لماذا بكينا إذاً ونحن نقرأ جان فالجان؟

12 يناير 2015
"العارية" لزينة عاصي، إكرليك على قماش
+ الخط -
بيتي له بابان
باب الحديقة الخارجي (الذي لا ينغلق ويحتاج أن أصلحه)
و باب البيت الداخلي (الهش الجميل الذي يمكن أن تكسره بضربة قدم)
بين الباب الخارجي والباب الداخلي خمسة أمتار من ممر حجري على جانبيه عشب أخضر
ينصحني أصدقائي أن أصلح الباب الخارجي - كي ينغلق.
وأن أضع باباً حديدياً وراء الباب الداخلي الهش كي أشعر بالأمان.
لكنني بدلاً من كل هذا أترك العشب البري ينمو في حديقتي
شيء ما يقول لي..
أن شخصاً ما سيعبر الباب الخارجي متلفتاً حوله
وقبل أن يدفع الباب الداخلي بقدميه
ستقع عيناه - رغماً عنه
على النباتات البرية
التي اشتد عودها
خمسة أمتار تكفي
كي يفكر
خمسة أمتار ستجعله يغلق باب الحديقة الخارجي بإحكام - بعد أن يخرج
وربما يفاجئني بإصلاحه - يوماً ما -
(لماذا بكينا إذاً ونحن نقرأ جان فالجان؟)

***

من شرفة الفندق الذي يطلّ على البحر كنت أتأمل شخصاً بعيداً يجلس في مقهى ناء على الشاطئ.. كانت شمس الظهيرة خافتة.. وكانت أمامه طاولة عليها: أوراق ومطفأة سجائر وفنجان قهوة.. كان منهمكاً في الكتابة فلم ينتبه لريح بحر مفاجئة بعثرت أوراقه.. يبدو أنها كانت بيضاء لأنه لم ينهض ليلمها.. بعد أن رحل هبطت ولملمت كل الأوراق المتناثرة.. لم يكن لدي سواها وعليها كتبت كل قصائدي.

***

لم يكن الأمر مستحيلاً، لكنه لم يكن ممكناً أيضاً، لقد قطعنا كل هذه المسافة سيراً على الأقدام، وحين وجدنا أخيراً ذلك المقعد الحجري جلسنا عليه منهكين، مرت حافلة من وراء حافلة، فتعللنا بأن الحافلة الأخيرة ستكون أقل ازدحاماً، وسنتمكن من أن نعود إلى بيوتنا جالسين في آخر الليل، مرّت حافلة من وراء حافلة، ونحن ممددون على المقعد الحجري، وكان بشر ينهضون من فوقنا مسرعين ويرمون علينا جرائد الصباح بعد أن قرأوها حرفاً حرفاً.

***

وصف لي الطبيب قطرة لعيني
لأن الدموع تجفّ بعد الخمسين
أنا واثقة أن هناك بركة من الدموع تتجمع الآن في مكان لا أعرفه في جوفي
أنا واثقة أيضاً
أن الطحالب بأخضرها الباهت كعيني
بدأت رقصتها فوقها
حسناً...
سينزلق فوقها الحزن
بينما أضع القطرة كل صباح
وأخرج إلى العالم بعينين لامعتين
مغرورقتين بالماء
ولا أحد غيري
سيشمّ رائحته اللاذعة.

دلالات
المساهمون