18 فبراير 2020
لماذا تخلّى السوريون الكرد عن "روج آفا"؟
بعد نحو أربع سنوات على إعلان كرد سورية الإدارة الذاتية، والإعلان عن إقليم "روج آفا كردستان – غرب كردستان"، جاء اجتماع رميلان الذي حضرته 165 شخصية حزبية وسياسية سورية كردية، وإعلان المجتمعين عن إلغاء مصطلح "روج آفا"، والإعلان عن فيدرالية شمال سورية، معتبرين أن الفيدرالية مشروع الحل الديمقراطي للأزمة السورية. قوبل القرار برفض أوساط كردية حزبية وثقافية، بل اعتبره بعضهم خيانة للطموحات القومية الكردية إلى درجة أن هناك من ذهب إلى القول إن ما جرى لم يكن سوى استكمال لصفقة بين النظام وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
لم يبالِ أصحاب القرار كثيراً بالانتقادات، واعتبروا أن المشروع الجديد أكثر واقعيةً، من حيث المضمون والقبول المحلي والإقليمي والدولي، مؤكدين أن ما جرى لا يعني التنازل عن المطالب القومية للكرد، بقدر ما يعني تحصينها في إطار وطني سوري، على اعتبار أن الفيدرالية تحقق هذه المطالب، بعيداً عن الصدام القومي أو الهوياتي، خصوصاً وأن أطرافاً محلية، كالسريان والآشوريين، كانت تبدي عدم الرضى من الصبغة القومية الكردية للحراك الجاري. لكن، بعيداً عن هذه التبريرات، وكذلك الرفض، لا بد من النظر إلى الحدث في إطار جملةٍ من التطورات الدراماتيكية التي تشهدها سورية، بعد حسم النظام وحلفائه معركة حلب عسكرياً لصالحهم، ولعل من أهم هذه التطورات:
أولاً، جاء إعلان المشروع الجديد في ظل رعاية روسية لمفاوضاتٍ بين النظام وأحزاب كردية في قاعدة حميميم. وعلى الرغم من أن الجولة الأولى من هذه المفاوضات فشلت في التوصل إلى نتيجة، إلا أنه تم الاتفاق على جولة جديدة من المفاوضات، وهو ما يعني عودة مسار العلاقات بين الجانبين، بعد أن توقفت في السنوات الماضية.
ثانياً، جاء الإعلان في ظل التحضيرات الجارية لمفاوضات أستانة، حيث طلب الروس من الكرد تشكيل وفد موحد للمشاركة في هذه المفاوضات، ولاحقاً الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف المقرّرة في الثامن من فبراير/ شباط المقبل.
ثالثاً، لم يكن الإعلان بعيداً عن تداعيات عملية درع الفرات، وتطور هذه العملية باتجاه مدينة الباب الاستراتيجية التي باتت القوات التركية والمتعاونة معها على أبوابها، ما يعني قطع الطريق أمام المشروع الكردي في ربط الكانتونات الكردية بين عفرين وعين العرب (كوباني)، وصولاً إلى الجزيرة، أي قطع الطريق أمام احتمال إقليم كردي بطابع قومي.
رابعاً، لا يمكن النظر إلى هذا الإعلان بعيداً عن مفاعيل التقارب الروسي – التركي الذي تحوّل عاملاً مؤثراً في تطورات الأزمة السورية، بشقيها الميداني والسياسي، خصوصاً وأن هذا التقارب يحظى بدعمين، إقليمي ودولي.
خامساً، ثمة شكوكٌ عميقة لدى الكرد بأن الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترامب، قد لا تواصل مسيرة الدعم الأميركي لهم، كما في عهد باراك أوباما الذي يستعد للرحيل عن البيت الأبيض. وبالتالي، تبدو هذه الخطوة استباقيةً لاستشراف مستقبل العلاقة مع الإدارة الأميركية واحتمال تخليها عنهم. وبالتالي، التخفيف من حدة التداعيات عليهم، خصوصاً وأنهم عمليا باتوا الحلفاء الوحيدين لواشنطن في سورية.
