أعلنت الحكومة اللبنانية ما يشبه إقفال الحدود أمام اللاجئين السوريين. الأرض لم تعد تتسع للمزيد من فقراء سورية، والبنى التحتية في مناطق لبنانية مختلفة تعطّلت بفعل وجود أكثر من مليوني لاجئ.
ويتناقل اللبنانيون أرقاما مهولة عن أعداد اللاجئين، تبقى كلها غير رسمية، بينما رسا العدد الفعلي، بحسب مفوضية شؤون اللاجئين التابعين للأمم المتحدة، على مليون و134 ألف لاجئ، بالإضافة إلى عشرة آلاف آخرين لا تزال طلبات لجوئهم تُدرس. أما حلّ هذه الأزمة فوجدته الحكومة أخيراً، عبر إصدار قرار يقضي بـ"وقف النزوح على الحدود باستثناء الحالات الإنسانية الاستثنائية"، دون تحديد مفهوم هذه الاستثنائية وتفسير هذه الحالات.
بعد مرور ما يقارب على عامين على بدء موجات اللجوء الجدي إلى لبنان (ديسمبر/كانون الأول 2012)، لا تنفكّ السلطة تبحث عن خطط ومشاريع لمعالجة هذا الملف، فتوصلت إلى هذا القرار مع المصادقة الوزارية على قرارات سابقة أهمها "نزع صفة النازح عن كل من يذهب إلى سورية".
أنهكت اللجنة الوزارية المختصة نفسها، وهي تضم كلاً من وزراء الداخلية والخارجية والشؤون الاجتماعية، بدراسة واقع اللجوء وظروفه والمخاطر التي ينتجها. إلا أنّ أياً من الوزراء لم ينتبه إلى محافظة الحكومة اللبنانية حتى اليوم على توصيف "نازح" وتفرّعاته بدل "لاجئ" وما يلحق به من حقوق. قد يكون في هذا القرار الحكومي سعيٌ وراء منع تفاقم أزمة اللجوء أكثر، إلا أنها فعلياً لا تحمل أي حلول، فما العمل بمئات آلاف اللاجئين الموجودين على الأرض اللبنانية؟ يأتي الجواب في القرار الوزاري نفسه: "تشجيع النازحين السوريين على العودة إلى بلادهم أو إلى بلدان أخرى بكل الوسائل الممكنة".
وبانتظار توضيح هذه "السياسة التشجيعية"، أوضحت مصادر وزارية لـ "العربي الجديد" أنّ المطلوب من هذا القرار "وضع حد للنزوح الاقتصادي". فبحسب ما يقول وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، فرغت المناطق السورية على الحدود مع لبنان من أهلها السوريين "ومن يدخل اليوم هم إما قادمون من مناطق بعيدة عن لبنان أو لأهداف اقتصادية".
لم يأتِ هذا الهمّ الاقتصادي بهذا الشكل العلني في قرار مجلس الوزراء اللبناني، إلا أنّ البنود التي حملها هذا القرار تشير إليه من خلال "التشدد في تطبيق القوانين على النازحين السوريين لحماية اللبنانيين في مجالات العمل والعمالة كافة". ويستوجب هذا البند إلزام العمال السوريين بالحصول على إجازات عمل، وهي سابقة في تاريخ العلاقات اللنبانية السورية منذ بدء تطبيق اتفاق الطائف (1990). أما ممارسة الرقابة بهدف التأكد من تطبيق هذا البند، فقد تكلّف الدولة اللبنانية أضعاف المترتبات المالية المقدمة اليوم في ملف اللاجئين، وأضعاف الجهاز البشري والأمني الموجود لديها، ليكون هذا القرار شبيهاً بالطموحات الرسمية السابقة، أو مجرّد حبر على ورق، تماماً كما كانت الأفكار المتعلّقة بإنشاء مخيّمات حدودية تجريبية لضبط عشرات آلاف اللاجئين.
وبعد مرور عامين على هذه الأزمة، تطرّقت الدولة اللبنانية أخيراً إلى وضع المجتمعات اللبنانية المضيفة، إذ يتبنى القرار الحكومي "التوازن بالمساعدات بين النازحين والمجتمع المضيف"، أي تأمين مشاريع إنمائية وبنى تحتية للبلديات "من صندوق سيادي تابع لرئاسة الحكومة اللبنانية ومدعوم دولياً"، بحسب ما يقول أحد مستشاري اللجنة الوزارية المختصة.
في الخلاصة، قدّمت الحكومة اللبنانية قرار إقفال الحدود بوجه السوريين بشكل "لطيف" و"مهذّب"، فلم تحمّلهم أوصافا عنصرية ولا مسؤولية تخريب الاقتصاد والبيئة. اتّفقت السلطة اللبنانية مجتمعة على هذا القرار الذي من المتوقع أن يصطدم مجدداً بعقبات تنفيذه الإدارية واللوجستية والميدانية.
