أوضح رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري أن هدف حكومته من مؤتمر "سيدر" (Cèdre)، المقرر عقده في 6 إبريل/ نيسان المقبل في العاصمة الفرنسية، هو عرض برنامج الإنفاق الاستثماري مرفقاً مع رؤية لبنان للاستقرار والنمو وفرص العمل، الذي يمتد على أكثر من 10 سنوات.
وخلال رعايته صباح اليوم الثلاثاء في بيروت، افتتاح منتدى المال والأعمال، قال الحريري "هدفنا من هذا المؤتمر هو أن نؤمن تمويلاً للفترة الأولى من البرنامج التي تمتد على 5 سنوات، من عام 2018 حتى عام 2022، والتي يبلغ حجم المشاريع فيها نحو 10 مليارات دولار"، مشيراً إلى أن البرنامج هو ركيزة رؤية الحكومة الأولى.
ومن هذه المليارات العشرة، أوضح الحريري "لدينا مشاريع بقيمة 3 إلى 4 مليارات دولار يمكن أن تنفذ عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص".
وأضاف "هدفنا من المؤتمر تأمين تمويل المشاريع المتبقية التي تسعى الدولة إلى تنفيذها والتي تبلغ قيمتها حوالى 6 مليارات دولار، من خلال تسهيلات ائتمانية ميسرة، بفوائد لا تتجاوز 1.5%، مع فترات سماح تمتد إلى 10 سنوات وباستحقاقات تصل إلى 30 سنة".
والركيزة الثانية في رؤية الحكومة هي إجراء الإصلاحات اللازمة في المالية العامة، وقال الحريري: "هذا الموضوع قطعنا فيه شوطاً كبيراً، بعد أن أقررنا في نهاية العام الماضي أول موازنة عامة بعد 12 سنة من دون موازنات، واليوم نتوقع أن نستكمل هذا الإنجاز بإقرار موازنة 2018، التي أحالها مجلس الوزراء قبل أسبوعين تقريباً إلى المجلس النيابي".
أما الركيزة الثالثة للرؤية التي ستُطرح في مؤتمر "سيدر" فهي، بحسب الحريري، القيام بالإصلاحات الهيكلية والقطاعية اللازمة"، فيما تتمثل الركيزة الرابعة بوضع استراتيجية واضحة لكل القطاعات الإنتاجية، مضيفاً: "طلبنا من الاستشاري (ماكنزي) وضع دراسة مفصلة للقطاعات الإنتاجية، وتوصيف مكامن الضعف ونقاط القوة في هذه القطاعات بشكل مفصل".
حاكم "المركزي"
بدوره، أمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامه أن "يأتي مؤتمر Cèdre بمزيد من الاستثمارات الخارجية، ما سيرتدّ إيجاباً على النمو ويؤمّن فرص عمل ويحسّن ميزان المدفوعات".
لكن سلامه توسّع إلى حد ما بعرض المؤشرات الإيجابية للاقتصاد اللبناني، فقال إن لبنان يتمتع بملاءة مقبولة جعلت مؤسسات التصنيف العالمية، التي من اختصاصها تحديد المخاطر، تعمل على إبقاء تصنيف لبنان على حاله، مع اعتمادها توقعات مستقرة لعام 2018، وقد صدر ذلك أخيراً عن "ستاندرد أند بورز" و"فيتش".
كما أصدرت "فيتش" تقريراً عن المصارف اللبنانية اعتبرت فيه أن نسبة المخاطر في القطاع المصرفي منخفضة، إضافة إلى نظرة إيجابية من "موديز" بعد إقرار مصرف لبنان تعميم نسبة تغطية السيولة (LCR).
سلامه اعتبر أن "حرص الحكومة على إقرار موازنة 2018 وحرصها على إبقاء العجز قريباً من أرقام 2017 سوف يساهم في تدعيم الثقة، وهذا يتماشى مع نصائح صندوق النقد الدولي لتخفيض العجز والدين العام مقارنة بالناتج المحلي".
كذلك، فإن ملاءة لبنان بالعملات الأجنبية مرتفعة، حيث أشار سلامه إلى أن "موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تتعدى 43 مليار دولار، باستثناء الذهب المقيّم بـ12 مليار دولار بالسعر الحالي".
وأكد أن "مصرف لبنان سيستمر بتعزيز موجوداته بالعملات الأجنبية لتعزيز الثقة بالليرة اللبنانية. وقد ظهرت هذه الثقة من خلال تمديد آجال الودائع بالليرة من قبل المودعين من معدل 40 إلى 120 يوماً".
وفيما يبقى مصرف لبنان داعماً للقطاعات الاقتصادية، قال سلامه إنه "أعاد تنظيم هذا الدعم بشكل لا يهدد الاستقرار النقدي أو يولد تضخماً"، فيما "تعكف الحكومة مع المؤسسات الرسمية على إرساء قواعد آخذة بعين الاعتبار الواقع المستجد في الإسكان"، ليؤكد أن المصرف المركزي "سوف يدعم هذه الخطة ما دامت لا تهدد أهدافه النقدية"، وهي تتمثل أساساً بـ"استقرار سعر الليرة".
وانتهى سلامه إلى القول إن لبنان "يعيش فترة نلحظ فيها اهتماماً دولياً لتمويل أمنه واقتصاده. وقد شهدنا أخيراً بداية الاستثمار الأجنبي... وقد بادر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، الاستثمار في القطاع المصرفي، وفهمنا أن لديه اهتماماً بتمويل المؤسسات المتوسطة والصغيرة... والمساهمة في تخصيص بورصة بيروت والمنصة الإلكترونية التي تعدّ لإطلاقها هيئة الأسواق المالية".
البنك الأوروبي للإنشاء
وفي تناغم دولي مع هذه التصريحات المتفائلة، نقلت "رويترز" عن رئيس البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير سوما تشاركابارتي، أن البنك يرى فرصاً كبيرة في لبنان، لكن المستثمرين المحتملين بحاجة إلى أن يروا تقدماً على صعيد الإصلاح وعملية صوب تسوية للحرب السورية.
وخلال أول زيارة له إلى لبنان منذ بدأ البنك عملياته فيه في سبتمبر/ أيلول الماضي، توقع تشاركابارتي دوراً للبنك في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة والطاقة المتجددة ومشاريع البنية التحتية وتحسين كفاءة استخدام الطاقة.
ويوم الخميس المنصرم، أبرم لبنان أول اتفاقين مع البنك، وهما شراء 2.51% في "بنك عوده"، أكبر بنك في لبنان، وخط لتمويل التجارة بقيمة 50 مليون دولار مع "فرنسبنك"، ثالث أكبر مصرف لبناني.