بدأت ملامح انفراج لمعاناة اللاجئين السوريين بتركيا، بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي منح تركيا ثلاثة مليارات يورو لتأمين احتياجات اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.
بيد أن جملة من الأسئلة بدت على شفاه السوريين منذ قمة بروكسل الثلاثاء الماضي، لعل أهمها، كيف سيتم توزيع المساعدات للسوريين، وهل ستكون عينية مادية مباشرة أم عبر تحسين الخدمات وواقع معيشتهم، وهل ستتكفل تركيا منفردة بالأمر أم سيكون للائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة المعارضين والمقيمين بتركيا، دور؟
ويرى المتخصص بالشأن التركي أحمد حسن، أن الاتفاق المبدئي، بين الأوروبيين وتركيا، سيكون بتشكيل لجنة عليا مشتركة، تتولى إدارة الصندوق الذي ستوضع فيه المساعدات المالية والقابلة للزيادة، ليتخصص عمل الصندوق بجانبين، الأول، خدمي يركز على أهم ملفين معقدين للسوريين وهما الصحة والتعليم، مع خطة لتجهيز بنية أرضية متكاملة لستة مخيمات على شكل مدن صغيرة تتسع لمليوني سوري.
وأنشأت تركيا منذ بدء موجة النزوح نحو أراضيها في عام 2011، عدة مخيمات بهدف إيواء اللاجئين، غير أن تلك المخيمات لم تستوعب أكثر من 260 ألف سوري، بينما اضطر أكثر من مليوني لاجئ للعيش في المدن التركية ضمن شروط صعبة، حيث لم تتمكن أنقرة من صياغة قوانين تضمن لهم أذون العمل وعقود تضمن حقوقهم كاملة.
أما الجانب الثاني بحسب حسن، فسيتعلق بالشق الإنمائي، بحيث يراعي إيجاد آلية لمشاريع صغيرة ومتوسطة وكبيرة تستوعب العمالة السورية وتضمن لهم أذون عمل وعقودا رسمية، وتعطي مجالا استثماريا للسوريين المقتدرين ماليا، وكذلك تضبط عمل أكثر من مائة منظمة دولية ومدنية تعمل في تركيا مع السوريين ضمن فوضى. ويؤكد حسن لـ "العربي الجديد": "حسب مصادرنا في الحكومة التركية فإن هناك قوانين قريبة ضمن المائة يوم الأولى من عمر حكومة العدالة والتنمية، تتعلق بجانب العمل والصحة والتعليم والاستثمار للسوريين".
وذكر أن المبلغ المقدم من الاتحاد الأوروبي غير كاف لتحقيق نتائج تطمح لها الدول الأوروبية بمنع الهجرة عبر إقناع المهاجرين بتوفير فرص جيدة، لكن أنقرة تراهن على أن حسن إدارتها لهذا الصندوق سيشجع الاتحاد الأوروبي لاحقاً على زيادة المبلغ عبر مبادرات للأمم المتحدة.
وركزت قمة بروكسل الأخيرة على طلب المساعدة من تركيا للحد من تدفق اللاجئين السوريين باتجاه أوروبا، وخاصة بعد التفجيرات التي شهدتها فرنسا 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقال فرانس تيمرمانس، النائب الأول لرئيس المفوضية الأوربية، في بيان عقب قمة بروكسل التي حضرها رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: "سيتم توفير مبلغ الدعم المالي لتركيا اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني 2016".
ولم يصدر عن أنقرة إلى الآن، بحسب المحلل الاقتصادي التركي جهاد آغيرمان، أي تفاصيل عن كيفية استخدام المساعدات التي حصلت عليها من الدول الأوروبية، "لكني أعتقد أن المبلغ (3.1 مليارات دولار) لن يُمنح لتركيا دفعة واحدة، بل ربما يوزع على مراحل وبإشراف الأمم المتحدة".
