لا أريد هدية في عيدي

21 مارس 2014
أمهات: نريد إجازة من أمومتنا
+ الخط -

 

ماذا تريد الأمّ من الآخرين في عيدها؟

ليس التكريم أن تحضروا لها الهدايا، أو تمطروها بعبارات الثناء والمباركة. ليس أن تلقّن المعلّمات طلابهن أناشيد من وحي المناسبة تفيض بعبارات الحبّ والشعارات، أو سنّ قوانين وتعديل أخرى تضمن لها حقوق الحضانة وغيرها، ما تريده الأمّ ليس أياً من السلع التي تروّج لها البرامج التلفزيونية والمواقع الإلكترونية للمناسبة... ما تريده الأمّ، تعرفه الأمّ فقط، وليس المتاجر.

لا تريد الأمّ أياً من هذا في اليوم اليتيم المخصّص للتفكير بها وشراء شيء تحتاجه أو التعبير عن محبة وامتنان لها.

ما أريده أنا وصديقتي وأختي وجارتي من الأمهات هو: إجازة من أمومتنا.

إجازة ليوم واحد، قد نحمل وزر ذنبها طويلاً، لكننا سنحتاج إلى من يشجعنا على أخذها، لأنها ما نحتاجه.

يوم واحد نكون فيه وحدنا. مع أنفسنا فقط. مع الإنسانة التي كنّا عليها قبل الإنجاب وصرنا عليها بعده.

قد يستهجن الكثيرون كيف نطلب في عيد الأمّ ألا نكون أمّهات. هذا فهم خاطئ للفكرة. حين نصبح أمهات لا يمكن لشيء حتى الموت أن يغير هذه الحقيقة. ولكن الحقيقة الأخرى، أنه ليس عاراً أو خزياً أن يكون للأم الحقّ في التفكير في نفسها، ولو ليوم واحد في السنة.

ما نريده من هذه الوقفة الاستثنائية مع النفس، قد يكون القليل من النوم، من الخصوصية، من الوحدة.

أن يعترف الجميع أنّ للأمّ الحقّ في أن تفكّر في نفسها أولاً ليوم واحد. أن تأكل كامل وجبتها، ولا تقطعها من أجل إيقاف شجار نشب بين طفلتيها، وتخليص شعر ابنتها من بين أصابع ابنتها الأخرى، ألا تلغي قيلولة منتصف النهار لأنّ عليها أن تكوي ملابس زوجها.

أن يهتمّ زوجها بطفلهما الباكي فجراً وتبقى هي نائمة.

أن تقف أمام المرآة وتتأمل نفسها طويلاً. لقد فقدت الكثير من شعرها بعد الولادات وأثناء إرضاع أطفالها، فقدت الكثير من الكالسيوم، وقد ترهّلت بشرة وجهها في ليالي السهر على صحّة أطفالها، في الاستيقاظ فجراً لتحضير أولادها للمدرسة ثم الذهاب إلى العمل ثم العودة إلى البيت لتحضير الطعام ثم تدريس الأولاد ثم تحضيرهم للنوم وما يسبقه من عشاء واستحمام... تراكم إجهاد السنوات من دون استراحة. الأمهات لا يتجرأن على القول أنهن يردن استراحة.

في عيد الأمّ، لو عدت طفلة، سأسمح لأمي أن تذهب وحدها الى أي مكان تختاره، لن أتعلق بملابسها كي تأخذني معها، لن أتأفف طوال ساعات الليل والنهار، لن ألومها لأنها طهت وجبة لا أحبّها... ولن أقبل المزيد من الكلام المثالي والطوباوي الذي تردده معظم الأمهات، ومفاده أنّ المكان الوحيد الذي يسعدها هو حيث أنا وإخوتي، لأننا قررنا في هذا اليوم أن نعاملها كإنسانة من لحم ودم، وليس كإلاهة.

دلالات
المساهمون