لعبة السكاكين

19 مارس 2016
لعبة السكاكين الدارجة هذه الأيام (Getty)
+ الخط -
بسبب لعبة السكاكين الدارجة هذه الأيام، فإن الكثير ممن أعرفهم فقدوا رؤوسهم مؤخراً بطرق مختلفة، وأن تفقد رأسك فذلك يعني أنك سوف تعاني كثيراً في بقية حياتك، سوف تعاني مثلاً من آلام مبرحة في الرقبة، ستجد صعوبة في النوم، والأهم من كل ذلك أن الكثير من أصدقائك لن يتعرف عليك.
لدي صديق فقد رأسه منذ ما يقارب الشهرين، وبعد بحث لمدة أسبوع وجد رأساً يتناسب قليلاً مع جسده، صديقي هذا حين يزورني، يحمل رأسه بيده ويضعه إلى جانبه طيلة زيارته، ويحدثني كثيراً عن معاناته، وبأن مشكلة رأسه قد تتسبب في طرده من العمل، وذلك لأنه يذهب أحياناً إلى عمله وينسى رأسه في البيت. كل هذه الأمور فرضت عليّ أن أكون أكثر حذراً وحرصاً ألا أفقد رأسي، فلا أكتفي فقط بتفحصه وتلمسه كل الصباح لأتاكد من وجوده في مكانه الصحيح، بل أتوجه إلى المرآة كلما استيقظت صباحاً وقبل النوم، وكل ما شعرت بالقلق حيال فقدي لرأسي، وذلك لأتأكد بعيني بأنه ما زال موجوداً.
إحدى المرات خرجت إلى الدكان لأشتري زجاجة مياه، صُعقت بوجود رأسي في الثلاجة بالقرب من علبة بيبسي، تلمست ذلك الشيء الموجود فوق رقبتي لكنه كان ما يزال موجوداً في مكانه، فأسرعت إلى البائع، وأخبرته بأن رأسي ما زال موجوداً بين كتفيّ، وهذا يعني بأني ما زلت أملكه، ولا يحق له بأن يقوم بعرضه في ثلاجته، لكنه أقسم بأنه رأس لشخص غيري، وإنه ربما يشبه رأسي، عدت إلى الثلاجة لأتأكد من ذلك وأتفحصه جيداً، لكن المفاجأة كانت بوجود أكثر من رأس لي داخلها، صرخت في البائع خائفاً دون أن أحرك عيني عن تلك الرؤوس: كيف حصلت على كل هذه الرؤوس لي، إذا كنت أنا نفسي أملك واحداً منها فقط، لكنه سخر مني بقوله: "أوووه متى تفهمون أن الرؤوس تصبح متشابهة بعد أن تُقطع".
لم أقتنع كثيراً بكلامه، لكنني حاولت أن أخفف من هول الصدمة بأن طمأنت نفسي برأسي الموجود بين أكتافي، وبأن المهم هو أنني ما زلت أملك رأسي حتى لو كان هناك غيره ألف رأس لي في ثلاجة، أو تحت عجلة شاحنة.
البارحة خرجت إلى الشارع لأشتري علبة سجائر، فشاهدت أمام باب البيت طفلين يلعبان لعبة السكاكين تلك، كانا يلعبان بطريقة جيدة بالنسبة لعمرهما، فلم يتجاوزا المنطقة المسموح الطعن فيها، والتي هي من الخصر إلى الكتفين.
تابعت طريقي لأصادف صديقاً لي فألقيت التحية عليه بطعنة في خاصرته، فردّ التحية بأحسن منها، بطعنة في منتصف ظهري. عندما وصلت إلى الدكان، طلبت من البائع علبة السجائر، فطلب سعراً أكثر من المعتاد. أغضبني ذلك كثيرًا فصرخت به : "أي شو مفكرنا حمير بدك تسرقنا".
فما كان منه إلا أن أخرج سكينه من جيبه، وطعنني مباشرة في القلب، حاولت أن أهرب لكنني تعثرت بإحدى الجثث المتكومة على الأرض، فانقض عليّ البائع وسدد ضربة سكين واحدة كانت كفيلة بجعل رأسي يتدحرج أمامي، أمسكت برأسي وهربت، ركضت بسرعة ورأسي بين يدي محاولاً حمايته، وصلت إلى مكان بيتي ولكنني لسبب لا أدركه لم أتوقف، بل تابعت الركض، قطعت الكثير من المدن وأنا أركض.
ومازلت إلى الآن أركض حاملاً رأسي بين يدي.

اقرأ أيضاً: آذار كلّ مرّة
المساهمون