المقاطعة هي امتناع جماعي عن شراء منتجات شركة أو دولة بعينها لتقليل مبيعاتها، وإرغامها على الاستجابة لمطالب محددة، وهي عمل عدائي وإعلان حرب، ونتائجها على الكيانات المستهدفة مدمرة لوجودها، ومهددة لاستقلال الدول وتنال من سيادتها.
وأشهر صور المقاطعة في القرن الحادي والعشرين، مقاطعة الشعوب الإسلامية المنتجات الدنماركية، اعتراضًا على رسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أجبرت المقاطعة الصحيفة والحكومة الدنماركية على الاعتذار لجموع المسلمين.
وكذلك مقاطعة الشعوب الإسلامية بضائع الولايات المتحدة اعتراضًا على دعمها المطلق لإسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني، وألحقت خسائر فادحة بالشركات المستهدفة وخرج بعضها من أسوق الدول الإسلامية، ومنيت إحدى شركات الوجبات السريعة أول خسارة لها منذ نشأتها، وبلغت خسائرها 810 ملايين دولار، وأغلقت 700 مطعم من فروعها المنتشرة حول العالم.
اقــرأ أيضاً
وفي الأول من شهر سبتمبر الجاري، انتشرت في مصر حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة شراء الفاكهة لمدة أسبوع، بسبب ارتفاع أسعارها، وانتشرت هاشتاغات بعنوان: "#خليها_تحمض"، "#خليها_تعفن".
أُطلقت الحملة قبل أسبوع واحد من عيد الفلاح، والذي يأتي في التاسع من سبتمبر، وبدلًا من الدعوة لتمكين الفلاحين من حقوقهم المنصوص عليها في المادة 29 من الدستور والتي تلزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، وشراء المحاصيل بسعر مجز، والمادة 17 والتي تلزم الدولة بضمان اجتماعي ومعاش لصغار الفلاحين، والصيادين، والعمالة الزراعية غير المنتظمة، والتي وعدهم بها الجنرال في عيد الفلاح سبتمبر 2014، بدلًا من ذلك تأتي حملة مقاطعة منتجاتهم، لتزيد معاناتهم.
وجيشت الحكومة أذرعها الإعلامية لدعم الحملة، وأُفردت ساعات طويلة في برامج التوك شو، لتشجيعها، وحرضت صحيفة الأهرام الحكومية، في عدد 3 سبتمبر، وسائل الإعلام والجمعيات والمنظمات الشعبية والشبابية للمشاركة الفعالة لإنجاح الحملة.
أسباب الغلاء
السبب الأول لغلاء أسعار الفاكهة، هو رفع الحكومة أسعار الأسمدة، والمبيدات، والسولار المستخدم في معاملات الخدمة الزراعية والنقل، والعمالة الزراعية. فزادت أسعار الأسمدة بنسبة أكثر من 135%، عما كانت عليه في 2013، ويتكبد المزارعون أكثر من 21 مليار جنيه سنويًا بسبب فروق أسعار الأسمدة، بالرغم من تحقيق شركات الأسمدة أرباحا مليارية، وهي الشركات التي أسستها الدولة من أموال المزارعين وأرباح القطن في الخمسينيات.
اقــرأ أيضاً
وزادت أسعار المبيدات بنسبة 300%، والسولار بنسبة 500%، وتكاليف النقل إلى ثلاثة أضعاف، وأجور العمالة اللازمة للزراعة ومعاملات خدمة المحصول، وفي مرحلة الحصاد إلى الضعف.
السبب الثاني، هو انخفاض إنتاجية الفدان وتراجع المعروض من الفاكهة إلى نصف وثُلث ما كانت عليه قبل أربع سنوات، بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات، وعدم قدرة المزارعين على توفيرها بالمعدلات الموصى بها، فانخفضت إنتاجية المانغو من 7 أطنان للفدان إلى 3 أطنان، ودمر مرض العفن الهبابي المحصول على مدار ثلاث سنوات دون تدخل من وزارة الزراعة في محافظة الإسماعيلية صاحبة الشهرة العالمية.
