لجنة الأمن والمخابرات البرلمانية البريطانية تحقق في "مصنع المتصيدين" الروسي

16 نوفمبر 2017
ماي تتوقع إعادة هيكلة اللجنة الأمنية لبدء التحقيق(فرانس برس)
+ الخط -

دفع تزايد الأدلة التي تشير إلى تدخّل "مصنع المتصيدين" الروسي في السياسة الداخلية البريطانية، رئيسة الوزراء تيريزا ماي، إلى طلب إعادة هيكلة لجنة الأمن البرلمانية.

فجهاز المراقبة المخابراتي البريطاني يواجه مطالباً بتقصّي الدور الروسي في التأثير على السياسة الداخلية البريطانية، مع الكشف عن الآلاف من الحسابات الوهمية التي استُخدمت للتأثير على تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

وخلال جلسة نقاش برلمانية، طرحت نائبة عمالية، على رئيسة الوزراء، ضرورة قيام لجنة الأمن والمخابرات البرلمانية بتقصّي دور الكرملين في تقويض "ديمقراطيتنا"؛ وهو ما ردت عليه ماي بأنها تتوقع إعادة هيكلة اللجنة الأمنية فوراً.

وتعد لجنة الأمن والمخابرات البرلمانية إحدى أكثر اللجان البرلمانية تأثيراً، وبالتالي فإن تصدّرها للتحقيقات بهذا الخصوص يعد تصعيداً في رد الفعل البريطاني حول المحاولات الروسية للتلاعب بالرأي العام والسياسة البريطانيين.

وتضم اللجنة عدداً من النواب البرلمانيين من عدة أحزاب، ويعاد تشكيلها عادة بعد الانتخابات العامة. وتمتلك اللجنة سلطة الحصول على معلومات المخابرات السرية، وسبق لها أن تابعت الوثائق التي سرّبها "ويكيليكس" حول أنظمة المراقبة البريطانية.

وكانت الحكومة قد وضعت، مساء أمس، رؤيتها لتشكيل اللجنة البرلمانية، والتي يفترض أن يترأسها دومينيك غريف، وهو أحد النواب المحافظين المتمردين على قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي تتم مناقشته حالياً في مجلس العموم.

كما أن اللجنة الثقافية البرلمانية تجري تحقيقها الخاص في موضوع الأخبار الكاذبة، والتي ستستفيد بدورها من عمل لجنة الأمن والمخابرات، لقدرة الأخيرة على الوصول إلى الوثائق السرية التي لا تستطيع اللجنة الثقافية طلبها.

كما أن مفوضية الانتخابات أطلقت تحقيقاً للنظر في دور روسيا المفترض في التلاعب في استفتاء "بريكست"، ولكنها تفتقد الصلاحيات لمتابعة الأحداث خارج البلاد.



ويضاف إلى ذلك، تحقيق أجرته صحيفة "ذا غارديان" عن دور السفارة الروسية في لندن، ومحاولاتها تعزيز الدعاية الروسية في بريطانيا.

فقد حصلت الصحيفة على معلومات بمحاولة السفارة الروسية تضخيم وصولها الإلكتروني عبر "النادي الدبلوماسي الروسي على الإنترنت"، والذي تقوم السفارة من خلاله باستخدام حسابات "تويتر" الخاصة بالمشتركين لدعم وصول رسائلها الدعائية.

ويمكن الوصول إلى صفحة النادي الدبلوماسي على موقع السفارة الروسية في بريطانيا، والذي يعرف النادي على أنه "طريقة ليصل المهتمون بالسياسة الدولية، وكافة الأمور المتعلقة بروسيا، إلى المعلومات من أعلى المراتب الدبلوماسية، وأن يكونوا جزءاً من شبكة مميزة، على الإنترنت وخارجها".

وعند طلب التسجيل في النادي، يتم التحويل إلى صفحة تطلب من المشترك السماح للسفارة الروسية بإعادة نشر تغريداتها من حساب المشترك بصورة أوتوماتيكية ومن دون العودة إلى صاحب الحساب.

وكانت تغريدات السفارة الروسية قد أعيد تغريدها مئات المرات، وآخرها التغريدة التي سخرت فيها السفارة الروسية من كلمة ماي التي اتهمت فيها روسيا بالتدخل في الديمقراطيات الغربية. ماي قالت حينها في كلمتها "نحن نعلم ما تفعلون"؛ لتردّ عليها السفارة الروسية "نحن نعلم ما تفعلين أيضاً".

إلا أن المخاوف بين السياسيين البريطانيين من التلاعب الروسي حقيقية، وهو ما أكد عليه بن برادشو، الوزير العمالي السابق، بقوله "وبما أن لجنة الأمن والمخابرات قد تم تشكيلها الآن، من الضروري التحقيق في موضوع التدخل الروسي بأسرع وقت".

وقد كشف مسبقاً عن شبكة من الحسابات على شبكة "تويتر" تعود لجيش من المتصيدين العاملين لصالح مركز أبحاث الإنترنت الروسي، أو ما يعرف باسم "مصنع المتصيدين"، والذي حاول التأثير في الانتخابات الرئاسية الأميركية وتصويت "بريكست" البريطاني العام الماضي.

وحاولت التغريدات التي أطلقها عدد من الحسابات، وتم الكشف عنها، التأثير على الرأي العام البريطاني، من خلال التشويش على معسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي، والسخرية من تصريحات المسؤولين البريطانيين، ومنهم رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون.

وكانت هذه الحسابات الروسية قد أنشئت في دول غير بريطانيا، ونشطت في مرحلة قصيرة حول موعد الاستفتاء فقط. كما أن هذه الحسابات قامت بالعمل سوية، إذ نشرت التغريدات ذاتها وأعادت تدويرها فيما بينها وبفوارق زمنية بسيطة جداً، مما يوحي بتنظيم عملها.

وكانت شبكة "سي إن إن" الإخبارية قد نشرت تحقيقاً حول أحد هذه الحسابات @PeterMagLob، والذي بدا أنه يعود لمكان في ألمانيا وكان يغرد بالألمانية. وفي يوم الاستفتاء، بدأ الحساب بالتغريد بشكل جنوني باللغة الإنكليزية حول التصويت بنحو 20 تغريدة في الساعة. واستخدم الحساب وسوماً حيادية جداً مثل: "بريكست" أم لا، واستفتاء أوروبا. ولكن التغريدات التي نشرها الحساب كانت بعيدة كل البعد عن الحيادية.

ولا يزال الكشف عن تفاصيل التلاعب الروسي بالرأي العام البريطاني في بداياته، مع تقديم شبكات التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك" و"تويتر"، بيانات مستخدميها للسلطات الأمنية في إطار تعاونها مع البلدان المستهدفة من الدعاية الروسية.

ويذكر أن العديد من الاتهامات وُجهت لروسيا، لاستخدامها المعلومات كوسيلة حربية لنشر القلاقل في الدول الأوروبية، من خلال تهييج الرأي العام المتطرف، أو من خلال الأخبار الملفقة، والتي كان آخرها استخدام صورة من إحدى ألعاب الفيديو "دليلًا" على التعاون الأميركي مع تنظيم "داعش" الإرهابي.