أرجو أن تفهمو فكرتي. أنا أحب الأعياد، لكن لا أحب التفاصيل التي ترافق العيد من توترات وضغوط اجتماعية نفسية ومادية. عندما كنت طفلة، كنت أفرح بالأعياد، خصوصاً عيد الميلاد، إذ تُقدّم خلاله الهدايا، ونرتدي ثياباً جديدة، ونحصل على حصتنا نصف السنوية من الأحذية، بالإضافة إلى الطعام، وخصوصاً المشاوي التي لم نكن نشمّ رائحتها إلا في الأعياد.
كنت أشعر بحالة التوتر التي تطغى على البيت في أسبوع العيد، تبدأ بتنظيف المنزل ولوازمه، مروراً بشراء طبخات العيد، وما يترتّب على ذلك من أخذ قروضٍ عائلية لتسديد المصاريف، وصولاً إلى ليلة العيد. وخلالها، يبلغ التوتر أوجه، بسبب عدم اختيار اللحم الجيد، ونسيان دعوة الخالة الأرملة، أو نسيان أمي صينية الصفيحة الأرمنية في الفرن، ما يؤدي إلى حصول مشادة كلاميّة بين والديّ. تحين ساعة العشاء ونحن في قمة التوتر، نأكل بسرعة ونقوم لتنظيف الصحون والمطبخ، فننام بعدها مرهقين ننتظر صباح يوم العيد.
اليوم، بتنا نشمّ رائحة المشاوي يومياً، إن لم يكن في منزلنا، فعند الجيران أو في المطاعم المنتشرة. لم يعد لطعام العيد معنى أو خصوصية. أما بالنسبة للهدايا، فهي أيضاً أصبحت فرضا واجبا، تحتار أيا منها تحضّر لطفل يملك كل شيء، ولا تفرحه الهدايا إلا للحظات قليلة، ليمضي بعدها إلى هاتفه الذكي أو حاسوبه. مروراً بالأحذية، بتنا نشتري لكل فستان حذاء يليق به. أمّا الملابس، فحدّث ولا حرج.
رافقني التوتر مع زوجي وأطفالي وباقي أفراد عائلتي. ورغم محاولاتي العديدة للتخلص من هذا الموروث العائلي، إذ يبدأ التوتر قبل العيد، عندما نتساءل أنا وإخوتي، أين سنمضي يوم العيد. يليه بعد ذلك توتر تحضير وتهيئة المنزل بشكل كاف للعيد، وغالباً لا أكمل تعزيلة العيد إلا بعد مروره بشهر أو أكثر. باختصار، لا زالت الأعياد تسبّب لي ارتفاعا حادا في ضغط الدم، وتوترا يحرمني من متعة التواجد مع أفراد عائلتي والاستمتاع بتمضية الوقت معهم. ولكن ربما حان وقت تقدير نعمة إمكانية الاحتفال بالأعياد، ونحن معاً على أرض وطن واحد.