وأضاف آغير مان لـ "العربي الجديد" أن تركيا أنفقت منذ بداية اللجوء السوري لأراضيها نحو 8.5 مليارات دولار، ولم تستغل ظروف اللاجئين أو طلب دعم دولي باسمهم، ولكن أمام المطالب الأوروبية بمنع وصول السوريين لأراضيها عبر تركيا، يحتم على الدولة التركية مزيداً من العمل والإنفاق التي أتوقع أن تركز على تحسين المعيشة والخدمات الصحية والتعليمية، في المخيمات وخارجها".
من جانبه، توقع الباحث السياسي التركي، محمد زاهد غل، أن يتم توزيع المساعدات عبر مؤسسة "آفات" التابعة لرئاسة الوزراء التركية والمتخصصة بشؤون اللاجئين السوريين، عبر نقل الموازنات للمؤسسات والوزارات التي تساعد السوريين، سواء داخل المخيمات أو خارجها. وقال إن أغلب المساعدات ستنصب على قطاعات التعليم والصحة وتحسين ظروف السوريين بالمخيمات.
اقرأ أيضا: النظام السوري يُبرم صفقات غذاء فاسدة
وحول إمكانية توزيع المساعدات ماديا، عن طريق قسائم (بطاقات شراء)، قال غل لـ "العربي الجديد": "القسائم موجودة بطبيعة الحال في المخيمات، وهناك قسائم للاجئين خارج المخيمات تمنح كل ثلاثة شهور"، مشيراً إلى بدء تحسن واقع اللاجئين السوريين في تركيا على صعيد الإقامات والصحة والتعليم.
ويتوزع السوريون داخل تركيا، فضلاً عن المدن، على نحو 20 مخيماً في تجمع مخيمات كلس وتجمع مخيمات أورفا والإصلاحية ومخيم اديمان ومخيم ملاطية لذوي الاحتياجات الخاصة، إذ يزيد عدد السوريين اللاجئين بعموم الأراضي التركية عن مليونين ونصف المليون سوري، بحسب الإحصاءات التركية.
المعارضة السورية
ولا تعرف الحكومة السورية المؤقتة إن كان لها دور في توزيع تلك المساعدات أم أن الملف بيد أنقرة كاملا. وقال نائب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة نغم الغادري، حول التنسيق التركي مع الائتلاف لتوزيع المساعدات الأوروبية: "لا تنسيق حتى الآن، نحن تمثيل سياسي وقد يكون التنسيق مع الحكومة المؤقتة".
وأضافت الغادري لـ "العربي الجديد": "لدينا جملة من الإشكاليات نتمنى مراعاتها خلال توزيع المساعدات للسوريين، منها أن السوريين بتركيا ليسوا جميعهم مسجلين كلاجئين، فإن تم التوزيع على المسجلين فقط، فهذا يعني ترك القسم الآخر بلا مساعدة ما يدفعه ربما لتفكير بالهجرة"، والأهم بنظر الغادري، هو مصير اللاجئين داخل الأراضي السورية، الذين يعيشون ظروفا أصعب من اللاجئين بالمخيمات التركية، خاصة مع فصل الشتاء.
واقترحت الغادري أن يذهب جزء من المساعدات إلى منظمات المجتمع المدني في سورية لتساعد النازحين، "على الأقل كي لا يفكروا بالمجيء لتركيا أو الهجرة غير الشرعية، بسبب ظروفهم السيئة ومحاصرتهم بالقصف الروسي وبرد الشتاء".
لكن التنسيق، حتى الآن على الأقل، لم يتم مع الحكومة المؤقتة بحسب ما أكد لـ "العربي الجديد" نائب رئيس الحكومة نادر عثمان.
وقال عثمان في تصريح لـ "العربي الجديد": "لم يتم حتى الآن التنسيق بين الحكومة التركية والحكومة السورية المعارضة بشأن شكل وآلية توزيع المساعدات التي حصلت عليها تركيا من دول الاتحاد الأوروبي، ربما لأن الأتراك يعتبرون السوريين على أراضيهم شأنا تركيا وسيادياً".
ووصل عدد السوريين الذين يحتاجون لمساعدات إنسانية لنحو 13.5 مليون شخص، بزيادة 1.2 مليون شخص خلال الشهور العشرة الأخيرة وفق تقديرات الأمم المتحدة.