ويعبر المزارعون عن انخفاض الإنتاجية بذهاب "البركة" التي زادت في عهد الدكتور محمد مرسي مستويات غير متوقعة، ووصل سعر المانغو إلى 5 جنيهات، ما مكن الفقراء مثل الأثرياء من شرائها، وحقق المزارعون أرباحا فائقة، بالرغم من انخفاض السعر، ولكن وفرة الإنتاج، أو البركة، حققت المعادلة نادرة، وهي وفرة الإنتاج الذي يعوض انخفاض السعر.
السبب الثالث، وهو تراجع القدرة الشرائية لدى غالبية الشعب المصري، خاصة الطبقة المتوسطة، والتي تشمل فئات الموظفين، وعمال القطاع العام والخاص، بسبب تجميد الرواتب بعد الزيادات التي أقرها الدكتور محمد مرسي، وكذلك تآكل قيمة الجنيه بعد تعويمه في نوفمبر 2016، وتراجع قيمته إلى ثُلث ما كانت عليه في 2013، وتراجع مكانة الفاكهة في قائمة نفقات الأسرة مع غلاء أسعار السلع الأساسية إلى مستويات تفوق طاقاتهم، وبذلك اجتمع الركود وتراجع الطلب مع انخفاض المعروض ليزيد أزمة الفاكهة.
السبب الرابع، هو فشل السياسات الزراعية التي تنتهجها الحكومة منذ 2013، وتقصيرها في توفير الإرشاد الزراعي، والتسويق التعاوني الذي ينص عليه الدستور في المادة 37، وهو الدور الذي يقوم به التجار الآن، وبالرغم من ذلك تتهمهم الحملة بافتعال الأزمة.
مقاطعة انتقائية
شهدت السوق المصرية حملات مقاطعة تكررت خلال السنوات الأربع الماضية مع فشل السيسي في وعوده بضبط الأسعار، وشملت اللحوم البلدية، والدواجن، والأسماك، من خلال حملة بلاها لحمة، وبلاها فراخ، وخلوه يعفن، وكلها موجهة ضد المزارعين ومربي المواشي والدواجن، والصيادين الوطنيين. ومن كثرة حملات المقاطعة تكون "الاتحاد المصري لتوحيد حملات المقاطعة".
وبالرغم من ارتفاع أسعار اللحوم البرازيلية من 35 جنيهاً إلى 85 جنيهاً، وكذلك استيراد الدواجن من روسيا وإغراق سوق الدواجن المحلية، وتحقيق خسائر للمربي المصري، لم يجرؤ أحد على تشجيع بمقاطعتها لأن شركات القوات المسلحة هي المستورد الرئيسي لها.
ورفعت الحكومة أسعار الكهرباء بنسبة 200%، بالمقارنة مع أسعار 2013، وبالرغم من ذلك لم يناد أحد بالامتناع عن دفع الفواتير، ولو قاطعها المصريون لأيام لتراجعت الحكومة فورًا، لأن الكهرباء لا تُخزن، ولكن لو نادى بذلك مواطن لطُبق عليه قانون الإرهاب واقتيد إلى السجن على الفور، لسبب بسيط وهو أن الدولة هي التي تحتكر الخدمة. وبالمثل زادت أسعار أنبوبة البوتاغاز من 8 جنيهات إلى 50 جنيهاً، وتذكرة المترو من جنيه واحد إلى 7 جنيهات، ولم يناد أحد بمقاطعتها.
اقــرأ أيضاً
وراء حملة المقاطعة جهات تتلاعب بالرأي العام من وراء الستار، بغرض إلهائه عن فشل الاقتصاد، سيما أن صاحب المقاطعة طبيب لم يتفاعل معه سوى 79 متابعا فقط على صفحته الرسمية على موقع التواصل فيسبوك، وبالرغم من ذلك تناولت الحملة كل فضائيات النظام. ويقول إن الفكرة "أتته قبل الحملة بيومين صدفة، ولكنها انتشرت من أول البحر الأحمر حتى مرسى مطروح".
