قضت الحرب في سورية على أحلام كثيرين من الأطفال السوريين الذين اضطروا إلى الفرار من بيوتهم ومناطقهم، وقد خسروا حياتهم الطبيعية. اليوم، أكثر ما بات يشغلهم هو مساعدة أهلهم. إبراهيم خالد برهوم هو أحد أولئك الأطفال، الذين حرمتهم الحرب من طفولتهم. قبل أربع سنوات، حين كان في السادسة من عمره، غادر مع عائلته منطقته إدلب وانتقل إلى لبنان.
سكن إبراهيم مع عائلته في بلدة جدرا في إقليم الخروب (قضاء الشوف)، لينتقل بعدها إلى النبطية (جنوب لبنان). عمل والده وشقيقه في معمل للحجارة لتأمين احتياجات الأسرة. كان كل شيء على ما يرام إلى أن تعرض الوالد لحادث في العمل. تركت العائلة النبطية وانتقلت إلى مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب)، وأقامت في منزل صغير. اللجوء وإصابة الوالد والانتقال من منطقة إلى أخرى، حرمت هذا الطفل من المدرسة. قال له والده: "حالتنا صعبة، لذلك عليك أن تبيع المحارم".
دخل برهوم، حاملاً في يده كيساً من المحارم، إلى مركز التضامن الاجتماعي في مخيم عين الحلوة. سأل الموجودين إن كان أحد يرغب في شراء المحارم منه. سألته إحداهن: "لماذا لست في المدرسة"؟ فأخبرها أن والده طلب منه ألّا يذهب إلى المدرسة ومساعدته في تأمين مصروف البيت.
يعرّف عن نفسه على هذا النحو، قائلاً: "أنا إبراهيم من منطقة إدلب في سورية. غادرت المدينة مع أهلي حين اشتدت الاشتباكات وازداد القصف. بسبب الحرب، خرجت من المدرسة وجئت إلى لبنان. نحن ستة أشقاء. لدي شقيق آثر البقاء في سورية، وآخر يعمل في بلدة النبطية في معمل للحجارة. نسكن في مخيم عين الحلوة، وتحديداً في حي صفورية. من خلال بيع المحارم، أساهم في تأمين مصروف البيت". يضيف: "شقيقاتي لا يعملن. إحداهن متزوجة وتسكن في النبطية، فيما الأخرى مطلقة تعيش معنا ولديها طفل صغير، وتعاني الثالثة من مشكلة صحية وتحتاج إلى العلاج".
يتابع إبراهيم: "حين جئنا إلى لبنان، عمل والدي في النجارة. كان يؤمن لنا جميع احتياجاتنا. لكن بعدما خسر عمله، اضطررت إلى الحلول محله، وصرت مجبراً على العمل لتأمين مصاريف عائلتي، فما كان مني إلا أن تركت المدرسة وصرت أبيع علب المحارم". يشير إلى أنه ترك المدرسة في وقت مبكر، حتى أنه لا يعرف القراءة والكتابة. يتمنى أن تنتهي الحرب حتى يعود إلى بلده وبيته، ويجتمع مع رفاقه، الذين لا يعرف عنهم شيئاً الآن. يتمنى أيضاً أن "يكونوا على ما يرام".
اقرأ أيضاً: بلال يبيع الورد ويصرّ على العودة إلى المدرسة