مجمل العوامل السابقة هي في صلب الأسباب التي دفعت الكرد إلى التخلي عن "روج آفا" لمصلحة فيدرالية شمال سورية، وإذ كان القرار يعكس براغماتيةً سياسيةً على شكل استشراف للظروف والتطورات، فالإشكالية الكبرى تبقى في البيت الكردي الذي يعيش على وقع الخلافات، ويعاني من الانقسام نتيجة الصراع الجاري بين أربيل وقنديل على المشهد الكردي في الشرق الأوسط.
لم يبالِ أصحاب القرار كثيراً بالانتقادات، واعتبروا أن المشروع الجديد أكثر واقعيةً، من حيث المضمون والقبول المحلي والإقليمي والدولي، مؤكدين أن ما جرى لا يعني التنازل عن المطالب القومية للكرد، بقدر ما يعني تحصينها في إطار وطني سوري، على اعتبار أن الفيدرالية تحقق هذه المطالب، بعيداً عن الصدام القومي أو الهوياتي، خصوصاً وأن أطرافاً محلية، كالسريان والآشوريين، كانت تبدي عدم الرضى من الصبغة القومية الكردية للحراك الجاري. لكن، بعيداً عن هذه التبريرات، وكذلك الرفض، لا بد من النظر إلى الحدث في إطار جملةٍ من التطورات الدراماتيكية التي تشهدها سورية، بعد حسم النظام وحلفائه معركة حلب عسكرياً لصالحهم، ولعل من أهم هذه التطورات:
أولاً، جاء إعلان المشروع الجديد في ظل رعاية روسية لمفاوضاتٍ بين النظام وأحزاب كردية في قاعدة حميميم. وعلى الرغم من أن الجولة الأولى من هذه المفاوضات فشلت في التوصل إلى نتيجة، إلا أنه تم الاتفاق على جولة جديدة من المفاوضات، وهو ما يعني عودة مسار العلاقات بين الجانبين، بعد أن توقفت في السنوات الماضية.
ثانياً، جاء الإعلان في ظل التحضيرات الجارية لمفاوضات أستانة، حيث طلب الروس من الكرد تشكيل وفد موحد للمشاركة في هذه المفاوضات، ولاحقاً الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف المقرّرة في الثامن من فبراير/ شباط المقبل.
ثالثاً، لم يكن الإعلان بعيداً عن تداعيات عملية درع الفرات، وتطور هذه العملية باتجاه مدينة الباب الاستراتيجية التي باتت القوات التركية والمتعاونة معها على أبوابها، ما يعني قطع الطريق أمام المشروع الكردي في ربط الكانتونات الكردية بين عفرين وعين العرب (كوباني)، وصولاً إلى الجزيرة، أي قطع الطريق أمام احتمال إقليم كردي بطابع قومي.
رابعاً، لا يمكن النظر إلى هذا الإعلان بعيداً عن مفاعيل التقارب الروسي – التركي الذي تحوّل عاملاً مؤثراً في تطورات الأزمة السورية، بشقيها الميداني والسياسي، خصوصاً وأن هذا التقارب يحظى بدعمين، إقليمي ودولي.
خامساً، ثمة شكوكٌ عميقة لدى الكرد بأن الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترامب، قد لا تواصل مسيرة الدعم الأميركي لهم، كما في عهد باراك أوباما الذي يستعد للرحيل عن البيت الأبيض. وبالتالي، تبدو هذه الخطوة استباقيةً لاستشراف مستقبل العلاقة مع الإدارة الأميركية واحتمال تخليها عنهم. وبالتالي، التخفيف من حدة التداعيات عليهم، خصوصاً وأنهم عمليا باتوا الحلفاء الوحيدين لواشنطن في سورية.
مجمل العوامل السابقة هي في صلب الأسباب التي دفعت الكرد إلى التخلي عن "روج آفا" لمصلحة فيدرالية شمال سورية، وإذ كان القرار يعكس براغماتيةً سياسيةً على شكل استشراف للظروف والتطورات، فالإشكالية الكبرى تبقى في البيت الكردي الذي يعيش على وقع الخلافات، ويعاني من الانقسام نتيجة الصراع الجاري بين أربيل وقنديل على المشهد الكردي في الشرق الأوسط.