على وقع التصعيد العسكري والتطورات الدراماتيكية التي شهدها اليمن في الأسابيع الأخيرة، يسعى المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى إعادة تحريك جهود استئناف المفاوضات بين الأطراف، في ظل معطيات زادت من تعقيدات المشهد اليمني، وأبرزها مقتل رئيس ما يُسمّى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، واجهة سلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، صالح الصماد، وسط توقعات أن يلقي ذلك بظلاله على أي محطة سلام مقبلة. كذلك فاجأت مصر الجميع بموقف لافت يمنياً.
في هذا السياق، شدّد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على أنه "لا يوجد حلّ عسكري للأزمة اليمنية"، مؤكداً "استعداد مصر الدائم لتقديم الدعم السياسي لجهود تحقيق السلام والحل السياسي، بالإضافة إلى دعمها، بطبيعة الحال، جهود الأمم المتحدة للوساطة". كلام شكري جاء عقب مباحثات أجراها مع نظيره اليمني عبد الملك المخلافي، بالقاهرة، أمس الأحد.
وحول تفاصيل المقترحات التي يحملها المبعوث الدولي، أشارت المصادر إلى أنه "لا يحمل خطة مكتوبة حتى اليوم، بقدر ما يناقش الأفكار الأولية، التي تتمحور حول أهمية الشروع في خطوات لبناء الثقة ومجموعة من الإجراءات والتفاهمات المبدئية التي تضمن التزام الأطراف بالدخول في جولة مشاورات في المرحلة القليلة المقبلة. على أن الأفكار الأولية المقترحة حول الحل، لا تخرج عن الأفكار الرئيسية التي تدور حولها الجهود السياسية منذ نحو ثلاث سنوات، وتتمثل بشقين، سياسي يتطلب تشكيل حكومة جديدة تشارك فيها مختلف الأطراف، بما في ذلك الحوثيون، وأمني يتطلب من الجماعة، الانسحاب من المدن الرئيسية وتسليم الأسلحة ومختلف الترتيبات العسكرية المطلوبة، بالترافق مع المفاوضات أو في أعقاب الوصول إلى اتفاق".
وكان غريفيث، الذي عُين في فبراير/ شباط الماضي، قد قام بجولته الأولى في المنطقة بين أواخر شهر مارس/ آذار الماضي وحتى مطلع شهر إبريل/ نيسان الحالي، وقدّم إحاطته الأولى إلى مجلس الأمن الدولي في 17 من الشهر الحالي، التي وعد فيها بأن يضع أمام المجلس إطاراً عاماً في غضون شهرين. وهو ما بدأ العمل عليه بجولته الجديدة في المنطقة، منذ أواخر الأسبوع الماضي، حين التقى الرئيس عبدربه منصور هادي، في العاصمة السعودية الرياض، ومن المقرر أن يقوم بزيارة إلى صنعاء يوم السبت المقبل.
وعلى الرغم من التصعيد العسكري الذي يسود الساحل الغربي أيضاً، بفعل دعم قوات التحالف العربي قوات يمنية للتقدم نحو مدينة الحديدة الاستراتيجية، وكذلك في المناطق الحدودية بين الحوثيين والسعودية، فإن المبعوث الأممي يجد ترحيباً علنياً من مختلف الأطراف التي يلتقيها، بما فيها الحكومة الشرعية وكذلك الحوثيون. وطُرحت تساؤلات حول طبيعة الأثر الذي سيتركه مقتل الصماد على موقف الحوثيين في المفاوضات وجهود السلام، إذ إن الخسارة التي مُنيت بها الجماعة بمقتله قد تدفعها إلى تقديم تنازلات، لتتمكّن من التقاط الأنفاس على الأقل، كما أنها في الإطار نفسه، يمكن أن تدفعها إلى التشدد والشروع بمزيد من الإجراءات التصعيدية التي تسعى من خلالها إلى إثبات عدم تأثرها بمقتل الصماد، أو ربما بخسائر غير معلنة للجماعة، الأمر الذي سيتضح خلال الأسابيع المقبلة.