اقرأ أيضا: المنطقة الآمنة في سورية..تحديات الإعمار والتشغيل وتوطين اللاجئين
بيد أن جملة من الأسئلة بدت على شفاه السوريين منذ قمة بروكسل الثلاثاء الماضي، لعل أهمها، كيف سيتم توزيع المساعدات للسوريين، وهل ستكون عينية مادية مباشرة أم عبر تحسين الخدمات وواقع معيشتهم، وهل ستتكفل تركيا منفردة بالأمر أم سيكون للائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة المعارضين والمقيمين بتركيا، دور؟
ويرى المتخصص بالشأن التركي أحمد حسن، أن الاتفاق المبدئي، بين الأوروبيين وتركيا، سيكون بتشكيل لجنة عليا مشتركة، تتولى إدارة الصندوق الذي ستوضع فيه المساعدات المالية والقابلة للزيادة، ليتخصص عمل الصندوق بجانبين، الأول، خدمي يركز على أهم ملفين معقدين للسوريين وهما الصحة والتعليم، مع خطة لتجهيز بنية أرضية متكاملة لستة مخيمات على شكل مدن صغيرة تتسع لمليوني سوري.
وأنشأت تركيا منذ بدء موجة النزوح نحو أراضيها في عام 2011، عدة مخيمات بهدف إيواء اللاجئين، غير أن تلك المخيمات لم تستوعب أكثر من 260 ألف سوري، بينما اضطر أكثر من مليوني لاجئ للعيش في المدن التركية ضمن شروط صعبة، حيث لم تتمكن أنقرة من صياغة قوانين تضمن لهم أذون العمل وعقود تضمن حقوقهم كاملة.
أما الجانب الثاني بحسب حسن، فسيتعلق بالشق الإنمائي، بحيث يراعي إيجاد آلية لمشاريع صغيرة ومتوسطة وكبيرة تستوعب العمالة السورية وتضمن لهم أذون عمل وعقودا رسمية، وتعطي مجالا استثماريا للسوريين المقتدرين ماليا، وكذلك تضبط عمل أكثر من مائة منظمة دولية ومدنية تعمل في تركيا مع السوريين ضمن فوضى. ويؤكد حسن لـ "العربي الجديد": "حسب مصادرنا في الحكومة التركية فإن هناك قوانين قريبة ضمن المائة يوم الأولى من عمر حكومة العدالة والتنمية، تتعلق بجانب العمل والصحة والتعليم والاستثمار للسوريين".
وذكر أن المبلغ المقدم من الاتحاد الأوروبي غير كاف لتحقيق نتائج تطمح لها الدول الأوروبية بمنع الهجرة عبر إقناع المهاجرين بتوفير فرص جيدة، لكن أنقرة تراهن على أن حسن إدارتها لهذا الصندوق سيشجع الاتحاد الأوروبي لاحقاً على زيادة المبلغ عبر مبادرات للأمم المتحدة.
وركزت قمة بروكسل الأخيرة على طلب المساعدة من تركيا للحد من تدفق اللاجئين السوريين باتجاه أوروبا، وخاصة بعد التفجيرات التي شهدتها فرنسا 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقال فرانس تيمرمانس، النائب الأول لرئيس المفوضية الأوربية، في بيان عقب قمة بروكسل التي حضرها رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: "سيتم توفير مبلغ الدعم المالي لتركيا اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني 2016".
ولم يصدر عن أنقرة إلى الآن، بحسب المحلل الاقتصادي التركي جهاد آغيرمان، أي تفاصيل عن كيفية استخدام المساعدات التي حصلت عليها من الدول الأوروبية، "لكني أعتقد أن المبلغ (3.1 مليارات دولار) لن يُمنح لتركيا دفعة واحدة، بل ربما يوزع على مراحل وبإشراف الأمم المتحدة".
وأضاف آغير مان لـ "العربي الجديد" أن تركيا أنفقت منذ بداية اللجوء السوري لأراضيها نحو 8.5 مليارات دولار، ولم تستغل ظروف اللاجئين أو طلب دعم دولي باسمهم، ولكن أمام المطالب الأوروبية بمنع وصول السوريين لأراضيها عبر تركيا، يحتم على الدولة التركية مزيداً من العمل والإنفاق التي أتوقع أن تركز على تحسين المعيشة والخدمات الصحية والتعليمية، في المخيمات وخارجها".
