من جملة أسباب جعلتني أحب الرسام، فرانسيسك خيمينو (تورتوسا 1858 ـ برشلونة 1927) ثمة سببان رئيسيان.
الأول: أنه كان يتمتع بشخصية عنيدة (لعلّه استقى طابعَها الحاد من قسوة حياته كحِرَفي)، فرفَضَ آنذاك سذاجة المفاهيم والصرعات الفنية السائدة حواليه، بالتوازي مع رفضه الباتّ أية مساعدة مادية تُقدّم إليه من أيما جهة (حتى من الزملاء والأصدقاء)، بالرغم من ضنك حياته.
السبب الثاني: أنه ركّز في عمله الفني على رسْم ما يَعرف فقط: عائلته وبيئته القريبة المحيطة. لم يتعدّهما سوى إلى قُرى الساحل الكتالاني، فأَبدعَ رسْم طبيعتها البكر بذلك الضوء
الانطباعي الأخّاذ شديد النفاذ.
بعد وفاته، أدركته الشهرة من وَسَع، واعتُرف به كفنان كبير ورائد في التشكيل الكتالاني والإسباني.
وأنا اليوم يطيب لي تخيّله (وقد بُعث حيّاً وشاهَدَ مقدار الاحتفاء المتحفيّ والأكاديمي به) يحمل مكنسة بيته الريفي التي من قشّ، ويجهد في طرد كل هذا الغبار أو الذباب.
يساورني خاطر كهذا بينما أعكف على تأمل بضع لوحاتٍ له، من مرتفع جبلي، وتناديني البداهة: مآلك في ما يبقى منك بعد موتك. ما من سلطة تقرّر قيمتك إلا سلطة الزمن.
لا تتكالب!