لا يستطيع الزائر لمناطق الكويت تجاهل الإعلانات المعلقة في كل مكان تعلن عن وجود وحدات سكنية للإيجار، وبعروض غريبة يصعب إيجاد مثلها، ومع كمية العرض الكبيرة من الشقق التي لا تجد ما يواجهها من طلب، فإن الأسعار ما زالت كما هي مرتفعة بشكل مبالغ فيه، حسب خبراء.
ما يحدث في سوق العقار الكويتي ينسف معه كل النظريات الاقتصادية، التي تجزم بضرورة حدوث تراجع في أسعار السلع التي يزيد حجم المعروض منها على حجم الطلب عليها.
ويفسر الخبير العقاري، قيس الغانم، هذه الحالة بقوله "سوق العقار يصيبه حالة من الركود بسبب ارتفاع الأسعار المبالغ فيها وتمسك ملاك العقارات بالإيجارات المرتفعة".
ويضيف الغانم لـ "العربي الجديد"، أنه بدلاً من لجوء أصحاب العقارات إلى تخفيض الأسعار نجدهم يتمسكون بأسعار محددة في توافق عجيب بين الجميع.
ويشير إلى أن القليل من أصحاب العقارات لجأ إلى تخفيضات خجولة جداً بطريقة عرفية بعيداً عن الإيصالات الرسمية، حيث يقومون بتخفيض الأسعار مع المستأجرين والملاك الجدد، خوفاً من هبوط التقييم السوقي لهذه العقارات، إضافة إلى رغبة البعض في الحصول على قروض مرتفعة بضمان العقارات.
وأوضح أن ظاهرة الإعلانات المعلقة المدون عليها "لدينا شقق للإيجار" أصبحت كثيرة جداً وملفتة للغاية، وهو ما يشير إلى ما وصل إليه القطاع لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً.
وذكر تقرير لبيت التمويل الكويتي (بيتك) أن السوق العقاري في البلاد يشهد تراجعات حادة منذ بداية العام تجاوزت نسبتها 18 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، متأثرة بانخفاض كبير في قطاعي السكن الخاص والاستثماري اللذين يشكلان أغلب حجم التداولات العقارية.
وأرجع تقرير "بيتك " التراجع إلى تأثر القطاع بأسعار النفط غير مستقرة منذ منتصف العام 2014 وعجز الموازنة العامة، وهو ما دفع الكويت إلى ترشيد الإنفاق العام.
من ناحية أخرى، يشير الخبير العقاري، توفيق الجراح، إلى اتجاه عدد من ملاك البنايات الاستثمارية إلى اتخاذ خطوات جادة لتخفيض أسعار الإيجارات، بغرض الاحتفاظ بالمستأجرين لديهم، خصوصا مع رؤيتهم للأعداد الغفيرة من البنايات التي يتم بناؤها في محيط عقاراتهم.
ويضيف الجراح لـ "العربي الجديد"، أن "ملاك البنايات الجديدة يسعون إلى استقطاب المستأجرين عن طريق خفض الإيجار قليلا عن البنايات المحيطة لضمان الإقبال على الشقق، لكن تلك الخطوات تتم بشكل غير رسمي، بمعنى أن يتم إبلاغ المستأجرين بتخفيض الإيجار بنسب تتراوح ما بين 10% و15%، مع تسليمهم إيصالات شهرية بقيمة الإيجار نفسها، وإبقاء العقد على ما هو عليه".
ويوضح أن سبب الإجراء هو أن مالك العقار لا يرغب في توضيح التخفيض في الإيصالات الرسمية لتفادي ثبات قيمة الإيجار حتى بعد تغير وضع السوق إلى الأفضل وعودة النشاط إلى السوق من جديد في المستقبل، ويتسنى له رفع الإيجار حال تغير الظروف، ولا سيما أن القانون لا يسمح للمالك برفع الإيجار إلا بعد مرور خمس سنوات على العقد.
ويرى الجراح أن المعطيات الحالية تشير إلى أن القطاع العقاري سيشهد المزيد من التراجع بعد خروج شريحة كبيرة من الشركات منه لعدم قدرتها على الاستمرارية متأثرة بحالة الركود العام التي يشهدها القطاع خلال الفترة الحالية.