باشرت إحدى سجينات سجن نساء بعبدا في لبنان، أمس الأربعاء، أولى أيام امتحانات شهادة البكالوريا القسم الثاني-فرع علوم الحياة، من خلف قضبان سجنها.
السجينة وعمرها 26 سنة، لطالما حلمت بأن تتمكن من متابعة دراستها، وهي التي قبض عليها، عند أحد الحواجز وبحوزتها غرامان من الكوكايين، وأودعت السجن بتهمة تعاطي وترويج المخدرات في العام 2014.
تلقى السجينة دعم وزارة التربية والوزير الياس أبو صعب، الذي أكد لجمعية دار الأمل التي تتابع حالة السجينة منذ لحظة دخولها السجن حتى اليوم، بأنه سيسهل أمر دخولها إلى الجامعة حتى تتابع تعليمها، طالما أنها ترغب في ذلك.
وتخضع السجينة للامتحانات الرسمية بإشراف مراقبين من الوزارة ومتابعة المساعدات الاجتماعيات، وبالتنسيق مع إدارة السجن، والتي تستمر لمدة خمسة أيام.
حلم السجينة بمتابعة تعليمها
وتخبرنا المساعدة الاجتماعية في جمعية دار الأمل غنوة يونس، والمتابعة لحالات السجينات في سجن نساء بعبدا، أن السجينة تخلصت من إدمانها في السجن بعد رحلة عذاب ليست سهلة، وأعراض انسحابية طالت قليلاً، ما صعّب مهمة التواصل معها في البداية. وتقول غنوة: "كانت تعاني من أزمات خلال العلاج، وتثير المشاكل، وكانت تظل في حالة توتر عصبي؛ وهذا جزء من الأعراض خلال فترة تنظيف الجسم من المخدرات".
وتضيف أن متابعتها للحالة إلى جانب المعالجة النفسية، أوصلتها إلى التعرف عن قرب إلى واقع السجينة ووضعها الاجتماعي والأسري، إلى أن أسرت لهم بأنها تحلم بأن تتابع دراستها وتنال شهادة البكالوريا لتثبت لوالدها بأنها ليست إنسانة فاشلة، كما كان يصفها دوماً.
وتقول المساعدة الاجتماعية: "بعد أن لمسنا رغبتها بمتابعة دراستها بدأنا في إنجاز الأوراق المطلوبة والمتابعات مع الجهات المعنية، كانت طويلة وغير سهلة، ولكن المهم أننا نجحنا في تمكين السجينة من خوض الامتحانات".
وتطلب الأمر، حسب يونس، أخذ الموافقات من كل من النيابة العامة التمييزية ومدير عام وزارة التربية، ثم مكتب وزارة التربية في محافظة جبل لبنان، إلى أن تلقوا اتصالاً من وزير التربية، الياس أبو صعب، يؤكد لهم اهتمامه بالموضوع وتسهيل امتحانات السجينة، ودعمها حتى تتابع دراستها الجامعية، خصوصاً أنها أعلنت رغبتها في دراسة الهندسة.
قصتها مع المخدرات
وتلخص لنا غنوة قصة الفتاة السجينة بأنها كانت طفلة عندما ألقيت عليها مسؤولية البيت وتربية أختها الأصغر منها، إلى جانب متابعة دروسها في المدرسة، نتيجة انشغال والديها ببيع الخضار في ضاحية بيروت الجنوبية. وكانت تلقى أقسى أنواع المعاملة من والدها، والإهانات والتحقير عند أدنى تقصير لها في أمور المنزل. إلى أن عرّفها رفاق لها في مدرستها إلى حبوب مخدرة، أقنعوها بأنها تبقيها سعيدة وتنسيها إساءات والدها وقلة عطفه وحنانه، وضعوها لها في مشروب غازي، وكان عمرها 12 سنة في ذلك الوقت.
وتتابع بأن الفتاة وجدت بعض الراحة مع تلك الحبوب، ولكن مفعولها المؤقت كان يدفعها إلى طلب المزيد منها، وهكذا صارت تعمل ما في وسعها لتأمين حاجتها من المخدر، إلى أن أتى يوم، وكانت في الرابعة عشرة من عمرها، وتعرفت إلى المروّج لتلك الحبوب، واتفق معها على مساعدته في بيع المخدرات مقابل تزويدها بما تحتاجه من المخدر الذي تنوعت أصنافه مع مرور السنوات.
وهكذا تنتهي فصول عذاب الفتاة مع المخدرات التي استمرت نحو 12 عاماً إلى يوم القبض عليها، خصوصاً أن جمعية دار الأمل ستدفع كفالتها، وسيفرج عنها بعد انتهاء الامتحانات مباشرة، وستتابع دراستها الجامعية.
اقرأ أيضاً: "نظرة" على سجن لبناني.. بعدسة سجيناته