ويقول إنه يعالج تأخر الحمل "بأكل الفاكهة دائمًا" ونصح مريضة فقر دم بقوله، "كتري من الفاكهة، تاكلي فاكهة كتير قبل الغدا، وتتعشي فاكهة بس"، واكتشف أن وصفة الفاكهة تتكلف 250 جنيهاً في اليوم، فقرر نزول سوق الفاكهة لأول مرة ثم أطلق الحملة"، على حد قوله لفضائية النهار.
وأعلن الطبيب عن حملة جديدة بعد أسبوع بعنوان "من الغيط للبيت" لتخفيض الأسعار من خلال نقل الفاكهة من الحقل إلى المستهلك مباشرة بدون وسيط، بالرغم من أن المنطق الصادق يحتم عليه البدء بها قبل المقاطعة.
وهل يجرؤ طبيب مقاطعة الفاكهة على أن يتبنى حملة لمقاطعة فواتير الكهرباء، أو المياه أو الغاز، أو تذاكر مترو الأنفاق بحجة تضاعف أسعارها؟ أو يتبنى حملة لمقاطعة عيادات الأطباء لأن بعضهم رفع أسعار الكشف من 100 جنيه إلى 2500 جنيه؟!
تداعيات المقاطعة
مقاطعة شراء الفاكهة من التجار يكبد المزارعين خسائر فادحة، سيما أن الفاكهة لا تُخزن على الأشجار، وتسقط مباشرة على الأرض إذا فات أوان حصادها. ومع تكرار خسائر المزارعين في السنوات الخمس الماضية، عجز كثير منهم عن الاستمرار في رعاية حدائقهم، واقتلع كثير منهم الأشجار، واتجه بعضهم إلى زراعة محاصيل أخرى أقل تكلفة.
اقــرأ أيضاً
ومع استمرار خسائر المزارعين وإزالة أشجار الفاكهة، سوف تتكون فجوة في الإنتاج المحلي وتتحول مصر إلى الاستيراد من الخارج بالدولار، كما حدث في القمح، والقطن، والذرة، وأخيرًا الأرز، ما يكلف موازنة الدولة أعباء إضافية.
وتكون جودة الفواكه الأجنبية أقل من المحلية، وقد لا يقبل على تناولها المصريون، كما حدث في الأرز الهندي المستورد والذي لم يفضله المصريون. وسوف يفتح الاستيراد الأبواب لدخول أمراض غير موجودة في البيئة الزراعية المصرية، وقد تضر بصحة المصريين، كما حدث في استيراد القمح الروسي الملوث بالإرجوت، واللحوم البرازيلية المحتوية على الهرمونات المسرطنة، وفي ظل فساد سياسي يسمح بدخول منتجات غذائية ملوثة.
الذين ينادون بمقاطعة الفاكهة، وغيرها من منتجات بلادهم منذ انقلاب يوليو 2013، يثقبون سفينة الوطن، ويخربون بيوتهم بأيديهم، ويهدمون المعبد على رؤوسهم، وغيرهم يدعون إلى الاكتفاء الذاتي، والسيادة والأمن الغذائي، ولو كان بينهم عاقل لصاح فيهم، لا تقاطعوا منتجات بلادكم، فتأكلوا فضلات غيركم، وتقرروا مصيركم بأيدي أعدائكم.
وكذلك مقاطعة الشعوب الإسلامية بضائع الولايات المتحدة اعتراضًا على دعمها المطلق لإسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني، وألحقت خسائر فادحة بالشركات المستهدفة وخرج بعضها من أسوق الدول الإسلامية، ومنيت إحدى شركات الوجبات السريعة أول خسارة لها منذ نشأتها، وبلغت خسائرها 810 ملايين دولار، وأغلقت 700 مطعم من فروعها المنتشرة حول العالم.
أُطلقت الحملة قبل أسبوع واحد من عيد الفلاح، والذي يأتي في التاسع من سبتمبر، وبدلًا من الدعوة لتمكين الفلاحين من حقوقهم المنصوص عليها في المادة 29 من الدستور والتي تلزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، وشراء المحاصيل بسعر مجز، والمادة 17 والتي تلزم الدولة بضمان اجتماعي ومعاش لصغار الفلاحين، والصيادين، والعمالة الزراعية غير المنتظمة، والتي وعدهم بها الجنرال في عيد الفلاح سبتمبر 2014، بدلًا من ذلك تأتي حملة مقاطعة منتجاتهم، لتزيد معاناتهم.
