كيف سيكون شكل ثاني انتخابات استثنائية في عراق ما بعد 2003؟

21 ديسمبر 2019
يطالب المتظاهرون بانتخابات مبكرة ونزيهة(حسين فالح/فرانس برس)
+ الخط -
بات خيار الانتخابات المبكرة في العراق هو الأكثر قرباً من أي وقت مضى، خاصة بعد تأييد المرجع الديني في النجف علي السيستاني، ما اعتبر في المحصلة موافقة جديدة على أبرز مطالب المتظاهرين، وهو ما باتت تؤيده أيضاً قوى سياسية أخرى أبرزها، تحالف "النصر" و"التيار الصدري" و"جبهة الإنقاذ"، تماشياً مع رغبة الشارع وتجنباً لمواجهة شعارات ساخطة في ساحات التحرير ترصدهم دون غيرهم، على غرار ما حصل لأحزاب مقربة من إيران في وقت سابق.

في ظل وجود تساؤلات تخص شكل قانون الانتخابات الذي ستُجرى بموجبه، والجهة التي ستكون مشرفة على العملية الانتخابية، فإنه في حال أجريت هذه الانتخابات فإنها تعد ثاني عملية انتخابية تجرى في ظروف استثنائية بعد الانتخابات التي جرت في 30 يناير/كانون الثاني 2005 لانتخاب جمعية وطنية (برلمان انتقالي)، وتمت تلك الانتخابات قبل إقرار الدستور الذي صوت عليه العراقيون في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته جرت وفقاً لمواده أربعة انتخابات دورية أعوام (نهاية 2005، و2010، و2014، و2018).

ووفقاً لعضو في اللجنة القانونية النيابية، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنّ الكتل البرلمانية بدأت منذ، صباح السبت، حراكاً مكثفاً للتوصل إلى اتفاق بشأن مواد قانون الانتخابات المختلف عليها، خصوصاً المادة (15) التي تتعلق بتوزيع الدوائر الانتخابية.



وأوضح المتحدث أن "المقترح الذي يتوافق مع رغبات المتظاهرين هو أن يتم تقسيم العراق إلى دوائر انتخابية صغيرة يكون الانتخاب فيها فردياً، مستدركاً "إلا أن القوى الكردية وبعض الأطراف السياسية العربية السنية والشيعية تعترض عليه لأنها تعتقد أن هذا القانون يفكك أحزابها ويحرمها من الحصول على مقاعد تناسب حجمها في البرلمان الجديد".

وأشار في هذا الصدد، إلى أن الحوارات بشأن العملية الانتخابية لن تنتهي عند قانون الانتخابات إذ توجد مهمة أخرى لا تقل صعوبة تتمثل بالجهة التي ستقوم بالإشراف على العملية الانتخابية، مبيناً أنّ "القوى السياسية لا تزال غير متفقة، هل تذهب باتجاه القضاة المستقلين، أم تدعم خبراء وأساتذة جامعات ومتخصصين ليكونوا أعضاء بمجلس المفوضية الجديد".

ورأى رئيس منظمة "حمورابي" لمراقبة الانتخابات، عبد الرحمن المشهداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحل الأسلم لإدارة الانتخابات المبكرة هو بتشكيل مفوضية انتخابات من القضاة تستعين بقضاة محليين في كل دائرة انتخابية.

وشدد على أنّ "الإشراف الدولي على الانتخابات أمر ضروري جداً"، مستدركاً "إلا أنه لن يكون متوفراً بسهولة بسبب وجود 54 ألف محطة انتخابية وقد تصل إلى 60 ألف محطة في الانتخابات المقبلة، وهذا العدد من المحطات يحتاج إلى نحو 100 ألف مراقب محلي ودولي وهو أمر يصعب تحقيقه".

وبيّن المشهداني، وهو أحد اعضاء فريق الخبراء المكلف من قبل رئيس الجمهورية، برهم صالح، بكتابة قانون انتخابات جديد؛ أن الأجواء كانت تشير إلى ضرورة إجراء انتخابات مبكرة منذ الفترة التي سبقت الاحتجاجات، موضحاً أن الانتخابات أصبحت الآن ضرورة بسبب العجز التشريعي والتنفيذي.

وأشار إلى أن "الجميع ينتظر إجراء انتخابات مبكرة بحلول منتصف العام المقبل"، مبيناً أنّ "الانتخابات المبكرة في حال أجريت فإنها لن تكون مجرد انتخابات تكميلية لإتمام ما تبقى من عمر البرلمان الحالي، بل ستفرز برلمان وحكومة جديدين عمرهما أربع سنوات من 2020 حتى 2024".

إلا أن عضو لجنة التعديلات الدستورية البرلمانية النائب، يونادم كنا، يعتقد أن توقيت إجراء الانتخابات المبكرة مرتبط بشكل قانون الانتخابات المنتظر أن يتم التصويت عليه في مجلس النواب قريباً، مرجحاً بأن إمكانية إجراء الانتخابات خلال عام في حال أبقي على كل محافظة دائرة انتخابية واحدة.

وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، "أما في حال تقسيم كل محافظة إلى دوائر انتخابية فردية صغيرة فإن الأمر يتطلب وقتاً أطول بسبب وجود قضايا صعبة أبرزها التباين في عدد سكان الأقضية والبلدات"، لافتاً إلى أن الحالة الثانية تتطلب جهود فنية كبيرة وبالتالي لا يمكن إجراء الانتخابات بشكل سريع.

وبحسب ناشطين في احتجاجات بغداد، تحدث إليهم "العربي الجديد"، فإن موعد الانتخابات المبكرة غير مهم بالنسبة لهم بقدر أهمية وجود قانون انتخابات عادل، مؤكدين أن الأهم من ذلك كله هو الجهة التي ستدير العملية الانتخابية التي طالبوا بأن تكون نزيهة ومحايدة، لأن مجالس المفوضية التي أشرفت على الانتخابات السابقة تسببت بعمليات تزوير كبيرة نتج عنها بقاء الأحزاب الحاكمة ذاتها في السلطة.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق، في وقت سابق، عن استعدادها لمساعدة العراقيين في مراقبة الانتخابات المقبلة بالتزامن مع دعوات لناشطين ومهتمين بالشأن الانتخابي بضرورة وجود إشراف دولي.

وشهد العراق مطلع عام 2005 انتخابات لاختيار جمعية وطنية انتقالية أصبح نتيجتها إبراهيم الجعفري رئيساً للوزراء، وبعد إقرار الدستور، جرت أربع عمليات انتخابية دورية، أُولاها في ديسمبر/كانون الأول 2005 ترأس خلالها نوري المالكي مجلس الوزراء، ثم عام 2010 نال فيها المالكي ولاية ثانية، أما انتخابات 2014 فجاءت بحيدر العبادي رئيساً للحكومة، وأخيراً انتخابات 2018 التي نتج عنها وصول عادل عبد المهدي إلى رئاسة الوزراء.