حطّ مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد ساترفيلد، اليوم الثلاثاء، مجدداً، في بيروت، وذلك للمرة الثالثة في غضون أيام قليلة، في إطار الوساطة التي يقوم بها لإطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلي، فيما لا تزال الكثير من النقاط عالقة، بالرغم من الموافقة المبدئية التي أبداها الطرفان.
وبدت الأجواء المحيطة بالزيارة الثالثة لساترفيلد إيجابية، وفق ما أفادت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، خصوصاً أن البحث انتقل إلى التفاصيل، وإلى شكل المفاوضات، والآلية، وذلك بعد الموافقة الإسرائيلية على وساطة الأمم المتحدة، على الرغم من بعض النقاط العالقة التي لا تزال مدار أخذ ورد.
وبعد زيارته تل أبيب، وصل ساترفيلد إلى بيروت، وجال على الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، كما التقى وزير الخارجية جبران باسيل، حيث أطلعهم على الموقف الإسرائيلي، الذي تبلَّغه خلال زيارته، مؤكداً لهم بحسب المصادر، استمرار مساعيه خلال الأيام المقبلة لبلورة نهائية لصيغة التفاوض، وتحديد موعد إطلاقه.
وعلى الرغم من الإيجابية التي تتحدث بها مختلف الأطراف في لبنان بشأن مساعي ساترفيلد، بوصفها حاجة وضرورة مالية واقتصادية لإسرائيل ولبنان، إلا أنه خلال الجولة الثالثة برز تحفظ لبناني واضح، خصوصاً لجهة عدم ربط المفاوضات بأي ملف آخر، مثل سلاح "حزب الله"، وعدم اعتباره مقدمة لسلام بين لبنان ودولة الاحتلال، خصوصاً أن لبنان واضح في تمسكه بالمبادرة العربية للسلام التي أقرت في القمة العربية التي عقدت في بيروت في العام 2002، وخصوصاً كذلك أن المسعى الأميركي الجديد يتقاطع زمنياً مع ما يسمى "صفقة القرن".
وعلم "العربي الجديد" أن التوافق تم على أن تكون المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، وأن تبدأ حول ترسيم الحدود البحرية، قبل الحدود البرّية، خصوصاً أن الأخيرة مرتبطة في شقها الرئيسي بسورية، وتحديداً بمزارع شبعا الواقعة على الحدود بين لبنان وهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
وأكدت المصادر الحكومية أن لا عوائق أساسية تحول دون إطلاق المفاوضات، بل مخاوف لبنانية، وتحديداً في الدوائر المقربة من "حزب الله"، بالرغم من أن الأخير لم يعترض على المفاوضات، أو على إطلاقها، بل قابل ما يحصل من مساعٍ أميركية بصمت وهدوء لافتين، مانحاً غطاءً غير مباشر للأطراف اللبنانية التي تعمل على خط المفاوضات، وتحديداً حليفه "التيار الوطني الحر"، وبري.
وعُلم أيضاً أن الزيارات بدأت بوضع اللمسات الأخيرة على المفاوضات، بعدما حسم مكان عقدها في مقر قيادة قوات "اليونيفيل" في الناقورة، على أن تكون غير مباشرة، إضافة إلى دور الأطراف المشاركة، وتحديداً الأمم المتحدة بوصفها وسيطاً، والولايات المتحدة بوصفها مراقباً، بانتظار حل النقطة الخلافية الأخيرة والمتعلقة بدور الأمم المتحدة في ترسيم الحدود البحرية، خصوصاً أن الأمم المتحدة ستكون ممثلة بقوات "اليونيفيل"، فيما ترى إسرائيل أن لهذه القوات صلاحية في ما يتعلق بترسيم الحدود البرية، ولكنها لا سلطة لها على ملف ترسيم الحدود البحرية، وسط ترجيحات تفيد بأن المخرج سيكون عبر وساطة أممية عامة تتخطى إطار "اليونيفيل".