من جانبه، توقع الباحث السياسي التركي، محمد زاهد غل، أن يتم توزيع المساعدات عبر مؤسسة "آفات" التابعة لرئاسة الوزراء التركية والمتخصصة بشؤون اللاجئين السوريين، عبر نقل الموازنات للمؤسسات والوزارات التي تساعد السوريين، سواء داخل المخيمات أو خارجها. وقال إن أغلب المساعدات ستنصب على قطاعات التعليم والصحة وتحسين ظروف السوريين بالمخيمات.
اقرأ أيضا: النظام السوري يُبرم صفقات غذاء فاسدة
وحول إمكانية توزيع المساعدات ماديا، عن طريق قسائم (بطاقات شراء)، قال غل لـ "العربي الجديد": "القسائم موجودة بطبيعة الحال في المخيمات، وهناك قسائم للاجئين خارج المخيمات تمنح كل ثلاثة شهور"، مشيراً إلى بدء تحسن واقع اللاجئين السوريين في تركيا على صعيد الإقامات والصحة والتعليم.
ويتوزع السوريون داخل تركيا، فضلاً عن المدن، على نحو 20 مخيماً في تجمع مخيمات كلس وتجمع مخيمات أورفا والإصلاحية ومخيم اديمان ومخيم ملاطية لذوي الاحتياجات الخاصة، إذ يزيد عدد السوريين اللاجئين بعموم الأراضي التركية عن مليونين ونصف المليون سوري، بحسب الإحصاءات التركية.
المعارضة السورية
ولا تعرف الحكومة السورية المؤقتة إن كان لها دور في توزيع تلك المساعدات أم أن الملف بيد أنقرة كاملا. وقال نائب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة نغم الغادري، حول التنسيق التركي مع الائتلاف لتوزيع المساعدات الأوروبية: "لا تنسيق حتى الآن، نحن تمثيل سياسي وقد يكون التنسيق مع الحكومة المؤقتة".
وأضافت الغادري لـ "العربي الجديد": "لدينا جملة من الإشكاليات نتمنى مراعاتها خلال توزيع المساعدات للسوريين، منها أن السوريين بتركيا ليسوا جميعهم مسجلين كلاجئين، فإن تم التوزيع على المسجلين فقط، فهذا يعني ترك القسم الآخر بلا مساعدة ما يدفعه ربما لتفكير بالهجرة"، والأهم بنظر الغادري، هو مصير اللاجئين داخل الأراضي السورية، الذين يعيشون ظروفا أصعب من اللاجئين بالمخيمات التركية، خاصة مع فصل الشتاء.
واقترحت الغادري أن يذهب جزء من المساعدات إلى منظمات المجتمع المدني في سورية لتساعد النازحين، "على الأقل كي لا يفكروا بالمجيء لتركيا أو الهجرة غير الشرعية، بسبب ظروفهم السيئة ومحاصرتهم بالقصف الروسي وبرد الشتاء".
لكن التنسيق، حتى الآن على الأقل، لم يتم مع الحكومة المؤقتة بحسب ما أكد لـ "العربي الجديد" نائب رئيس الحكومة نادر عثمان.
وقال عثمان في تصريح لـ "العربي الجديد": "لم يتم حتى الآن التنسيق بين الحكومة التركية والحكومة السورية المعارضة بشأن شكل وآلية توزيع المساعدات التي حصلت عليها تركيا من دول الاتحاد الأوروبي، ربما لأن الأتراك يعتبرون السوريين على أراضيهم شأنا تركيا وسيادياً".
ووصل عدد السوريين الذين يحتاجون لمساعدات إنسانية لنحو 13.5 مليون شخص، بزيادة 1.2 مليون شخص خلال الشهور العشرة الأخيرة وفق تقديرات الأمم المتحدة.
اقرأ أيضا: المنطقة الآمنة في سورية..تحديات الإعمار والتشغيل وتوطين اللاجئين