وجيشت الحكومة أذرعها الإعلامية لدعم الحملة، وأُفردت ساعات طويلة في برامج التوك شو، لتشجيعها، وحرضت صحيفة الأهرام الحكومية، في عدد 3 سبتمبر، وسائل الإعلام والجمعيات والمنظمات الشعبية والشبابية للمشاركة الفعالة لإنجاح الحملة.
أسباب الغلاء
السبب الأول لغلاء أسعار الفاكهة، هو رفع الحكومة أسعار الأسمدة، والمبيدات، والسولار المستخدم في معاملات الخدمة الزراعية والنقل، والعمالة الزراعية. فزادت أسعار الأسمدة بنسبة أكثر من 135%، عما كانت عليه في 2013، ويتكبد المزارعون أكثر من 21 مليار جنيه سنويًا بسبب فروق أسعار الأسمدة، بالرغم من تحقيق شركات الأسمدة أرباحا مليارية، وهي الشركات التي أسستها الدولة من أموال المزارعين وأرباح القطن في الخمسينيات.
السبب الثاني، هو انخفاض إنتاجية الفدان وتراجع المعروض من الفاكهة إلى نصف وثُلث ما كانت عليه قبل أربع سنوات، بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات، وعدم قدرة المزارعين على توفيرها بالمعدلات الموصى بها، فانخفضت إنتاجية المانغو من 7 أطنان للفدان إلى 3 أطنان، ودمر مرض العفن الهبابي المحصول على مدار ثلاث سنوات دون تدخل من وزارة الزراعة في محافظة الإسماعيلية صاحبة الشهرة العالمية.
ويعبر المزارعون عن انخفاض الإنتاجية بذهاب "البركة" التي زادت في عهد الدكتور محمد مرسي مستويات غير متوقعة، ووصل سعر المانغو إلى 5 جنيهات، ما مكن الفقراء مثل الأثرياء من شرائها، وحقق المزارعون أرباحا فائقة، بالرغم من انخفاض السعر، ولكن وفرة الإنتاج، أو البركة، حققت المعادلة نادرة، وهي وفرة الإنتاج الذي يعوض انخفاض السعر.
السبب الثالث، وهو تراجع القدرة الشرائية لدى غالبية الشعب المصري، خاصة الطبقة المتوسطة، والتي تشمل فئات الموظفين، وعمال القطاع العام والخاص، بسبب تجميد الرواتب بعد الزيادات التي أقرها الدكتور محمد مرسي، وكذلك تآكل قيمة الجنيه بعد تعويمه في نوفمبر 2016، وتراجع قيمته إلى ثُلث ما كانت عليه في 2013، وتراجع مكانة الفاكهة في قائمة نفقات الأسرة مع غلاء أسعار السلع الأساسية إلى مستويات تفوق طاقاتهم، وبذلك اجتمع الركود وتراجع الطلب مع انخفاض المعروض ليزيد أزمة الفاكهة.
السبب الرابع، هو فشل السياسات الزراعية التي تنتهجها الحكومة منذ 2013، وتقصيرها في توفير الإرشاد الزراعي، والتسويق التعاوني الذي ينص عليه الدستور في المادة 37، وهو الدور الذي يقوم به التجار الآن، وبالرغم من ذلك تتهمهم الحملة بافتعال الأزمة.
مقاطعة انتقائية
شهدت السوق المصرية حملات مقاطعة تكررت خلال السنوات الأربع الماضية مع فشل السيسي في وعوده بضبط الأسعار، وشملت اللحوم البلدية، والدواجن، والأسماك، من خلال حملة بلاها لحمة، وبلاها فراخ، وخلوه يعفن، وكلها موجهة ضد المزارعين ومربي المواشي والدواجن، والصيادين الوطنيين. ومن كثرة حملات المقاطعة تكون "الاتحاد المصري لتوحيد حملات المقاطعة".
