارضيه"، متسائلا "كيف يوافق المجبري والقطراني، ومن روائهم حفتر، على الرجوع للمجلس وفي هذا التوقيت بعد سنين من رفضه واعتباره مجلسا غير شرعي؟".
وأوضح أنه "إنْ قلنا إن حفتر أجبر على السير في خط التوافق والوفاق السياسي الأممي، والمدعوم دوليا، فما الداعي لعودة الرجلين للمجلس الرئاسي إن لم تكن هناك مساع تخريبية؟".
وتابع: "أعتقد أنه بإعلان فصائل طرابلس مطلع الشهر الجاري رفضها لأي تحرك عسكري باتجاه العاصمة، بدا الأمر صعبا على حفتر، ومن ورائه الإمارات وفرنسا لاقتحام العاصمة حتى بوجود من يؤيدها داخلها، وعليها بالتالي إيجاد خطوط اختراق أخرى لتلك الحكومة التي جمعت تمثيلا لكل الأطراف المعارضة لحفتر، وعلى الأقل أن يكون للرجلين دور في إحداث توازن أو منع قرارات لحكومة الوفاق من شأنها أن تهدد وضع حفتر".
وتساءل الحداد: "كيف يوافق حفتر على رجوع الرجلين بعد أن هدد برفع قضية لمحاسبة حكومة الوفاق ومجلسها اللذين عينا علي العيساوي وزيرا الشهر قبل الماضي في حقيبة مهمة، وهو الشخصية التي تمثل تيارا يحمل معارضة واضحة ومعلنة لمشروع حفتر العسكري؟".
في المقابل، يرى المحلل السياسي الليبي عمران الشديد عكس ما يراه الحداد، مشيرا إلى أن "داعمي حفتر، سواء الإمارات أو غيرها، يسعون لإنقاذه ليس إلا".
وأوضح الشديد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المشهد سجل، في الآونة الأخيرة، تقاربا كبيرا بين حفتر وحكومة الوفاق، وأبرز شاهد على ذلك الجهود التي تعمل حاليا على توحيد المؤسسة الأمنية في البلاد، والتي برزت قبل يومين خلال لقاء مفاجئ بين مديري مديريتي طرابلس وبنغازي في بنغازي، التي تقع تحت سيطرة حفتر".
وشدد على أن "فتحي باشاغا (وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني) طرف أساسي في هذه التحركات. باشاغا يعني مصراته بثقلها العسكري والسياسي"، موضحا أن "حفتر خرج أمس وأعلن تأييده الضمني لهذا التقارب، من خلال قوله إن ضبط الأمن في البلاد يحتاج جهودا جماعية ليبية"، موضحا أن "اتجاهات المجلس الرئاسي للتقارب والتفاهم مع أي طرف يعني أن جهودا دولية تدفعه إلى ذلك".
وذكر المحلل السياسي أنه "لا يمكن أن تنجح الإمارات في إرجاع العضوين المقاطعين بمعزل عن موافقة إيطاليا، أبرز الدول الكبرى الداعمة للمجلس الرئاسي والسراج، رجلها الأول، ما يعني تفاهمات دولية وإقليمية جديدة".
وأكد الشديد أن "ملامح التقارب، سواء من خلال تقارب وزراتي الداخلية في حكومة الوفاق وحكومة مجلس النواب أخيرا في بنغازي، لتوحيد المؤسسة العسكرية، أو من خلال عودة العضوين المقاطعين، لا تعكس سوى رغبة دولية في رأب الصدع بين أبرز رجلين، وهما السراج وحفتر، قبل انعقاد الملتقى الوطني الجامع الذي تعول الأمم المتحدة عليه لإفراز مشهد جديد يفضي إلى مشهد سياسي أكثر تقاربا وتفاهما".
وأبرز أنه "لا بد للمجتمع الدولي الاتفاق على وجود الرجلين: السراج الذي يمثل مصالح دول كبرى، وحفتر الذي يحقق طموح دول أخرى"، مؤكدا أنه "بات من الواضح أن السراج وحفتر يمثلان حربتي الصراع الدولي في البلاد".