لأنّ الظلّ لا يحتاج منزلاً

06 ديسمبر 2016
فرانسوا مورلي / فرنسا
+ الخط -

قبل أن أموت، وضعَ ظلّي يدَه على مقبضِ الباب
ثم دَخَلَ إلى منزلي، لكنه سرعان ما خرج
لأنّ الظلَّ لا يحتاجُ منزلا  
وقف في الشارع يبحثُ عن جسدٍ حيٍّ يُناسبُ مزاجَه
لكنه لم يجدْ، فاختبأ في ظلِّ شجرةٍ على الأرض
كي لا يراه أحد، لكنه خرجَ لأنه لم يفعل شيئاً ليختبئ
مع أنّ الناسَ تخافُ من ظلٍّ دونَ صاحبِه
وعندما هبطت العتمةُ صار حراً بلا لون
النَّاسُ تفقدُ ظلَّها في العتمةِ وحين تموت فقط
عندما كنت صغيراً اتفقت مع ظلي مرةً أنْ أذهبَ إلى المدرسة دونَه، وعندما سألني المعلم لماذا أبكي
قلت له، تركت ظلّي وحيداً في المنزلِ فظن أنني مجنون
ولم يكلمني طوالَ السنة حتى أنه طلب من أبي أنْ ينتبَه عليَّ أكثر، لكن أبي لم يصدّقه لأنه هو الآخر كان يتركَ ظلِّه في المنزلِ ويعيش دونَه
حتى أنه قال لي إنّ الظلَّ تسليةُ السجينِ، وهو ما تلهو به فتاةٌ صغيرةٌ تراه للمرةِ الأولى على يدها، فلا تتركه
ومع ذلك فكّرت أنْ أهديَ ظلّي لابنةِ الجيرانِ فلم تقبل فصرت أمشي قربَها حتى يلتقيَ ظلّي بظلِّها وبعد ذلك أسألُ ظلي عن طعمِ ظلِّها ولونِ ملابسِه ورائحةِ عطره
لكنه لم يخبرني لأنّ الظلّ لا يتكلم
ومنذ ذلك الحين وأنا أّعلمُه اللغةَ كي أبادله الكلام
أو يتصلَ بي إنْ ضاعَ في إحدى المدن.
بعد سنواتٍ قرّر أنْ يفتحَ فمَه
طالباً مني أنْ أصمت
ولم يكلّمني بعدَها.


* شاعر فلسطيني مقيم في موسكو
المساهمون