وبالرغم من ارتفاع أسعار اللحوم البرازيلية من 35 جنيهاً إلى 85 جنيهاً، وكذلك استيراد الدواجن من روسيا وإغراق سوق الدواجن المحلية، وتحقيق خسائر للمربي المصري، لم يجرؤ أحد على تشجيع بمقاطعتها لأن شركات القوات المسلحة هي المستورد الرئيسي لها.
ورفعت الحكومة أسعار الكهرباء بنسبة 200%، بالمقارنة مع أسعار 2013، وبالرغم من ذلك لم يناد أحد بالامتناع عن دفع الفواتير، ولو قاطعها المصريون لأيام لتراجعت الحكومة فورًا، لأن الكهرباء لا تُخزن، ولكن لو نادى بذلك مواطن لطُبق عليه قانون الإرهاب واقتيد إلى السجن على الفور، لسبب بسيط وهو أن الدولة هي التي تحتكر الخدمة. وبالمثل زادت أسعار أنبوبة البوتاغاز من 8 جنيهات إلى 50 جنيهاً، وتذكرة المترو من جنيه واحد إلى 7 جنيهات، ولم يناد أحد بمقاطعتها.
ويقول إنه يعالج تأخر الحمل "بأكل الفاكهة دائمًا" ونصح مريضة فقر دم بقوله، "كتري من الفاكهة، تاكلي فاكهة كتير قبل الغدا، وتتعشي فاكهة بس"، واكتشف أن وصفة الفاكهة تتكلف 250 جنيهاً في اليوم، فقرر نزول سوق الفاكهة لأول مرة ثم أطلق الحملة"، على حد قوله لفضائية النهار.
وأعلن الطبيب عن حملة جديدة بعد أسبوع بعنوان "من الغيط للبيت" لتخفيض الأسعار من خلال نقل الفاكهة من الحقل إلى المستهلك مباشرة بدون وسيط، بالرغم من أن المنطق الصادق يحتم عليه البدء بها قبل المقاطعة.
وهل يجرؤ طبيب مقاطعة الفاكهة على أن يتبنى حملة لمقاطعة فواتير الكهرباء، أو المياه أو الغاز، أو تذاكر مترو الأنفاق بحجة تضاعف أسعارها؟ أو يتبنى حملة لمقاطعة عيادات الأطباء لأن بعضهم رفع أسعار الكشف من 100 جنيه إلى 2500 جنيه؟!
تداعيات المقاطعة
مقاطعة شراء الفاكهة من التجار يكبد المزارعين خسائر فادحة، سيما أن الفاكهة لا تُخزن على الأشجار، وتسقط مباشرة على الأرض إذا فات أوان حصادها. ومع تكرار خسائر المزارعين في السنوات الخمس الماضية، عجز كثير منهم عن الاستمرار في رعاية حدائقهم، واقتلع كثير منهم الأشجار، واتجه بعضهم إلى زراعة محاصيل أخرى أقل تكلفة.
وتكون جودة الفواكه الأجنبية أقل من المحلية، وقد لا يقبل على تناولها المصريون، كما حدث في الأرز الهندي المستورد والذي لم يفضله المصريون. وسوف يفتح الاستيراد الأبواب لدخول أمراض غير موجودة في البيئة الزراعية المصرية، وقد تضر بصحة المصريين، كما حدث في استيراد القمح الروسي الملوث بالإرجوت، واللحوم البرازيلية المحتوية على الهرمونات المسرطنة، وفي ظل فساد سياسي يسمح بدخول منتجات غذائية ملوثة.
الذين ينادون بمقاطعة الفاكهة، وغيرها من منتجات بلادهم منذ انقلاب يوليو 2013، يثقبون سفينة الوطن، ويخربون بيوتهم بأيديهم، ويهدمون المعبد على رؤوسهم، وغيرهم يدعون إلى الاكتفاء الذاتي، والسيادة والأمن الغذائي، ولو كان بينهم عاقل لصاح فيهم، لا تقاطعوا منتجات بلادكم، فتأكلوا فضلات غيركم، وتقرروا مصيركم بأيدي أعدائكم.