كيف ستكون أسعار النفط في 2015‏؟

24 ديسمبر 2014
أسعار النفط تؤثر على اقتصادات الدول (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
هنالك العديد من سيناريوهات لأسعار النفط الخام وخصوصاً لخام برنت في العام 2015. وهنالك العديد من ‏أوراق العمل والدراسات المعمقة حول توقعات الأسعار في العالم، منها دراستان، الأولى صدرت عن الوكالة الدولية للطاقة، والثانية عن وحدة ‏الاستطلاعات في صحيفة "وول ستريت جورنال".‏
الدراسة الأولى للوكالة الدولية للطاقة (‏IEA‏) تتحدث عن سيناريو زمني لا يتعدى الفصلين ‏الاول والثاني من العام 2015، وترى الدراسة أن الدول المنتجة ستعاني من انخفاض كبير في وارداتها ‏بواقع 40 %، وانخفاض في سعر البنزين بواقع دولار واحد، وانخفاض في إنفاق ‏الدول المستهلكة يقدر بـ 500 مليار دولار. وهذا التوقع، نتيجة استمرار الإمدادات خارج الطلب ‏المحدد عالمياً، وتزايد الإنتاج من النفوط غير التقليدية (الصخور الزيتية). وتذهب التوقعات للقول إنه، باستثناء قطر والسعودية، فإن تأثير انخفاض الاسعار للنفط على الموازنات العامة سيكون ‏كبيراً جداً وخصوصاً للدول التي تعاني من نزاعات أو مواجهة لقوى الإرهاب وفي مقدمتهم "‏داعش" وغيرها.‏
والدراسة الاستطلاعية الثانية التي أجرتها وحدة الاستطلاعات في صحيفة "وول ستريت ‏جورنال"، أشارت إلى أن معدل سعر البرميل لمطلع عام 2015 وصولاً للنصف الثاني من ‏العام ذاته، سيتراوح بين 69.32 دولاراً إلى 72.10 دولاراً للنفط الخام وفقاً لأسعار بورصة ‏نيويورك لعام 2014.‏
وهنا الأحجية بين اقتصاديات الدول المنتجة للنفط وبين مشاريع التنمية لقطاع الطاقة في هذه ‏الدول. إذ إن اقتصاديات الدول المنتجة للنفط تعتمد على عائدات النفط والغاز، وفي حال ‏تعثر أسعار النفط والغاز سينعكس على الموازنة المالية للدولة، وبالتالي في حال تراجع ‏أرباح النفط سينخفض الإنفاق الحكومي مما يبطئ معه بقية القطاعات الاستراتيجية ‏لاقتصاديات هذه البلدان.‏
وتشير المعلومات الحكومية إلى أنه في حال تفاقم انخفاض أسعار النفط قد تقوم الحكومات ‏بإجراءات تقشفية أولاً، ومن ثم إذا هبطت الى ما دون الـ 50 دولاراً، فإن الدول والحكومات ‏قد تلجأ الى خفض رواتب العاملين في القطاع الحكومي أولاً، وإيقاف مشاريع الإعمار ‏بصورة كلية (المشاريع الاستثمارية الحكومية) مما يفضي إلى انخفاض أو كساد في السوق ‏المحلية للدولة وتلك الإقليمية.‏
وعلى الرغم من أن المؤسسات المالية تشير إلى أنه لا خوف على الاقتصاد العالمي من هذه الأزمة (‏أزمة انخفاض أسعار النفط) كون الدول عملت على اتخاذ تدابير التحوط جراء آثار الأزمة ‏المالية العالمية 2008 – 2009، خصوصاً أن سعر النفط بلغ أدنى مستوى له ‏في 2009، العام الذي اندحر فيه الاقتصاد العالمي نحو الانكماش، حيث نزل إلى ما دون 50 ‏دولاراً للبرميل.‏
الإشارات الأخرى لانخفاض أسعار النفط تترافق مع صدور تقرير عن البنك الدولي، يشير إلى أن ‏الخسائر الناتجة من الحرب الأهلية في سورية والأحداث الدامية لمكافحة الإرهاب في العراق ‏وما ترتب عنها في دول الجوار وصلت إلى ما يقارب 35 مليار دولار من الإنتاج.‏
ففي كل من سورية والعراق، سجل نصيب الفرد من الدخل تراجعاً وصل إلى 23 و28% على التوالي. ويؤكد التقريرأن أبرز أسباب هذا التراجع تتمثل في تراجع حجم قوة العمل السورية ‏إضافة إلى تدمير البنية التحتية وفرض ‏حظر تجاري على سورية. كما أشار التقرير إلى أن التكلفة ‏المستقبلية الناشئة عن هذه الأزمات الاقتصادية ستكون مرتفعة جداً على الاقتصاديات غير ‏النفطية.‏
إذن أين الدول المنتجة للنفط من كل ما تقدم؟ الأسعار ستتهاوى في الستة أشهر المقبلة، لكن يبقى الأمل، فمع عيد الميلاد المجيد والدخول في عام 2015، لابد أن تطرح ‏الدول المنتجة للنفط، سواء كانت داخل الأوبك أو خارجه، حزمة من السياسات المنعشة لآمال ‏الجمهور. وتقوم هذه الحزمة على تنويع عائدات الاقتصاد الوطني، وتعزيز ‏الثقة بالقطاع الخاص، والقدرة على الاستمرارية في جذب الاستثمار الخارجي.‏
إن السعي إلى التكييف الحقيقي مع أسعار النفط، سيكون السبيل لنجاح الدولة النفطية، ‏وبالمقابل، إن السعادة التي غمرت الدول المستهلكة للنفط، لابد أن تندفع نحو أفق جديد ‏للاستفادة من الوفورات المالية للنفط في دعم البنى التحتية وقطاعات الاستثمار في الإنسان ‏من أجل خلق الوظائف الجديدة في سوق العمل وتحقيق النمو الاقتصادي.
المساهمون