كلّما وقعت كارثة في لبنان لم تتمكن أجهزة الدولة المختصة من التعامل معها بالسرعة والكفاءة اللازمتين، تنبه المواطنون إلى التجهيزات الضعيفة والخطط غير المطبقة، بالرغم من الأموال المرصودة غالباً في هذا الاتجاه، وما يحتمله الأمر من شبهات فساد وهدر.
ما كان لافتاً في الحرائق التي غطت مساحات واسعة من البلاد يومي الإثنين والثلاثاء، حديث لوزير الداخلية السابق، زياد بارود، حول ثلاث مروحيات إطفاء من نوع "سيكورسكي" استقدمت منذ سنوات إلى لبنان كهبة، مرفقة بهبة صيانة لثلاث سنوات، فأهملت بعد ذلك تماماً، علماً أنّها في تلك السنوات الثلاث ساهمت في إطفاء 11 حريقاً، بحسب بارود.
وأضاف بارود أنّ كلفة صيانة المروحيات ليست كبيرة مقارنة بكلفة الأضرار التي تخلّفها الحرائق. من جهته، طلب الرئيس اللبناني، ميشال عون، "فتح تحقيق في الأسباب التي أدت إلى توقف طائرات الإنقاذ وإطفاء الحرائق سيكورسكي عن العمل منذ سنوات وتحديد المسؤولية، كما طلب إجراء كشف سريع على الطائرات الثلاث والإسراع بتأمين قطع الغيار اللازمة لها".
وأوضح المدير العام للدفاع المدني، العميد ريمون خطار، في حديث تلفزيوني، أن "طائرات الإطفاء توقفت عن العمل مع حلول الظلام، وبسبب الظروف المناخية، وتستكمل العمليات عبر العناصر والإمكانيات المتوفرة، وإذا استمرت الأمطار بالهطول فستساعد كثيرا".
مثل هذا النهج يشهده لبنان في مواجهة كثير من الأزمات، حتى أنّ مدير الأبحاث في "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" في "الجامعة الأميركية في بيروت" الدكتور ناصر ياسين، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ المتابع في لبنان، هو "إدارة البلد على حافة الهاوية، حتى إذا حلت الكارثة يكون الرضى بأيّ حلّ". يتحدث ياسين عن وحدة إدارة مخاطر الكوارث والحدّ منها لدى رئاسة مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنّه بالرغم من إنشاء هذا المشروع وتمويله، فنتائجه ضئيلة. يتابع أنّ غرفة العمليات المركزية المخصصة لمتابعة موضوع الحرائق في السرايا الحكومية فعالة لأنّها بإدارة الجيش اللبناني، أما ما هو غير ذلك فليس فعالاً.
Twitter Post
|
Twitter Post
|
Twitter Post
|
يشير ياسين إلى أنّ الجهات التي يجب أن تتحرك وتنسق في ما بينها في مثل هذه الكوارث تمتد من وزارة الداخلية بمسؤوليتها عن الدفاع المدني، والجيش اللبناني، ومنظمة الصليب الأحمر، ووزارة الصحة، ووزارة الأشغال العامة والنقل التي توفر الجرافات والآليات المستخدمة في جهود الإطفاء والإنقاذ، والبلديات وهي خط الدفاع الأول في الإبلاغ وإجلاء المواطنين والتلاميذ من المدارس. يؤكد أنّ "المبدأ الوقائي" غير معتمد في إدارة الكوارث في لبنان، وهو مطلوب بشدة، إذ إنّ الاستثمار في صدّ الحرائق قبل اشتعالها، وإن لم يأتِ غير حريق واحد كلّ عشر سنوات، أكثر فائدة وأقلّ كلفة من عدم الاستثمار وتحمل خسائر الحرائق. ويختم: "بعد كلّ هذه السنوات لم يتمكن مشروع إدارة الكوارث من فعل شيء... فليرحلوا".
في المقابل، تقول مستشارة وحدة إدارة مخاطر الكوارث والحدّ منها لدى رئاسة مجلس الوزراء، سوسن بو فخر الدين، لـ"العربي الجديد" إنّ الوحدة تعمل وفقاً للاستراتيجيات والخطط الوطنية، بمشاركة جميع عناصرها، وبحسب توزع الأدوار والمسؤوليات بينها. أما في خصوص الأوضاع الميدانية، فتشير إلى أنّ تقلّب الطقس يجعل العمل على إطفاء الحرائق أصعب خصوصاً مع تشكّل حرائق في مناطق مختلفة في الوقت نفسه، علماً أنّ بعض المناطق الوعرة، من قبيل بعورتا في عاليه يصعب الوصول إليها. وفي ما خص خطوط التوتر العالي واحتمالات تهديد النيران لها، تشير إلى أنّ المروحيات والطائرات المخصصة للإطفاء لا يمكنها أن تعمل في الأماكن التي تنتشر فيها الخطوط، لذلك تحاول فرق الإطفاء الأرضية محاصرة النيران هناك.