لبنان: السجال الرئاسي للتمديد للبرلمان حتى 2017

16 أكتوبر 2014
يكافئ المجلس نفسه على فشله (حسين بيضون)
+ الخط -
يريد الطاقم السياسي اللبناني إقناع شعبه بأنه يعمل ويجتهد لحل الأزمة التي يعيشها النظام منذ شغور موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية في مايو/أيار الماضي. سجّلت الساحة اللبنانية في الأيام الماضية حركة لقاءات ومشاورات خارج البلاد، أبرزها بين البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري في روما، وبين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل (صهر النائب ميشال عون) في باريس. بالإضافة إلى حركة رئيس مجلس النواب، نبيه بري، من جنيف.

نتاج كل ذلك تأكيد على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أي الكلام القديم الجديد نفسه. إلا أنّ إعادة فتح النقاش الرئاسي اليوم تأتي لتمهيد الطريق أمام ملف التمديد للمجلس النيابي، لا أكثر ولا أقلّ. فبحسب أجواء حكومية مواكبة لكل هذه الحركة، "لم يتقدم النقاش الرئاسي أي خطوة في إطار التوصل إلى حلّ للشغور". وبما أنّ معظم الكتل السياسية المحلية اقتنعت بما معناه أنّ "الملف الرئاسي هو نتيجة أزمة وليس سببها"، لا تفارق السلبية مقاربة هذا الاستحقاق أو التوقعات في إيجاد المخرج السياسي له.

من باب الشغور الرئاسي، تدخل هذه الكتل لمعالجة أزمة الانتخابات النيابية التي باتت بحكم المؤجلة، بفعل شبه الإجماع السياسي العلني للتمديد للمجلس النيابي تحت عناوين كثيرة؛ بدءاً من صعوبة الوضع الأمني، وصولاً إلى الفراغ الذي سيلحق على المستوى الحكومي (بفعل وضع الحكومة الحالية بحكم تصريف الأعمال)، مروراً بعدم تعديل القانون الانتخابي وغيرها من الحجج السياسية والقانونية التي فرضها تقاعس الكتل السياسية وعرقلة النقاشات في المجلس النيابي.

ووفق ما هو مطروح اليوم، من المقرّر أن يحدّد الرئيس نبيه بري في الأسبوع الأخير من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، موعداً لجلسة تشريعية لتمرير قانون التمديد للمجلس النيابي.  ويقول مقرّبون من بري لـ "العربي الجديد"، إنّ الجلسة المقررة في 21 من الجاري ستقتصر فقط على انتخاب هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية وأعضائها. ويضيف هؤلاء إلى أنّ التوافق على الصيغة النهائية للتمديد، قد يستوجب "جلسة تشريعية ثانية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، بحيث تكون الطبخة السياسية قد أعدّت بشكل كامل"، وخصوصاً أنّ إجراء التمديد يتطلب أيضاً تعديل المهل الدستورية في القانون الانتخابي، حتى لا يتمّ الطعن بالقانون الجديد أمام المجلس الدستوري، ولو أنّ هذه السلطة سبق أن مدّدت لنفسها عام 2013، من دون أن يتمكن المجلس الدستوري من أداء واجبه بفعل تحكّم القرار السياسي به.

أما الفريق الذي قدّم الطعن السابق، أي تكتل التغيير والإصلاح برئاسة النائب ميشال عون، فلا يزال متمسّكا بموقفه المبدئي الرافض للتمديد الثاني. ويقف حزب الكتائب على مسافة قريبة من عون، بتأكيد مجلسه السياسي وكتلته النيابية على رفض التمديد، من دون أن يعني ذلك بالضرورة اتجاه الكتائبيين إلى تقديم طعن بالقانون الجديد، وخصوصا أنّ حلفاء الكتائب في فريق 14 آذار يحتاجون إلى الغطاء المسيحي اللازم لإضفاء مبدأ الميثاقية الطائفية على قرار مجلس النواب. في حين تشير أجواء القوات اللبنانية إلى سير رئيسها سمير جعجع بخيار التمديد "اضطرارياً وخوفاً على المؤسسات من الفراغ".
بوجود جعجع والنواب المسيحيين المستقلين في 14 آذار، بالإضافة إلى مسيحيي تيار المستقبل، يكون التمديد قد نال الغطاء النيابي المسيحي اللازم. في حين أخذ قبل أيام غطاء الكنيسة، بعد تأكيد البطريرك الراعي خلال لقائه الحريري على ضرورة التمديد، مشترطاً أن يكون ذلك مقدمة لانتخاب رئيس الجمهورية.

وفي هذا الإطار، تشير الأجواء المواكبة لإعداد التمديد النيابي، إلى أنّ "النقاش بات شبه منجز حول فترة التمديد، وهي سنتان وسبعة أشهر إضافية"، ليكون المجلس المنتخب عام 2009 قد مدّد لنفسه لولاية كاملة على دفعتين. وبذلك سيتمّ الانطلاق من مشروع القانون الذي تقدّم به النائب نقولا فتوش (تمديد حتى يونيو/حزيران 2017). في حين دفع شرط الراعي، ولو شكلياً، عددا من النواب المسيحيين في فريق 14 آذار إلى المطالبة بوضع مادة في قانون التمديد تجبر المجلس على انتخاب رئيس للجمهورية بعد ستة أشهر على إقرار القانون. في وقت يؤكد مقربون من بري أن طلبا مماثلا غير قانوني ولا دستوري "ويمكن الاكتفاء بتسجيله في محضر الجسلة التشريعية"، كتحفظ لا أكثر.

المساهمون