إذا كنت من هؤلاء الذين يكرّرون المحاولات لخسارة بعض من وزنهم ولا ينجحون، هذا لا يعني أنّك مسؤول عن هذا "الفشل". وتوضح مجلة "سايكولوجي توداي" المتخصّصة في علم النفس، أنّ استدامة خسارة الوزن أمر يصعب تحقيقه، في سعي منها إلى التخفيف عن كلّ من يضيّع عمره في تأنيب نفسه على خلفيّة ذلك.
في مقال حول الموضوع شاركت في تدوينه الباحثة الأميركيّة الدكتورة لوري سوسا، يُشار إلى تفسيرات علميّة لصعوبة التخلّص من كيلوغرامات إضافية ولاستحالة الأمر بالنسبة إلى بعض الأشخاص. ويشرح الكتّاب أنّ الشخص المعنيّ يكون أساساً في صراع مع جسده عند الإتيان بمحاولاته تلك، بالتالي فإنّ الفيزيولوجيا كما السيكولوجيا تعملان ضدّه. ويشدّدون على أنّهم لا يهدفون من خلال مقالهم إلى دفع مثل هذا الشخص صوب اليأس، داعين إيّاه إلى مراجعة علاقته بالطعام وكذلك بجسده.
ويؤكّد هؤلاء أنّه في الغالب، لا يمكن التكيّف نفسياً مع محاولات خسارة الوزن. ويقولون إنّهم كاختصاصيّين في علم النفس، لطالما أوضحوا أنّ جوهر المشكلات النفسيّة المرتبطة بمحاولات فقدان الوزن يتلخّص في حقيقة أنّ القيود والحرمان ليست أمراً ممتعاً. ويشرحون أنّه إذا قرّرنا الانقطاع عن الكربوهيدرات، فإنّنا سوف نفكّر فيها ونشعر برغبة كبيرة في تناولها قبل أن ينتهي الأمر بنا ونحن نستهلك مزيداً من الأطعمة الغنيّة بها. وإذا قرّرنا الانقطاع عن السكّر، فمن يعرف حجم المساحة الذهنيّة التي ستنشغل بحساب غرامات السكر قبل أن ننهار وتحلّ الشراهة مكان الحرمان؟
كذلك، يشيرون إلى أنّ الوزن مدوّن في الجينات. نحن جميعاً واهمون بأنّ أجسادنا مطواعة. لكنّ لوم هذا التفكير الواهم لا يجوز هنا، فهو مبرّر على خلفيّة الإعلانات التي تنهال علينا يومياً حول برامج حمية وجراحات تجميليّة ومنتجات صحيّة. بالتالي، من السهل الشعور بأنّنا مسؤولون عن عدم قدرتنا على تغيير أجسادنا لتشبه أخرى "مثاليّة". على أيّ حال، وجدت دراسات أنّ طولنا ووزننا يعودان بنسبة 80 في المائة تقريباً إلى تركيبة جيناتنا. والواحد منّا لا يمضي وقتاً طويلاً في محاولة زيادة طوله، لأنّه يعلم أنّ الأمر ليس منطقياً. بالتالي، ربّما يتوجّب علينا قضاء وقت أقلّ في محاولة تعديل أوزاننا.
ويعود الكتّاب المتخصّصون مرّة أخرى إلى تأكيد عدم نيّتهم دفع الأشخاص الراغبين في خسارة كيلوغرامات من وزنهم إلى اليأس. يضيفون أنّهم يقدّرون التزام هؤلاء بما يقومون به أو بشعورهم بأنّ صحّتهم سوف تشهد تحسّناً في حال خسارتهم الوزن. ويشرحون أنّ هدفهم ليس جعلهم يشعرون بالاستياء إنّما مساعدتهم على إعادة صياغة طريقة تفكيرهم في وزنهم. ويشدّدون على قناعتهم بوجوب التفكير أقلّ في الوزن بالمقارنة مع الميل الكبير إلى ذلك. بالنسبة إليهم، سوف يكون الناس أكثر سعادة عندما يكفّون عن الشعور بوجوب معاقبة أنفسهم على خلفيّة تناول كعكة أو تفويت تمرين رياضيّ أو زيادة بسيطة على الميزان.
وإذ يشيرون إلى أنّ اعتماد عادات صحيّة أمر محبّذ، لا سيّما إذا كان يجعل المرء يشعر بأنّه أفضل حالاً وأكثر نشاطاً وحيويّة ويدفعه إلى تغذية جسده بأطعمة يستلذّها، يشدّدون على ضرورة عدم تناول "سموذي" (شراب الفاكهة/ الخضار المخفوق) في كلّ صباح - على سبيل المثال - إلا في حال كان الشخص يستمتع به. أمّا في ما يتعلّق بالالتزام بتمارين رياضيّة، فيصرّون على أن تكون ممتعة ولا تأتي كفرض. ويؤكدّون أنّ الهدف من كلّ ذلك هو شعور الواحد منّا بأنّه في أفضل حال وليس معاقبة النفس، مع العلم أنّ ذلك الشعور أهمّ بكثير من رقم يسجّله ميزان.