لبنان: نصر الله يرفض "الحكومة الحيادية" ويلوح باستخدام "غضب جمهور المقاومة"

15 اغسطس 2020
انفجار مرفأ بيروت ظهر ثانوياً في خطابه (باتريك باز/فرانس برس)
+ الخط -

خصص الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصر الله كلمته، مساء الجمعة، بمناسبة ذكرى حرب تموز/ يوليو 2006، لإرسال عدد من الرسائل الداخلية والإقليمية، خصوصاً لجهة رفض "الحكومة الحيادية" والترويج لوجود مخطط لـ"إسقاط الدولة"، فيما استعاد خطاب تخوين المحتجين في الشارع، متوجهاً إلى "جمهور المقاومة" بالقول "حافظوا على غضبكم، لأننا قد نحتاج إلى هذا الغضب لإنهاء محاولات جر لبنان إلى حرب أهلية".

وفي ما خصّ انفجار مرفأ بيروت، الذي ظهر ثانوياً في خطابه، أشار نصر الله إلى أنّه لا يمتلك رواية حول ما جرى، لأنه ليس الجهة التي تقوم بالتحقيق، لكنه يرى أن هناك فرضيتين حول أسبابه، فإما يكون عرضياً أو عملاً تخريبياً، مضيفاً أن "حزب الله" ينتظر نتائج التحقيق، والتي على أساسها يجب أن يحاسب المسؤولون.

وقال نصر الله إن مشاركة مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) بالتحقيق سيقود إلى إبعاد أي مسؤولية لإسرائيل عن الانفجار إذا كانت لها مسؤولية، و"الحزب لا يمكن أن يسكت على جريمة كبيرة وبهذا الحجم إذا كان العدو الإسرائيلي قد ارتكبها، وسيدفع الثمن بحجم الجريمة في حال ذلك". 

نصر الله يرى أن هناك فرضيتين حول أسباب انفجار بيروت، فإما يكون عرضياً أو عملاً تخريبياً، مضيفاً أن "حزب الله" ينتظر نتائج التحقيق، والتي على أساسها يجب أن يحاسب المسؤولون

وتحدث عن استغلال لما حصل بعد انفجار المرفأ من أجل السعي لإسقاط الدولة لا الحكومة فقط، عبر استهداف رئيس الجمهورية والضغط عليه للاستقالة، ومن ثم استهداف المجلس النيابي باستقالات جماعية تمهيداً لانتخابات نيابية مبكرة وإسقاط البرلمان. وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد تحدث بدوره عن مؤامرة كانت تهدف إلى إسقاط مجلس النواب.

وفي ما يتعلق بالملف الحكومي، رفض نصر الله صيغة الحكومة الحيادية، معتبراً أن مطلب الحكومة الحيادية هو "مضيعة للوقت، ومخادع، بهدف العبور وتجاوز التمثيل الحقيقي الذي أفرزه الشعب من خلال الانتخابات النيابية الأخيرة"، إذ إن "حزب الله" لا يؤمن بوجود حياديين في لبنان حتى يتمّ تشكيل حكومة منهم.

في المقابل، طالب بما سماه "حكومة قوية وقادرة ومحميّة سياسياً". وفيما قال إن الظروف والصعوبات الراهنة أدت إلى استقالة حكومة حسان دياب، إذ من الصعب أن تصمد في ظل انفجار بهذا الحجم، أضاف: "أياً يكن الرئيس الذي سيكلف بتأليف الحكومة، فإنّ حزب الله سيطالبه بحكومة وحدة وطنية أو حكومة ذات أوسع تمثيل سياسي وشعبي، ممكن أن تضمّ سياسيين واختصاصيين، على أن تكون أولويتها الإصلاح وإعادة الإعمار والوضع المعيشي والكهرباء والتدقيق الجنائي، ومكافحة الفساد، ومتابعة التحقيق والمحاسبة في انفجار مرفأ بيروت". علماً أنّ المطلب الدولي يأتي في سياق الحكومة المستقلّة، وكذلك الشعبي الذي يدعو إلى تشكيل حكومة من خارج المنظومة السياسية، وأن لا تكون مقنّعة كتلك التي شكّلها الرئيس حسان دياب، فكان عرابها "حزب الله"، في ظلّ رفض مطلب حكومة الوحدة الوطنية التي أثبتت التجارب الكثيرة فشلها.