ويتناقل اللبنانيون أرقاما مهولة عن أعداد اللاجئين، تبقى كلها غير رسمية، بينما رسا العدد الفعلي، بحسب مفوضية شؤون اللاجئين التابعين للأمم المتحدة، على مليون و134 ألف لاجئ، بالإضافة إلى عشرة آلاف آخرين لا تزال طلبات لجوئهم تُدرس. أما حلّ هذه الأزمة فوجدته الحكومة أخيراً، عبر إصدار قرار يقضي بـ"وقف النزوح على الحدود باستثناء الحالات الإنسانية الاستثنائية"، دون تحديد مفهوم هذه الاستثنائية وتفسير هذه الحالات.
بعد مرور ما يقارب على عامين على بدء موجات اللجوء الجدي إلى لبنان (ديسمبر/كانون الأول 2012)، لا تنفكّ السلطة تبحث عن خطط ومشاريع لمعالجة هذا الملف، فتوصلت إلى هذا القرار مع المصادقة الوزارية على قرارات سابقة أهمها "نزع صفة النازح عن كل من يذهب إلى سورية".
أنهكت اللجنة الوزارية المختصة نفسها، وهي تضم كلاً من وزراء الداخلية والخارجية والشؤون الاجتماعية، بدراسة واقع اللجوء وظروفه والمخاطر التي ينتجها. إلا أنّ أياً من الوزراء لم ينتبه إلى محافظة الحكومة اللبنانية حتى اليوم على توصيف "نازح" وتفرّعاته بدل "لاجئ" وما يلحق به من حقوق. قد يكون في هذا القرار الحكومي سعيٌ وراء منع تفاقم أزمة اللجوء أكثر، إلا أنها فعلياً لا تحمل أي حلول، فما العمل بمئات آلاف اللاجئين الموجودين على الأرض اللبنانية؟ يأتي الجواب في القرار الوزاري نفسه: "تشجيع النازحين السوريين على العودة إلى بلادهم أو إلى بلدان أخرى بكل الوسائل الممكنة".
وبانتظار توضيح هذه "السياسة التشجيعية"، أوضحت مصادر وزارية لـ "العربي الجديد" أنّ المطلوب من هذا القرار "وضع حد للنزوح الاقتصادي". فبحسب ما يقول وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، فرغت المناطق السورية على الحدود مع لبنان من أهلها السوريين "ومن يدخل اليوم هم إما قادمون من مناطق بعيدة عن لبنان أو لأهداف اقتصادية".
لم يأتِ هذا الهمّ الاقتصادي بهذا الشكل العلني في قرار مجلس الوزراء اللبناني، إلا أنّ البنود التي حملها هذا القرار تشير إليه من خلال "التشدد في تطبيق القوانين على النازحين السوريين لحماية اللبنانيين في مجالات العمل والعمالة كافة". ويستوجب هذا البند إلزام العمال السوريين بالحصول على إجازات عمل، وهي سابقة في تاريخ العلاقات اللنبانية السورية منذ بدء تطبيق اتفاق الطائف (1990). أما ممارسة الرقابة بهدف التأكد من تطبيق هذا البند، فقد تكلّف الدولة اللبنانية أضعاف المترتبات المالية المقدمة اليوم في ملف اللاجئين، وأضعاف الجهاز البشري والأمني الموجود لديها، ليكون هذا القرار شبيهاً بالطموحات الرسمية السابقة، أو مجرّد حبر على ورق، تماماً كما كانت الأفكار المتعلّقة بإنشاء مخيّمات حدودية تجريبية لضبط عشرات آلاف اللاجئين.
وبعد مرور عامين على هذه الأزمة، تطرّقت الدولة اللبنانية أخيراً إلى وضع المجتمعات اللبنانية المضيفة، إذ يتبنى القرار الحكومي "التوازن بالمساعدات بين النازحين والمجتمع المضيف"، أي تأمين مشاريع إنمائية وبنى تحتية للبلديات "من صندوق سيادي تابع لرئاسة الحكومة اللبنانية ومدعوم دولياً"، بحسب ما يقول أحد مستشاري اللجنة الوزارية المختصة.
في الخلاصة، قدّمت الحكومة اللبنانية قرار إقفال الحدود بوجه السوريين بشكل "لطيف" و"مهذّب"، فلم تحمّلهم أوصافا عنصرية ولا مسؤولية تخريب الاقتصاد والبيئة. اتّفقت السلطة اللبنانية مجتمعة على هذا القرار الذي من المتوقع أن يصطدم مجدداً بعقبات تنفيذه الإدارية واللوجستية والميدانية.