لبنان بلا موازنة للعام الحادي عشر

04 يناير 2016
غياب الرقابة لضبط سياسة الإنفاق (رمزي حيدر/ فرانس برس)
+ الخط -
أحد عشر عاماً ولاتزال الموازنة في لبنان أدراج النسيان. فمنذ العام 2005 لم يتم إقرار موازنة جديدة للبنان. في العام الجديد، يبدو أيضاً أن لبنان يفتقد إلى إقرار موازنة تضبط آليات الإنفاق، حيث تشير جميع المعطيات إلى أن العام 2016 سيرث غياب الموازنة أسوة بباقي الملفات الاقتصادية الشائكة.
يقول خبراء اقتصاد "إن العام الجديد لن يحمل معه أي معطيات جديدة لإقرار موازنة، ويعود السبب في ذلك إلى الخلافات السياسية بين بعض الأقطاب، والتي لا تريد بالحقيقة إنجاز موازنة للبنان، خشية كشف الفساد والسرقات التي تمت في السنوات الماضية، ولذا فإن الطبقة الحاكمة تعتمد سياسة التأجيل تارة والترقيع طوراً".
بحسب بيانات وزارة المالية، فإن الدين العام سجل ارتفاعاً بنحو 321.06 مليون دولار خلال شھر تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2015، حيث وصل الدين العام إلى 69.04 مليار دولار، مقابل 68.72 مليار دولار في شھر أيلول/ سبتمبر. أما على صعيد سنوي، فقد زاد الدين العام الإجمالي بنحو 2.81 مليار دولار مقارنة بالمستوى الذي كان عليه في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2014، حيث بلغ 66.23 مليار دولار.
يقول الخبير الاقتصادي الدكتورغالب أبو مصلح لـ "العربي الجديد": "من أهم واجبات الحكومة اللبنانية، وضع موازنة تحدد مداخيل، وواردات ونفقات الدولة، حتى تتمكن الأخيرة من رسم سياسة اقتصادية واجتماعية واضحة، إذ بغياب الموازنة، تغيب السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما ينعكس سلباً على مصالح الناس".

ويضيف أبو مصلح :" لا يمكن ترجمة غياب الموازنة في لبنان سوى بطريقة واحدة، هي أن السلطة الحاكمة في لبنان تتصرف وفق مصالحها، ولا تهتم بمصالح المواطنين. فحتى اليوم لا يوجد تبريرعلمي لغياب إقرار الموازنات، لا بل أكثر من ذلك، فلا أحد يعلم أليات الإنفاق التي تقوم بها الدولة، ولا أحد يعلم أيضاً حجم الواردات، وأين وكيف تصرف هذه الأموال".
ويشير أبو مصلح إلى أنه لم يحدث في تاريخ أي دولة غياب الموازنة طيلة هذه السنوات، فكيف يمكن للحكومات أن تغيب بهذا الشكل عن مصالح المواطنين لأكثر من عقد.

مسؤولية مشتركة

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي " لا شك أن الحكومة تتحمل جزءاً من المسؤولية بسبب غياب الموازنة، لكن البرلمان أيضاً يتحمل جزءاً أخر، وربما الجزء الأكبر من المسؤولية، فالحكومات ومنذ العام 2006، تعد مشاريع موازنات، إلا أن غياب البرلمان لمناقشة هذه الموازنات ساهم أيضاً في ضياع حقوق المواطنين، ولذا وبحسب يشوعي فإن التقصير مشترك بين السلطة التنفيذية والتشريعية".

أما بالنسبة إلى الانعكاسات السلبية لغياب إقرار الموازنة، فيقول يشوعي :"تسبب غياب الموازنات في السنوات السابقة بفقدان الثقة الدولية بالاقتصاد اللبناني، كما أدى غياب الموازنة إلى هروب المستثمرين، إذ إن ما يهم المستثمر هو الاستقرار الاقتصادي والأمني، وغياب الموازنة يعني غياب الاستقرار المالي والاقتصادي، من جهة أخرى، فإن سياسة الترقيع التي اعتمدتها الحكومات اللبنانية، أدت بدورها إلى تأخير تسديد رواتب موظفي القطاع العام أكثر من مرة، وذلك بسبب عدم الاتفاق على فتح بنود استثنائية، ناهيك عن أن سياسات الإنفاق المتبعة لم تكن مدروسة، الأمر الذي يعني سرقة المال العام دون رقابة أو محاسبة".
ويتابع يشوعي" منذ العام 2005 وحتى اليوم، لا نعلم ما هي السياسة الاقتصادية للدولة، أهي سياسة إنمائية، أم اجتماعية؟ لأنه وببساطة، لا يوجد موازنة توضح أليات إنفاق الحكومات".
من جهة أخرى، ينتقد الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي إقرار الموازنات السابقة عن العام 2005، مشيراً إلى أن موازنات ما قبل العام 2005 لم تكن موازنات بالمعنى العلمي الدقيق، فالموازنة تتضمن مشاريع إنمائية، وتنموية، ولكن في لبنان، فإن الموازنات لم تكن تتضمن أكثر من خدمة دين، وأجور الموظفين، ولذا فإن الموازنات السابقة كانت تفتقر إلى الدقة في إعدادها".

اقرأ أيضاً:الدين العام في الأردن: لا خطة للنهوض
المساهمون