نصر الله: مطلب الحكومة الحيادية مضيعة للوقت، ومخادع، بهدف العبور وتجاوز التمثيل الحقيقي الذي أفرزه الشعب من خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، و"حزب الله" لا يؤمن بوجود حياديين في لبنان حتى يتمّ تشكيل حكومة منهم

 واسترجع نصر الله، في كلمته، الخطاب التحريضي ضد الحراك الاحتجاجي في لبنان على قاعدة وجود "استفزازات" و"ممارسات غير أخلاقية"، فضلاً عن إعادة الحديث عن تورط سفارات، قائلاً: "من حق الناس التظاهر، لكن الكثير من الممارسات غير الأخلاقية، والتي يمكن أن تدفع إلى الصدام في البلد، هي تحركات مشبوهة، وتقف خلفها السفارات، وسوف يأتي الوقت المناسب وأسمي به هذه السفارات". 

 

وبعدما شكر "جمهور المقاومة" على "صبرهم وبصيرتهم أمام كل الاستفزازت"، قال: "أدعوكم أن تحافظوا على غضبكم، قد نحتاجه في يوم من الأيام لننهي محاولات جر لبنان لحرب أهلية"، وهو ما عد تلويحاً بـ"7 أيار جديد"، نسبة إلى 7 مايو/أيار 2008، حين اجتاح الحزب وحلفاؤه العاصمة بيروت عسكرياً في حرب أهلية مصغرة سقط فيها نحو 80 قتيلاً.

وفي ما يتعلق بحرب تموز/ يوليو، قال نصر الله: "المقاومة استطاعت في حرب تموز أن تثبت قواعد اشتباك تحمي لبنان من خلال توازن الردع، ومن نتائج الحرب إيقاف وإفشال مشروع الشرق أوسط الجديد الذي كانت تقوده الإدارة الأميركية. كما كشفت حقيقة الكيان الإسرائيلي ومستوى الترهّل في منظوماته السياسية والأمنية وجيشه وجبهته الداخلية"، مشدداً على أن لبنان "قوي بمعادلة المقاومة التي هي مسألة وجود بالنسبة إلى لبنان وشعبه، لذلك هم يريدون التخلص منها، لأن أميركا لا تتحمل بقاء قوة في لبنان تحميه وتحفظ سيادته".

شكر نصر الله لـ"جمهور المقاومة" ودعوته لأن يحافظ على غضبه الذي "قد نحتاجه في يوم من الأيام لننهي محاولات جر لبنان لحرب أهلية"، اعتبر تلويحاً بـ"7 أيار جديد"، نسبة إلى 7 مايو/أيار 2008، حين اجتاح الحزب وحلفاؤه العاصمة بيروت عسكرياً في حرب أهلية مصغرة سقط فيها نحو 80 قتيلاً.

وكانت الساحة اللبنانية قد شهدت تحركات شعبية متفرقة طالبت بنزع سلاح "حزب الله" وخروجه من الصراع الإقليمي الذي يهدد لبنان ويحرمه من المساعدات والدعم الدولي، وهذا كان مدار بحث الوفود السياسية والأمنية الأجنبية خلال زياراتها الأخيرة إلى لبنان.

وعرّج نصر الله على الحكم الذي ستنطق به المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري (14 فبراير/شباط 2005)، والتي يُحاكم فيها غيابياً أربعة مسؤولين في "حزب الله"، هم سليم جميل عياش، وأسد حسن صبرا، وحسين حسن عنيسي، وحسن حبيب مرعي، والذي أرجئ إلى 18 أغسطس/ آب عقب الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، وقال: "حزب الله غير معني به، ويعتبر أن هذا القرار كأنه لم يصدر"، منبهاً من محاولة استغلال المحكمة لدفع الأمور باتجاه الاستفزاز.

المساهمون