لا عزاء للقدس

19 أكتوبر 2015
تظاهرة تضامنية مع الانتفاضة في تونس العاصمة يوم الجمعة(الأناضول)
+ الخط -
بالكاد خرجت أول من أمس، السبت، مسيرة في العاصمة تونس تنديداً بالممارسات الإسرائيلية وتضامناً مع إرهاصات الانتفاضة الثالثة، بالكاد، لأنها جاءت متأخرة جداً بعد أكثر من أسبوعين على انطلاق الأحداث في القدس، وطيلة هذه الفترة لم تنبس الأحزاب التونسية ولا الحكومة بكلمة واحدة، عدا بيان متأخر جداً لوزارة الخارجية وبعض الكلمات المتناثرة لبعض الأحزاب هنا وهناك، و فيما عدا ذلك، كان الشأن الداخلي سيّد الموقف، وانغمس الجميع في مشاكلهم. ولم تكن هذه حالة التونسيين خصوصاً في ما يتعلق بالمسألة الفلسطينية، حيث كانت كل الأحداث في الأراضي المحتلة وكأنها تحدث على الحدود التونسية، وكان صداها يضرب في الساحات والشوارع التي تضج بالتظاهرات وفضاءات التضامن ومنابر الإذاعات والشاشات، غير أن الصمت الضارب منذ فترة مع أزمة المهجّرين السوريين، تكرر مع أحداث القدس.

ولا يخفي قياديون في أحزاب قومية إهمالهم لهذه القضايا التي كانت تلهب حماسهم، مبرّرين ذلك بتلاحق الأحداث الداخلية الكبرى التي غطت كل الاهتمامات الأخرى. وربما نفهم للحظة، أن الضربات الإرهابية الأخيرة ثم جائزة نوبل المفاجئة للجميع، قد جعلت الأحزاب تنهمك بالكامل في أمورها الداخلية، ولكنها فلسطين، التي كانت تمنع التونسيين من النوم، وتُجري دموع أمهاتهم، وتلهب شبابها وأحزابها، فما الذي حدث حتى تتحول المسألة الى مجرد خبر في التلفزة؟

سائق تاكسي تونسي اسمه أحمد التونسي، كان سعيداً جداً وهو يتحدث عن أحمد التونسي الفلسطيني الذي حمل سكينه في مواجهة العدو، وكل الصحف من دون استثناء، تفرد كل يوم صفحاتها لما يحدث في أزقة الأرض المغتصبة... هكذا يتماثل التونسيون مع أخوانهم. أما الأحزاب، فربما لم تعد تتماثل مع القضية ورموزها كما كان الشأن بالأمس، عندما كانت غزة تُدكّ تحت القنابل الصهيونية المجرمة، وعندما تحولت الساحات التونسية الى مجرى للدم التونسي الذي سيذهب الى الأهل هناك، ويكفي القضية أنها لا تزال حية عند الناس في الأزقة والشوارع، أما في أروقة السياسة، فلا عزاء للقدس.
المساهمون